قارن المؤرخون الاوروبيون هارون الرشيد بشارلمان فجعلوا قصر الرشيد كقصر شارلمان على ما فيه من قصص حب وغراميات وشراب ورقص وغناء فشوهوا حياة الرشيد في كتبهم وفكرهم . لقد جعلوا الرشيد ومجالسه كحياة شارلمان ومجالسه وظن الاوروبيون ان حياة النعيم والمال والسلطة لا يمكن ان تكون الا بالنساء والراقصات وبالخمور والحفلات الحمراء فالصقوا ما في قصور ملوكهم بالرشيد اما جهلا وانعدام ادراك او حقدا وسوء قصد . وساعد على تشويه صورة الرشيد في اذهان الغرب ايضا الروايات البيزنطية فقد حطم الرشيد كبرياء نقفور ولعل وقع تلك الرسالة التاريخية التي ارسلها اليه مازال صداها مدويا عبر الازمان والتي قال فيه هارون « من امير المؤمنين هارون الرشيد الى كلب الروم نقفور قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه ...» وقاد بنفسه جيوشا جرارة، ولقّنه درسا لا يُنسى، فعاد إلى أداء الجزية صاغرا، بعد أن خضع أمام قوة المسلمين .ولقد فعلت هذه الحادثة فعلها في نفوس البيزنطيين فكيف يوجه الرشيد مثل هذه الرسالة الى نقفور وهو المصلح الديني في عصره . والخلاصة ان الروايات البيزنطية والكنسية الغربية التي جعلت الرشيد بطل الف ليلة وليلة وساهمت في تشويه حياة الرشيد انما تنم عن حقد دفين وافتراء وتعصب صليبي اعمى . ولكن لسائل ان يسأل لماذا شوهت سيرة هارون الرشيد بالذات من دون خلفاء بني العباس كالمنصور او المأمون او المعتصم . يذهب عدد من المؤرخين والباحثين المعاصرين الى ان السبب يعود الى ان عهد الرشيد كان بحق ذروة الحضارة الاسلامية وقمة تقدمها العلمي بما عم فيها من خير ورفاه مع القوة والعزة والمنعة، حيث بلغت بغداد برعايته وحكمته ذروة القوة في كل شيء سياسة وعلوما واقتصادا فقد كانت الدولة الاقوى في العالم كله . وعلى ذلك فان الطعن والتشويه الموجه للرشيد موجهان اساسا ضد الحضارة العربية والاسلامية . ان الطعن المباشر العلني ضد الاسلام طريقة جربها اعداؤه فلم تجد نفعا فردة الفعل عند المسلمين قوية لرد الطعن او التشويه فلجأوا الى الطعن الخفي والتشويه غير المباشر وهي طريقة اعتمدها الصليبيون والحاقدون والجاهلون الذين تتلمذوا على يديهم فاشترك في الهدف حقد نقفور ملك البيزنطيين وروايات الكنيسة التي ناصرت شارلمان واستشراق جعل خيالات الف ليلة وليلة روايات عربية بطلها الرشيد مع حقد شعوبي فارسي متمثل في البرامكة ومن ارخ لهم من الطالبيين . ان دولة الرشيد التي جعلها الحاقدون دولة ابي نواس ودولة الجواري ودولة الف ليلة وليلة هي دولة اعلام العلم والاختراع والحضارة فقد ضمت خيرة من انجبتهم الامة الاسلامية مثل جابر بن حيان الكوفي الذي كان وثيق الصلة بالرشيد ويعمل في مختبره وبامواله وهو الذي قال عنه عالم الكيمياء الفرنسي برتيللو :»ان كل الباحثين في هذا العلم من بعده كانوا عالة عليه نقلا وتعليقا وانه اول واضع للقواعد العلمية لعلم الكمياء». يتبع