بعد فيلم «الأمير» للمخرج محمد الزرن، كان لجمهور السينما عشية امس الاول (الاثنين 4 أكتوبر) بقاعة المونديال هاني جوهرية، موعد مع فيلم «باب العرش» للمخرج مختار العجيمي وهو ثاني فيلم تونسي في المهرجان، يعرض لاول مرة امام الجمهور. و»باب العرش» هو أول فيلم روائي طويل للمخرج مختار العجيمي حالفه الحظ ليكون ممثلا للسينما التونسية في المسابقة الرسمية لايام قرطاج السينمائية الى جانب فيلم «كلمة رجال» للمخرج معز كمون. وبناء على هذا الامتياز، كان الفيلم، محل انتظار المئات من المتفرجين، حتى أن قاعة المونديال التي احتضنت عرضه لم تتسع للجحافل العربية التي توافدت على القاعة منذ الساعة الخامسة، أي قبل موعد العرض بساعة كاملة... وأثناء العرض كان الجمهور الواقف اكثر من الجالسين على الكراسي. باب العرش ومن العنوان «باب العرش»، يبدو مفهوم الانتظار واضحا في الفيلم، يدعمه انتظار الجمهور الذي جاء خصيصا على أمل ان «ينفتح له هو الآخر باب العرش»، ويتمتع بفرجة رائقة. و»باب العرش» في الفيلم هو مطمح الصحفي الشاب اللاهث خلف المعلومة او الحقيقة... يتنقل لانجاز تحقيق عن ممارسات مقاولي البناء وظروف العمال، فيوصد امامه «باب العرش»... يقرّر انجاز تحقيق عن تجارة الهوائيات «البارابول» فيكتشف ان صهره المنتظر، قد أوصد الباب هو الاخر، بحكم عمله في هذه التجارة، وبشكل سري... ولما يشرف على بلوغ «الباب» متجاوزا كل القضايا والمشاكل العائلية والاجتماعية، يجد ان المؤسسة الاعلامية رافضة بدورها فتح الباب. حجب الحقيقة ولتبرير كل هذه العراقيل والصعوبات يرسم المخرج لبطله حكايا جانبية هي في الواقع محورية بالنسبة للمجتمع، كالجري وراء المادة بالنسة للصهر المنتظر، والشقيقين اللذين يريدان الاستيلاء على ارض والدهما. أما الام فأملها الوحيد زواج ابنها، شأنها شأن ام الزوجة المنتظرة... أما الفتاة محور الحكاية، فتضطر في النهاية الى فض بكارتها بنفسها حفاضا على شرفها. وسط هذه المشاكل تصبح الحقيقة ثانوية بلا معنى، في حين انها محور القضية. وتبدو المشاكل متعمّدة الهدف منها حجب الحقيقة، ولحجب الحقيقة لابد من إلهاء المجتمع في قضايا ومشاغل اخرى. الرسالة واضحة ولكن وبقدر ما تبدو رسالة الفيلم واضحة، وهي البحث عن الحقيقة او المعلومة بمفهومها الاعلامي والصحفي، لم ينجح المخرج في التعبير عنها، حيث تضمن الفيلم حشوا كثيرا، وحكايات جانبية زائدة بلا مبرر... كما لم يقع التركيز على القضية الجانبية... ومن النقاط السوداء في الفيلم، الاخطاء الفنية الكثيرة مثل اخطاء لصق المشاهد (Raccord)، وأخطاء بناء الشخصيات انطلاقا من وضعها المادي والاجتماعي، اذ لا يعقل ان لا يمتلك رجل ثري آلة غسيل يعوّض بها الغسيل التقليدي في الاواني. كل هذه الاخطاء والنواقص، اضافة الى الايقاع الرتيب والممل للاحداث، حد من قيمة الفيلم الفنية فتحول الى مادة صعبة الهضم، وخصوصا بالنسبة للجمهور العادي الذي راح يتندر بعنوان الفيلم قائلا «لقد اغلق باب العرش في وجوهنا».