تزخر تونس بالعديد من الاثار والرواد في المجال الموسيقي الذي كان للرشيدية دورها الكبير والاساسي في ترسيخ هذا التمشي الوطني وقبلها كان ديرلانجي.. هذا المناخ الموسيقي التونسي الأصيل كان محمد التريكي أحد فرسانه عندما التحق بالرشيدية ليصبح قائدا ومهندسا ومنفذا ومؤرخا لمسيرة رائدة لهذه الفرقة الموسيقية العريقة. ومحمد التريكي من مواليد تونس العاصمة يوم 25 ديسمبر 1900.. اكتسب ثقافة موسيقية ودخل الميدان الفني من أوسع ابوابه. كان تعلقه بالموسيقى منذ نعومة اظافره، فوالده كان من اقطاب شيوخ العيساوية، فقد كان شيخ حضرة بزاوية سيدي علي عزوز، منه تلقى الابن فنون المالوف والمجرد والادوار والاغاني الصوفية. كبر طموح الشاب محمد التريكي وازداد منسوب الولع بالموسيقى فبادر بدراسة وتعلم الترقيم الموسيقى بمدرسة نهج المحطة ثم بالمدرسة العلوية تحت اشراف أساتذة أوروبيين كما درس العزف على آلة الكمنجة التي أصبح من أمهر العزفين عليها. التقى محمد التريكي سنة 1919 الأستاذ احمد فاروز المصري فتعلم على يديه أدوار الشيخ سيد درويش ثم اخذ عنه كيفية مزج النغمات الموسيقية وتسليكها من بعضها بتركيب الجمل في نفس المعنى. وفي 1920 تفرغ محمد التريكي للاحتراف الموسيقي كعازف كمنجة ويشارك بذلك في العديد من الفرق الموسيقية قبل ان يبادر ببعث فرقة موسيقية خاصة به يقودها بنفسه. تعرف على الملحن الشيخ خميس الترنان وتوطدت العلاقة الفنية بينهما وكان من ثمار هذه العلاقة الوطيدة تأسيس فرقة موسيقية معا كان من أبرز الأصوات فيها أشهر الأصوات الغنائية في فترة العشرينات والثلاثينات على غرار دليلة الطليانية وحسيبة رشدي وغيرهما. وفي 1935 تلقى دعوة رسمية من الأستاذ مصطفى صفر مؤسس الرشيدية وعرض عليه الانضمام الى المعهد الرشيدي ليصبح بذلك رقما فاعلا فيه بعد الاتفاق معه على تدوين نوبات المالوف والتراث من الرواة حتى لا يتلاشى... وهي المهمة الفنية النبيلة التي سخر لها محمد التريكي كل جهده. انطلق محمد التريكي في الجلوس الى شيوخ المالوف وطلب منهم ان يسمعوه ما يحفظوه من نوبات. يتبع