هو أبو يعقوب يوسف الدهماني ولد في الساحل التونسي بداية القرن السادس هجري، كان من أعلام طريق الإرادة وكبار مشايخه، وكان له في ابتداء أمره رياضة ومجاهدات وصدق معاملات، سمع الفقه على الشيخ أبي زكرياء ابن عوانة ولازم مجلسه وانتفع به وسمع الحديث على أبي ﻣﺤﻤّﺪ عبد الله بن حوط ورحل إلى بجاية سنة 570 هجري للقاء الشيخ أبي مدين شعيب بن موسى ، ثمّ رحل إلى الحجّ سنة 595 هجري ولقي الشيخ أبا عبد الله القرشي رضي الله عنه وجماعة من شيوخ المتصوفين . وورد في المناقب الدهمانية لمحمد حسن أن هذا الشيخ الوقور مر في حياته بمرحلتين :المرحلة الأولى اتصف فيها بالشجاعة والطموح فقد تعلم الفروسية وفنون الحرب وشارك في التصدي لغزوات النورمان على مدينة المهدية . وخلال المرحلة الثانية انتقل أبو يعقوب إلى ما يسمى «توبة الأعراب»أي العدول على نمط الحياة السابق المتسم بالقوة والتوجه نحو نمط جديد قوامه التقوى والزهد والتزام التصوف . واتفقت له مع الشيخ أبي عبد الله كرامات ينقلها جماعة من العُلَماءِ مثل أبي عبد الله القرطبي وأبي العبّاس القسطلاني وغيرهم . قال أبو عبد الله القرطبي: كأني أنظر إلى بياض قدميه في الهواء، ثمّ قدم إلى القيروان فنشر بها الميعاد وهدى الله على يديه أمما كثيرة من الأعراب والبوادي فنقلهم من اكتساب الحرام والضرار بالناس إلى ملازمة الطاعة والاشتغال بالعبادات . وقال أبو سلام قاسم المازري: كنت نائما وزوجتي بقربي فأيقضتني وقالت رأيت شجرة من زيتون عظيمة قلعت وكأن في كل بلد من البلاد فرع من فروعها، فقلت لها: هذا موت رجل عظيم من الأكابر، وما بإفريقية غير الشيخ أبي يوسف ورجل أو رجلين، فبينما هي تتحدث بذلك إذ ضرب على الباب فخرجت و إذا بفقير من أصحاب الشيخ يبكي فقال يا سيدي توفي الشيخ وأمر أن تغسله فدخلت وأخبرتها وخرجت معه فغسلته وجهزته وكان ذلك قبل الفجر ليلة عاشوراء في المحرم سنة 621 هجري وعمره اثنان وسبعون عاما. سميت الدهماني باسمه وأثناء القيام برحلته هذه مر الشيخ أبو يوسف بمنطقة «إبة» ( الدهماني بولاية الكاف حاليا ) أين قضى ليلته فتعرف على المنطقة وعلى الأهالي الذين أكرموا وفادته وأعجبوا بتقواه وبما تمتع به من سعة علم . وبعد رحيله أقاموا له زاوية تخليدا لزيارته، و هي توجد اليوم بالفضاء المخصص لجامع الصلاة (في حي سيدي الدهماني) الذي أنشئ مع مطلع ثمانينات القرن العشرين . ومع مطلع السبعينات وبأمر رئاسي أطلق الحبيب بورقيبة على «إبة قصور» تسمية الدهماني نسبة إلى الولي الصالح ليصبح الاسم الجديد نافذ المفعول بموجب الأمر 523 المؤرخ في 3 نوفمبر 1973.