الخطباء أنواع كثيرة فمن حيث زمن الخطبة منهم من يطيل الخطبة إلى حد لا يطاق ويخرج عن مألوف الشرع الحنيف ومنهم من يقصرها قصراً مخلاً أما من حيث الموضوعية فمنهم من يعالج قضايا مجتمعه ويقتصرها على الجوانب السياسية البحتة ومنهم من يعالج قضايا مجتمعه ويقتصرها على الجوانب الاجتماعية المختلفة ومنهم من يعالجها من كافة جوانبها السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وغير ذلك ومنهم من يعرض عن ذلك ويجعلها وعظية في المقام الأول والأخير دون التعرض من قريب أو من بعيد لقضايا مجتمعه وكأنه يعيش في كوكب اخر . والفيصل بين كل هؤلاء جميعاً هو هدي النبي محمد- القائل: ( من فقه الرجل : قصر الخطبة وطول الصلاة ) أي : أن علامة فقه الرجل ليس بكثرة كلامه في الخطبة إنما يعرف فقهه من طول صلاته وجوامع الكلم يعني الكلام القليل ذو المعاني الكثيرة والبلاغة مراعاة الكلام لمقتضى الحال . فليتعلم خطباؤنا الذين يسيئون إلى مستمعيهم وليحذر مثيروا الفتن ومفتعلوا المشاجرات في المساجد أثناء الخطبة أو بعدها تحت أي مسمى إن المساجد لم تبن لهذا بل بنيت لما قاله الحق تبارك وتعالى : ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ وقال سبحانه وتعالى : ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36)رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(37)لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ .