بعد «مدام كنزة» و«العفشة مونامور» تعود الممثلة وجيهة الجندوبي إلى الركح في نفس النوعية وهي الكوميديا السوداء ب»وان وومن شو» بعنوان «بيغ بوسة» وذلك في مراهنة أخرى على الأداء الفردي نصا وتمثيلا هذه المرة. «الشروق» مكتب الساحل: العرض هو الأول في مدينة سوسة احتضنه المسرح البلدي موفى الاسبوع الماضي حافظت فيه وجيهة على قاعدتها الجماهيرية الكبرى مثلما حافظت على أداءها المتميز مرسخة مبدأ عدم المساومة في القيمة الفنية والتي دعمتها بسينوغرافيا موظفة في دقة وذكاء شكلت بدورها نصا داخل النص من خلال شخصية مواطنة عادية تم اقتراحها في منصب وزيرة ومنها تتفرع الأحداث ضمن معادلة الواقع والخيال بين ما هو كامن وما يجب أن يكون. وجيهة قدمت قراءة ساخرة للواقع الاجتماعي والسياسي التونسي تجسمت في مواقف وإن بدت كوميدية ولكن في باطنها تراجيديا في ظل التناقضات المعيشة والوضع «المتعفن» الذي يعيشه التونسي فجسمت وجيهة بقدراتها التعبيرية المسرحية العميقة عدة شخصيات ناقدة عدة مواضيع لا ينفصل فيها السياسي عن الاجتماعي من مردود السياسيين وآثاره على المجتمع، كيفية إدارة الوزارات وسياسة المحاباة والولاءات دون الكفاءات مرورا بواقع المواطن البسيط، وضعية المرأة، ظاهرة الشهرة المصطنعة ، الإرهاب... وحللت وجيهة الجندوبي في كل ذلك مفارقة واجب المسؤولية ومسؤولية الواجب والوطنية والمواطنة معتمدة على الرمزية من جهة والمباشراتية في جانب آخر، والتي في جانب منها أثرت سلبا على إيقاع المسرحية، كما اعتمدت الإيماء والإيحاء والتلميح والتصريح موظفة طاقة حركية تعبيرية ثرية متنوعة في انسجام مع مقاطع موسيقية ومؤثرات ضوئية وصور تجسمت في شاشات خلفية وجانبية أعطت للعرض أبعادا ثلاثية تعبيرية. وإضافة إلى ذلك تمّ تشريك الجمهور من خلال تقنيات تنشيطية تفاعلية يستعملون فيها هواتفهم لاقتراح أسئلة تحضر بها «الوزيرة» ندوتها الصحفية وأخرى تكتشف فيها شعبيتها ونجاحها في المسؤولية فكان فصلا رمزيا تشاركيا ذكيا أضفى على العرض تكاملا بين المتفرج والشخصية المسرحية التي اختتمت العرض بصيغة مباشراتية لم تخلُ من إرشاد وتوجيه لم تتعود به وجيهة في أعمالها من خلال جمل أخرجت فيها عنوان المسرحية من رمزيته جاء فيها «يزيونا من ناس جايا للوزارات صدفة... البلاد حاجتها بلي عينيها على العلم والي ينحي من فمو ويعطي للزواولية... وبيغ بوسة انحب نعطيها لشباب تونس...» وبادلها الجمهور بقبل أكثر حرارة معبرين عن استحسانهم لهذا العمل الذي رسخ مكانة وجيهة الجندوبي كواحدة من الكبار في نوعية مسرحية تعترف بالملكية الإبداعية ولا بالرؤية الاستنساخية.