في غَمرة الفَرحة بالعيد تلقّى الترجي القرار الصّادم والظّالم ل «الكَاف» التي أمرت بإعادة الشّطر الثاني من «فينال» رابطة الأبطال بعد أن كان مُمثّل تونس قد تسلّم اللّقب واحتفل مع جماهيره بالسيادة الإفريقية. وقد خلّف هذا القرار جدلا واسعا واستياءَ عميقا في تونس خاصة في ظل النيل من أمن واستقرار البلاد عبر الإدعاءات الكاذبة لرئيس «الكَاف». مُمثّل بَارع أثناء لقاء الترجي والوداد في رادس قام رئيس الكنفدرالية الإفريقية أحمد أحمد ب»السّطو» على صلاحيات الحكم الغمبي «باكاري غاساما» وتقرّر ايقاف المباراة وتسليم الكأس للترجي بأمر من اللّجة التي تشكّلت على عين المكان. وقد أشرف أحمد أحمد بنفسه على مراسم تتويج الترجي بحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد وفي ظروف عادية ومُشابهة تقريبا لما حصل في نهائي النسخة الفارطة بين الترجي والأهلي (نوفمبر 2018). وكانت كل المؤشرات تُوحي بأن «الكاف» عاقبت الوداد على الانسحاب غير المُبرّر من الميدان خاصة أن تعطّل تقنية الفيديو لا يُلغي أبدا مواصلة اللّعب («الفار» ليس من الشروط الأساسية). وترسّخ الإقتناع في صفوف الجميع بأن اللقب الإفريقي أصبح في قبضة الترجي ولا أحد كان يتصور أن أحمد أحمد بصدد تقديم مسرحية سيئة الإخراج. الفصل الأوّل من هذه التمثيلية يكمن في إسناد اللّقب للترجي أمّا الفصل الثاني فإنه يتمثّل في إعادة المباراة إرضاءً للأشقاء المُرتطبين بعلاقات «مشبوهة» مع أحمد أحمد. «استبلاه» للتونسيين لن نُبالغ في شيء إذا قلنا إن الملغاشي أحمد أحمد «استبله» الشعب التونسي بأكمله بعد أن سلّم اللقب الإفريقي للترجي فجر 1 جوان وبحضور رئيس الحكومة شخصيا قبل أن يتراجع عن قراره في غضون ساعات معدودة (يوم 5 جوان في باريس وسط الكثير من القيل والقال عن التدخلات الجانبية من الفاعلين في الكرة والسياسة). وقد كان حَريا برئيس «الكَاف» احترام العقول وهيبة الدولة التونسية لا إغراق الجمهور في أمواج الفرح ثمّ مُصادرتها بتلك الطريقة «الشيطانية» والتي تكشف عن النوايا السيئة للملغاشي أحمد أحمد. التُهمة الأخطر لم يكتف رئيس «الكَاف» بالدفع نحو إعادة اللقاء بل أنه وجّه اتهامات خطيرة للدولة التونسية من خلال التأكيد على هَشاشة الأوضاع الأمنية. ويَعتبر أحمد أحمد أن المباراة كانت خارج نطاق السيطرة وهو ما جعله «يتحايل» على الجميع ويُسلّم اللقب بصفة ظرفية للترجي قبل أن يُعلن في مرحلة موالية عن تجريده من حقّه المشروع. ومن الواضح طبعا أن حكاية الضّعف الأمني هي الكذبة الأكبر التي جادت بها قريحة رئيس «الكاف» الذي كان مُعزّزا مُكرّما ولم تُلمس منه شعرة واحدة.. وكيف يحصل هذا والرجل كان يقف كتفا لكتف مع الشاهد؟ والحقيقة أن هذه التُهمة خطيرة وتتجاوز بكثير الإطار الرياضي لتضرب صورة تونس في الصّميم خاصّة أن الأمر يتعلّق بالتشكيك في أمننا وهو ما أثار أيضا حفيظة الحكومة التي ردّت بقوة على هذه الإفتراءات واصفة ما حدث بالمهزلة ومُشيدة في الوقت نفسه بالسلطات الأمنية وهي درعنا الواقي. وبعيدا عن الشعبوية يمكن القول بصوت عال إن القضية لم تعد تعني الترجي فحسب بل أنها تهمّ الدولة التونسية التي أساء أحمد أحمد إلى سمعتها زورا وبُهتانا. ولاشك في أن مِثل هذه الإفتراءات تتطلّب تدخّلات وتحركات على أعلى المستويات ليتأكد الجميع أن تونس آمنة رغم الداء والأعداء. وليعلم أحمد أحمد و»أولياء نعمته» في البلدان المُجاورة بأنّنا وقفنا في وجه الإرهاب ونستقبل 8 ملايين سائح أويزيد بفضل رجالنا البواسل والذين لا تعوزهم لا العزيمة ولا الامكانات لتنظيم أكبر «الفينالات» وقد كان رئيس «الكَاف» نفسه شاهدا على البعض منها (الترجي والأهلي في 2018 والترجي والوداد في 2019). طعنة في الظهر على هامش لقاء الترجي والوداد في تونس أدى رئيس «الكَاف» زيارة مُجاملة لجامعة كرة القدم وقد عبّر الرجل عن انبهاره الكبير بالعمل المُنجز مُعتبرا أن جامعتنا حقّقت السّبق في عدّة مجالات. ولم يترك أحمد أحمد أيّ هامش للشك في ثقته في جامعة الجريء خاصّة بعد تجاوز حالة الفتور التي كانت تسيطر على علاقة الطرفين. وقد كان من المفروض أن يكون أحمد أحمد في مستوى هذه الثقة لا أن يطعن الطرف التونسي من الخلف. هيمنة المغرب جاءت أزمة «فِينال» رابطة الأبطال لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك هيمنة الطرف المغربي على دائرة القرار في «الكَاف». ويفرض المنطق والقانون مُعاقبة الوداد بفعل الانسحاب من الميدان لا هضم حقوق الترجي وإعادة اللّقاء. ومن شبه المؤكد أن أحمد أحمد دفع «الحلف» الذي تقوده المغرب (بمساندة من عدة دول في غرب إفريقيا) نحو إعادة المباراة رغم أنف القانون والمسؤولين المُعترضين على هذه الأباطيل. وقد بان بالكَاشف الولاء المُطلق لأحمد أحمد للطرف المغربي خاصة بعد أن وفّرت له المملكة الدعم المعنوي والمالي وحتى السياسي لتثبيت حكمه مُقابل تقديم خدمات جليلة ل»بلده الثاني». وهذه الخدمات تكمن طبعا في دفع «المشروع» التي وضعته جامعة فوزي لقجع والمغرب عُموما في سبيل تغيير «موازين القوى» في المنطقة وذلك بطريقة تضمن الريادة القارية للأندية والمنتخبات المغربية ومن بعد ذلك تنظيم المونديال وكانت الفرصة ملائمة لتحقيق جظء من هذا الحلم في 2019 بعد بلوغ نهضة بركان والوداد «فينال» كأسي افريقيا فضلا عن تواجد المنتخب المغربي الشقيق في «الكان». وكان لقجع نفسه قد قال بأن الوقت حان لسحب البساط من تحت أقدام تونس ومصر بحجّة سيطرتهما على الكرة الإفريقية في العقدين الأخيرين وذلك بدعم من الحكام (الطريف أن لقجع وفريقه نهضة بركان يواجهان أيضا تُهمة توظيف التحكيم). الثابت إذن أن تونس وقعت بدون ارادتها في قلب صراع المحاور رياضيا وسياسيا وبالطبع اقتصاديا وسياحيا والذي يجمع المغرب ومصر ومن يدور في فلكهما ليدفع الترجي الثمن ويسطو الاتحاد الافريقي بواسطة رئيسه على الترجي ومن ورائه على بلد كامل وينتزع منه حقوقه المشروعة. بين المغرب ومدغشقر العلاقة القائمة بين المغرب وأحمد أحمد تتجاوز بكثير المصالح المشتركة في الكرة لتشمل الروابط العائلية والتاريخية. ولا يخفى على أحد أن جمهورية مدغشقر تحتلّ مكانة خاصّة في الذاكرة المغربية بحكم أن البلد الإفريقي كان استقبل محمّد الخامس عند نفيه من قبل السلطات الفرنسية في خمسينيات القرن الماضي. ويبدو أن العلاقات الأسرية والكروية بين أحمد أحمد والطرف المغربي ليست سوى امتداد لهذا الجسر الرابط منذ عقود بين المملكة المغربية ومدغشقر. لا للمُزايدات استغل البعض كِذبة الهشاشة الأمنية التي تحدث عنها أحمد أحمد للمُزايدة على تونس التي أنهكتها الانفلاتات لكن دون النيل من قدراتها التنظيمية للتظاهرات السياسية والثقافية والرياضية في كرة القدم واليد والطائرة والسلة وحتى في كرة القدم المُصغّرة. ولا يُمكن للأشقاء بأي حال من الأحوال أن يُزايدوا علينا في موضوع الأمن ولا حتى في التنظيم والبِنية التحتية التي تعاني عندنا من بعض المشاكل وهذا الأمر موجود أيضا في المغرب (بدليل استقبال الوداد لترجي في الرباط بسبب أشغال الصيانة في معقله في الدار البيضاء). ولا مجال أيضا للمُزايدات على صعيد «نظافة» اللعبة خاصة أن القاصي والداني يعرف بأن الكرة التونسية والمغربية تتنفس الهواء نفسه وتعيش المشاكل ذاتها مع الجريء ولقجع وهما للأمانة وجهان لعملة واحدة. نقطة مُضيئة من النقاط المضيئة في أزمة «الشومبيانزليغ» نذكر التعاطف الشعبي الواسع مع الترجي وذلك ليقين الجميع بأن القضية أصبحت تتعلّق بتشويه تونس وتقديمها على أنها غارقة في الفوضى وأن مناعتها الأمنية ضَعيفة. تصعيد في ردّه على قرار «الكاف» أعلن الترجي «الحرب» على أحمد أحمد مؤكدا أن أيامه معدودة وأن نهايته قد تكون على يد «المكشخين» وذلك حسب ما جاء على لسان وليد العارم. ويؤكد الترجي في الوقت نفسه أنه لن يتنازل عن حقوقه معتبرا أن الهياكل الدولية ستُنصفه وترفع عنه الظلم خاصة أن مُمثّل تونس حسم «المعركة» في الملعب وسجل ذهابا وإيايا. ولا يتحمّل الترجي مسؤولية تعطّل «الفَار» وإيقاف اللقاء بسبب انسحاب الوداد وهو الطرف الذي كان من المفروض أن تُسلط عليه أشد العقوبات لا مكافأته بإعادة اللّقاء في أرض مُحايدة (وهو ما يتعارض مع القانون وحتى مع «العدالة الرياضية» بحكم أن مباراة الذهاب دارت في المغرب ومن المفروض أن يتمتّع الترجي بإمتياز مُماثل في الإياب). رأي آخر في زحمة التَفاعلات التي تلت قرار إعادة المباراة ظهرت بعض الدعوات لعدم اللجوء إلى الهياكل القضائية ودفع الترجي لخوض «شوط ثالث» مع الوداد وهزمه على الميدان لتكون هذه السابقة درسا بليغا في الإستحقاق الرياضي الذي يتعارض مع لعبة الكواليس والإنتصارات المحسومة في المكاتب. مصدر رسمي ل «الشروق» الحكومة ستتحرّك بقوة للدفاع عن حقوق الترجي أكد مصدر رسمي في تصريح ل «الشروق» أن الحكومة التونسية ستتحرك بقوة خلال الساعات والأيام المقبلة للدفاع عن الحقوق المشروعة للترجي والتصدي للقرارات الظالمة للاتحاد الافريقي لكرة القدم والتي ضربت عرض الحائط بالقوانين المنظمة للعبة كرة القدم ومسابقة رابطة أبطال افريقيا . وأضاف المصدر أن رئيس للحكومة يوسف الشاهد عبر عن استيائه الشديد مما أتاه الاتحاد الافريقي وخصوصا تشكيكه غير المبرر وغير المقبول إطلاقا في قواتنا الأمنية التي أمنت كابهى ما يكون عرس الدور النهائي في ملعب رادس مؤكدة حرفيتها العالية في مثل هذه المواعيد الكبرى . وأشار مصدرنا الى أن تونس ستوفر كل الامكانيات المادية والأدبية والديبلوماسية لمساعدة الترجي على استرجاع حقوقه وإفشال المخطط الذي دبر في الكواليس من قبل الجهات المغربية بمساعدة من رئيس الاتحاد الافريقي . وفي هذ السياق أيضا أوضح المصدر أنه من غير المستبعد أن تجري اتصالات على مستوى عال مع الأطراف المعنية في الاتحاد الدولي لتوضيح الصورة الحقيقية لما حدث في ملعب رادس كما يتوقع أن تدعم الحكومة بتعليمات من يوسف الشاهد الملف الذي سيتقدم به الترجي الى المحكمة الرياضة الدولية بكل المعطيات والوثائق والمؤيدات المتوفرة والتي تعزز هذا الملف وتساهم في إعادة الحق الى أصحابه. وكان الشاهد علق مساء الأربعاء على قرارات ال «كاف» مشبها إياها بالمهزلة وموجها التحية لقواتنا الأمنية التي تعد مثالا يحتذى به في العالم وقال أيضا في هذا التعليق الذي نشر على صفحته الرسمية «تحية لجمهور الترجي علي انضباطه في المباراة الأخيرة ... لن نسلم في حق الترجي وفي حق اي جمعية تونسية ... التوانسة يد وحدة». عامر البحري ل «الشروق» .. قرار ال «كاف» باطل والهياكل الدولية ستُنصف الترجي في سياق تفاعله مع أزمة رابطة الأبطال أدلى «عميد» المسؤولين الترجين عامر البحري بتصريح ل «الشروق» أكد من خلاله الخُروقات الواضحة التي ارتكبتها «الكاف». ويعتقد الكاتب القار السابق للترجي الرياضي أن قرار إعادة مباراة الترجي والوداد ضِمن إياب الدور النهائي لرابطة الأبطال الإفريقية باطل ولا سند له من الناحية القانونية. ويظن عامر البحري المُتضلّع في القوانين الرياضية أن «الكاف» اختلقت حكاية التهديدات الأمنية لتُعيد اللقاء ويعتبر البحري أن المسألة كانت واضحة ولا تستحق الكثير من الإجتهاد بما الفريق المغربي انسحب ما يعني بصفة آلية فوز الترجي الرياضي. ويؤكد عامر البحري أنه لا يُساوره أدنى شك في نجاح الترجي في كسب قضيته بمجرّد اللجوء إلى الهياكل المعنية (الحديث عن محكمة التحكيم الرياضية). ويضيف محدّثنا أن «التاس» ستنصف مُمثّل تونس ومن المفروض أن تُلغي قرار إعادة المباراة إستنادا إلى الفصلين 11 و15 من القوانين المنظّمة للعبة على صعيد القارة الإفريقية. ويؤكد البحري في السياق نفسه بأن حكاية الهشاشة الأمنية لن تنطلي على الهياكل القضائية ومن المُتوقّع أن تبقى رابطة الأبطال بين أحضان الترجيين. الجدير بالذّكر أن رئيس اللجنة القانونية للترجي رياض التويتي كان قد أكد بأن تحرّك الفريق سيكون رهن الجهة التي أصدرت القرار: أي أنه في صورة كان هذا الإجراء صادرا عن المكتب التنفيذي ل «كاف» فإن الترجي سيلجأ مباشرة إلى «التاس». أمّا إذا كان القرار صادرا عن إحدى اللجان المتفرّعة عن الإتحاد الإفريقي فإنه سيتمّ رفع الأمر إلى لجنة الإستئناف التابعة ل «الكاف» على أن تبقى «التاس» آخر الدرجات في التقاضي.