وعند الفجر أعلنت الجمهورية العراقية على الشعب العراقي والأمة العربية والعالم اجمع نبأ قيام ثورة 17تموز – يوليو المجيدة في القطر العراقي. وبيانها الاول موقع باسم مجلس قيادة الثورة وانتقل (الرئيس) احمد حسن البكر الى مكتبه في القصر الجمهوري وتألفت الوزارة الجديدة طبقا للمخطط الذي كان قد وضع من قبل واحتل عبد الرزاق النايف منصب رئيس الوزراء وابراهيم الداوود منصب وزير الدفاع وحردان التكريتي رئيس اركان الجيش وصالح مهدي عماش نصب وزيرا للداخلية. وخلع صدام حسين بدلة الملازم العسكرية وارتدى بدلته المدنية العادية وحمل بدلا من الرشاش مسدسه عيار 13 العادي. ولم تكن اللحظة مواتية لتصفية عبد الرزاق النايف. كان الضباط الرجعيون يسيطرون تقريبا على معظم المواقع داخل القصر بينما كان اللواء المدرع العاشر معسكرا في منطقة ابي غريب على حدود بغداد بعد ان رفض أوامر عبد الرزاق النايف بالعودة الى موقعه السابق كما توقع صدام حسين بالضبط وبدأ حردان التكريتي يجري – بوصفه رئيسا للأركان – بعض التغييرات في مواقع الضباط وينقل ضباط الصف المنتسبين من خارج بغداد الى بغداد نفسها وبعدها بقليل التحقت دفعة اخرى من ضباط الصف بمواقعها الجديدة في داخل العاصمة ايضا، وصار الوضع افضل بالمعنى النسبي. ولكن (صدام) كان مهموما قلقا في تلك الأيام كما لم يكن كذلك قط في حياته كان يجتمع مع اعضاء قيادة فرع بغداد ويوجههم باتجاه وحدة الحزب والتركيز عليها ويشير الى ان الحزب ليس وحده في الثورة وان هناك (جهة) متحالفة معه دون ان يوضح هذه الجهة حتى لا تكثر التأويلات والتفسيرات. غير ان (حماد شهاب) ايضا كان مهموما وقلقا فرغم انه كان آمر اللواء المدرع العاشر فانه لم يكن عضوا في مجلس قيادة الثورة وإذ رآه صدام في هذا الوضع النفسي في الايام الاولى للثورة سحبه من يده وكانا جالسين بغرفة في القصر وخرجا الى الردهة الخارجية يتمشيان قال له صدام : لماذا انت لست عضوا في مجلس قيادة الثورة؟ انهم الآن مجتمعون.ادخل عليهم غرفة الاجتماع فورا.وقل لهم :اما ان تكون عضوا بالمجلس او ان تقلب الدنيا فإذا قبلوا (زين) وإذا رفضوا (زين) ايضا..ودخل حماد شهاب غرفة الاجتماع في التو.وخرج منها عضوا بمجلس قيادة الثورة. ومع ذلك ظل الهم والقلق يلازمانه والخوف على الثورة لم يزايله قط. صحيح انه في مكتب رئيس الجمهورية يجلس الرفيق احمد حسن البكر ولكن اولئك الذين تسللوا الى الثورة في (حصان طروادة) الجديد السافر هذه المرة يمثلون اخطارا جدية على الثورة وتهديدا حقيقيا لها في أي وقت، بل ان كل لحظة تمر ترسخ اقدامهم كل لحظة تمر في وجودهم هي لحظة مخصومة من عمر الثورة وفضلا عن ذلك فإن تاريخهم الخاص غير النظيف يلقي بظلاله على أفق الثورة ويحيلها في الوجدان العام الذي لم يكن يعرف ما جرى وما يجري الى حركة شبيهة بأي انقلاب عسكري. وأكثر من ذلك فان استمرارهم كان يعني ببساطة اعدام الثورة ووقفها عن النمو بل ودفعها الى الوراء كلما امكن. فحتى شركة النفط الوطنية التي تأسست في عهد عبد الكريم قاسم يريد عبد الرزاق النايف الآن صراحة وفي اجتماعات مجلس الوزراء أن يحلها. يتبع