ولقد كان هذا هو ما جرى بعد ذلك بكل تفاصيله، فقد انتخبت القيادة القطرية الجديدة في تلك الليلة وكانت ممثلة في : أحمد حسن البكر وصدام حسين وكريم الشيخلي وصالح مهدي عماش وطه الجزراوي وعبد الخالق السامرائي وصلاح عمر العلي وعزت مصطفى وعبدالله سلوم. ولأن صدام حسين كان يقظا في تلك الليلة لما يمكن ان تؤدي هذه النتائج اليه من جانب السوريين فقد قدم اقتراحا بقرار الى المؤتمر يقول : (اذا اختلفت القيادتان القومية والقطرية) وأدى هذا الاختلاف الى ان تصدر القومية قرارا بحل القطرية فإن هذه القيادة في القطر العراقي لا تعتبر منحلة إلا امام مؤتمرها. وعلى هذا الاساس تدعو الى عقد مؤتمر استثنائي قطري وتطلب منه ان ينتخب قيادة جديدة). والطريف في الامر ان جميع المؤتمرين بمن فيهم الذين كانوا يسيرون على نهج القيادة السورية وافقوا بالإجماع وكان مغزى هذا القرار في الواقع هو إلغاء كل سلطات القيادة القومية على تنظيم الحزب في العراق. وبعد شهر ونصف فقط من انتهاء المؤتمر سمع اعضاء القيادة القطرية الجديدة (المنتخبة) نبأ (فصلهم) من اذاعة دمشق فلم ينتظروا على الحديد حتى يبرد، فطرقوه على الفور وهو ساخن وعقدوا طبقا لقرار المؤتمر السابق مؤتمرا استثنائيا أعاد انتخاب القيادة القطرية نفسها مرة أخرى. ومن يومها اعلنت القيادة الجديدة القديمة العداء الرسمي السافر لدمشق وحكومتها ووقع الانشقاق الرسمي السافر في الحزب وبدأت داخل العراق حملات مكثفة لتوعية اعضاء التنظيم وتثقيفهم في هذا الاتجاه. وبدت خريطة القيادة حينذاك على هذه الصورة :احمد حسن البكر (امينا للسر) صدام حسين (نائبا لامين السر) وتولى ايضا مسؤولية فرع بغداد والتنظيم النسائي والفلاحي بينما تضمن التنظيم العسكري : احمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وطه الجزراوي وتسلم صلاح عمر العلي مكتب العمال وتولى عبد الخالق السامرائي مسؤولية مكتب الاتصال الخارجي وعزت مصطفى المكتب المهني اما مسؤولية الجهاز الخاص الذي كان يطلق عليه فيما مضى اسما حركيا هو (حنين) فقد تم تشكيله بطريقة اخرى على اساس ان يكون (جهازا صداميا) يتكون من المدنيين الذين يقومون بدور محدد في تنفيذ الثورة وتولى مسؤوليته :صدام حسين نفسه. وسار العمل الحزبي على طريقه الجديد بهمة ونشاط وتقدم دائب واضعا نصب عينيه ان ينهض في العراق بثورة قريبة معتمدا على قواه الذاتية وتحالفاته المدروسة بعناية وتغلغله في التنظيمات والمؤسسات الجماهيرية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية المتمثلة في القوات المسلحة وقبل ذلك كله وبعده على مبادئه المحددة ووضوحه الايديولوجي والفكري. وشيئا فشيئا بدأ العد التنازلي واقتربت ساعة الصفر. يتبع