عاشت الحركة الوطنية التونسية اثر الحرب العالمية الثانية مرحلة جديدة تميّزت بارتفاع وتيرة النضال الوطني في مواجهة قوى الاستعمار الفرنسي من ذلك تأسيس الجبهة الوطنية التونسية التي ضمت جميع الحساسيات السياسية بالبلاد منها الحزب الحرّ الدستوري الجديد والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. وانعقد مؤتمر ليلة القدر في 23 أوت 1946 الموافق ليوم 26 رمضان. وقد ضمّ هذا المؤتمر الفصائل والفروع الوطنية بالبلاد الذين أجمعوا على المطالبة بإلغاء نظام الحماية والمطالبة بالاستقلال. لقد جاءت بادرة تنظيم مؤتمر ليلة القدر بإمضاء أحمد بن ميلاد أحد أعضاء الحزب القديم وقد اقترح التنسيق مع أعضاء الحزب الجديد باتصاله لهذا الغرض بالمناضل المنجي سليم. ومن هذا المنطلق نقول إن المناضلين المنجي سليم وأحمد بن ميلاد هما أهم شخصين عملا على تنظيم المؤتمر وانجاحه ولقد كان التنظيم دقيقا وشاقا وتطلب جهودا كبيرة لإجراء الاتصالات ولإقناع الناس وللتمويه على السلط الاستعمارية. وسجل مؤتمر ليلة القدر مشاركة الحزب الحرّ الدستوري بقيادة القاضي العروسي الحداد الى جانب الحزب الدستوري الجديد والاتحاد العام التونسي للشغل والمستقلين والزيتونيين. قرارات وتوصيات المؤتمر شهد مؤتمر ليلة القدر في نهاية أشغاله صدور لائحة من ابرز ما جاء فيها: إن المؤتمر الوطني التونسي المنعقد في 26 رمضان المعظم عام 1365ه الموافق ل 23 أوت 1946 بعد ما درس حالة البلاد السياسية واستمع الى مختلف الخطباء صادق بالاجماع على العريضة التالية: «حيث أن البلاد كانت قبل سنة 1881 دولة ذات سيادة مرتبطة بالخلافة العثمانية بواسطة روحية أكثر منها سياسية. وحيث ان سيادة البلاد التونسية معترف بها من مجموع الدول وقد أيدتها المعاهدات التي أبرمت مع الدول الأجنبية. وحيث أن فرنسا التي كانت تؤيد نظرية استقلال البلاد التونسية لدى الحكومة العثمانية قد فرضت على تونس معاهدة وقع عليها الأمير الصادق باي تحت الضغط ولم يصادق عليها الشعب.. وجاء أيضا: وحيث ان التونسيين قد حرموا في بلادهم من الحريات الأولية حريات التفكير والنشر والقول والاجتماع والتجوّل حتى أن الخمس والستين سنة التي مرت على الحماية قضى منها التونسيون أكثر من عشرين سنة تحت الحكم العسكري العرفي والباقي تحت نظام البوليس وجاء في خاتمة اللائحة: فلهذه الاعتبارات يصرح المؤتمر التونسي الوطني بأن الحماية نظام سياسي واقتصادي لا يتفق مطلقا مع مصالح الشعب التونسي الحيوية ولا مع حقه في التمتع بسيادته ويؤكد بأن هذا النظام الاستعماري بعد تجربة خمس وستين سنة قد حكم على نفسه بالاخفاق ويعلن عزم الشعب التونسي الثابت على السعي في استرجاع استقلاله التام وفي الانضمام الى جامعة الدول العربية ومجلس الأممالمتحدة والمشاركة في مؤتمر السلام.