تونس (الشروق) تقع جزيرة جربة في خليج قابس بالجنوب الشرقي للبلاد التونسيّة وتظلل بهذا الاسم على مجموعة من المدن والقرى المنتشرة بالجزيرة الحالمة والتي تمسح 514 كلم² وتاريخيا أحدثت بها أوّل نواة بلدية في 15 ديسمبر 1887 وذكر العلاّمة ابن خلدون بأن أصل التسمية يعُود أساسا إلى فرقة من قبائل «لماية» البربريّة. الموقع الاستراتيجي ويؤكد الباحثون أن أوّل من قام باحتلال الجزيرة هم سكّان بحر إيجي وتداول بعدهم عليها الفينيقيون في القرن 12 وكانت «عاصمتها» حومة السوق. وسكان جربة الحاليون هم خليط بين «الجرابة» الأصليين ومن القادمين من داخل الجهات ممّن دامت إقامتهم بالعمل والمصاهرة والتملك إلى جانب مزيج من الجالية «الخارجية» التي عشقت المكان والزمان وانصهرت في النسيج الإجتماعي لتنعم بالعيش الآمن وعمّروها بغراسة الأشجار وصناعة الفخار والأرجوان ممّا ساهم في ازدهار المبادلات التجاريّة. إلى جانب الرومان والوندال الذين آختاروا الموقع لاستراتيجيته ووفرة خيراته فشيّدوا القلاع التاريخية والأبراج الدفاعيّة التي يعود بعضها إلى القرن الخامس عشر ميلادي وتعرّضت الجزيرة إلى كثير من الغزوات الغادرة والطامعة على غرار حملات الملك روجار وألفونسو الخامس الأرغوني والملك فريدينالو خلال سنوات 1134و1269و1432. قوة الانتساب ووقع فتح الجزيرة على يد الصحابي «رويفع الأنصاري» وشهدت أيضا عدّة صراعات زعامية ومذهبية ومحاولات بالإستقلال عن السلطة المركزية وفي كلّ الوقائع برز المتساكنون الأصليون لجربة بالصلابة والشدّة والتضامن للدفاع عن حرمة البحر والأرض متجاوزين الخصائص القبلية والمذهبية. وهذه الحقبات التاريخية خلفت مجدا حضاريا وإرثا تراثيا متنوّعا في كلّ مواقع الجهة والذي يقدم البعض من «ومضاته» في المهرجانات والتظاهرات الثقافية المتعددة التي تعبق بثراء التاريخ والتراث المادي واللامادي. قطب سياحي وتعدّ جزيرة جربة قطبا سياحيا عالميا شهيرا يعتمد على منطقة سياحية راقية بها أكثر من 100 نزل وعمق تاريخي وتنوع حضاري وشواطئ جميلة ومناخ متعدل وتنوع بيئي جعل من جربة مقصدا دائما بما يفوق المليوني سائح سنويا ويتكامل قطاع السياحة مع النهضة الفلاحية المتنوعة الأنشطة في البرّ والبحر إضافة إلى تعدّد الحرف والمهن التقليدية وقدرة «الجرابة» على تقديم المتنوجات وتسويقها بحرفية قبولا وترويجا.