عاد الاشتباك مرّة أخرى الى أروقة حركة النهضة وتجدّد الصراع بسبب التسريبات الأولويّة لقائمات الانتخابات التشريعيّة بين المكتب التنفيذي ورئيسه الأستاذ راشد الغنوشي وعدد من القيادات التنظيميّة البارزة يتقدّمهم الثالوث عبد اللطيف المكّي وعبد الحميد الجلاصي وسمير ديلو. الثابت الى حدّ اللحظة أنّ ما عبّر عنه ديلو من «اختناق» وما عبّر عنه المكّي والجلاصي من «ظلم» مرتبط أساسا بالتعديلات التي أجراها المكتب التنفيذي على القائمات الانتخابيّة، حيث أقرّ المكتب التنفيذي تراتبية جديدة لعدد من القائمات انتقل من خلالها سمير ديلو من رئاسة قائمة النهضة ببنزرت الى المرتبة الثالثة في حين تمّت نقلة الجلاصي من تونس 2 إلى نابل والمكي من تونس 1 إلى الكاف بنفس الترتيب أي رئيس قائمة. صلاحيات ومشبك لتجديد الاشتباك ولكن ما رشح من تسريبات وما نشره البعض من المحتجين يُبرز أنّ خلاف القائمات تحوّل الى ما يُشبه المشبك لتحريك صراعات قديمة تعود إلى المؤتمر الأخير، وما عُرف حينها بصراع الصقور والحمائم او الماكينة التنظيمية والخط السياسي الذي يقوده رئيس الحركة وايضا لتعليق استشرافات استباقية في علاقة بمستقبل القيادة داخل النهضة بمناسبة المؤتمر القادم المقرّر سنة 2020. إذ تؤكّد مصادر مطّلعة داخل النهضة أنّ ما قام به المكتب التنفيذي كان وفق صلاحيات منحها القانون الأساسي واللائحة الانتخابيّة ولم يكن مبنيّا على أيّة اعتبارات أخرى، مثلما ذهب الى ذلك القيادي علي العريّض في رسالة موجّهة للنهضويين أبرز فيها المنهجيّة التي اعتمدها المكتب التنفيذي في ضبط القائمات النهائية والتي ترتكزُ على أسس عديدة منها «أخذ الانتخابات القاعدية كمنطلق ومراعاة الثقل السكاني والوزن الانتخابي للنهضة في المحليات ومواصفات النائب ودوره في البرلمان وفِي الحزب وطنيا وجهويا وضمان نسبة من الاستمرارية نقلا للتجربة ومراكمة لها وتسهيلا لعمل الكتلة الجديدة خاصة في البداية ونسبة من التجديد باعتبارها مطلبا عاما وتحقيقا لسنة التداول وإضفاء مزيد من الحيوية في هياكل الحركة، مع الحرص على مواصلة سياسة الانفتاح دعما لمقبولية الحزب وصورته وتوسيعا لقاعدته الانتخابية وعلى الدفع بعدد مهم من القياديين الذين ترشحوا ليكونوا في الكتلة الجديدة دعما لوحدة الحزب ونجاعة عمل الكتلة». وأشار العريّض الى أنّه في هذا الإطار يتنزّل «ترشح الشيخ راشد في العاصمة بكل ما يحمله من رسائل ودلالات ومن تأكيد لأهمية البرلمان ودوره المحوري في نظامنا السياسي ومن تجميع للحركة وجهودها في هذه المعركة السياسية الانتخابية ومن دفع بالحركة إلى صدارة الاهتمام والتركيز السياسي الوطني والعالمي». تمسّك مطلق بمخرجات الانتخاب الجهوي عِوَض الإقرار بصلاحيات المكتب التنفيذي في ممارسة دوره في ترتيب القائمات وفي تفعيل ما أقرّه النظام الأساسي واللائحة الانتخابيّة من ضوابط ومعايير وشروط والتداول في جدوى التغييرات وحجمها انتهى البعض إلى التمسّك المطلق بمخرجات نتيجة التصويت الذي تمّ في الجهات واعتبار المسّ بها «ظلما وحيفا وضربا للديمقراطية الانتخابية داخل الحركة وتصفية لحسابات قديمة»، ونزع البعض إلى تحويل الخصومة الى خصومة شخصية مع رئيس الحركة. الصراع داخل النهضة ليس جديدا، وما نشهده الآن هو استعادة للصراعات القديمة منذ استقالة حمادي الجبالي وخلافات المؤتمر العاشر، هو نفسه تقريبا وإن كان بلبوس مختلف، ولا يبدو أنّ المحتجين على قناعة بما يروّجون له على اعتبارهم قد صادقوا بأنفسهم على القانون الأساسي وهم ايضا اعضاء مجلس الشورى الذي صادق على اللائحة الانتخابيّة، ولكن من المرجّح أنّهم عملوا بشكل متناسق لربح نقاط على حساب المكتب التنفيذي والدائرة القياديّة المركزيّة بشعارات الدفاع عن الديمقراطية الداخلية وهي نفس الشعارات التي تمّ رفعها في الصراعات السابقة، على الرغم من الإقرار الواسع داخل صفوف النهضويين بأنّ الانتخابات التمهيديّة في الجهات لم تفرز ضرورة الشخصيات الوازنة والقادرة على تحقيق النصر الانتخابي فقد خضعت للموالاة ولموازين القوى الراهنة للمنخرطين الناخبين والتي تمتلكُ الآلة التنظيمية القديمة مفاتيحها. لذا تناول المكتب التنفيذي، وفق ما له من تقييم لتجربة التأسيسي ومجلس النواب الحالي، أعضاء القائمات لا على أساس مجرّد مترشحين بل أعضاء مفترضين لمجلس النواب، وهذا ما يفترض التصويب والتعديل. عاصفة ستمرّ... في انتظار عواصف أخرى من المرجّح الآن، وفي ضوء مضامين ما كتبه البعض من القيادات التي شملتها تعديلات التنفيذي أنّ الماكينة التنظيمية للنهضة تسعى للنهوض من جديد بعد أن غطّت عليها فاعلية ونجاعة الخط السياسي القائم على الانفتاح على الكفاءات من خارج الحركة والتقدّم سريعا في تصريف مشروع الفصل بين السياسي والدعوي ودعم ثقافة الشراكة السياسية وتوسيعها وتعزيز مشهديّة الحزب المدني العصري. الهجوم العنيف على المكتب التنفيذي ورئيسه حمّال لدينامية صراع تموقع وتوجُّهات وخيارات كبرى تعيشه النهضة منذ سنوات ولم يستقرّ بعد إلى نهاية هادئة ومرضية للجميع. في النهاية سيقبلُ الجميع بخيارات المكتب التنفيذي، وسيتجاوز الغاضبون مرحلة ردّ الفعل إلى هضم الأمر الواقع التزاما بقوانين الحركة و«روح التنظيم»، ولكن المؤكّد أنّ المعركة لم تنته وسيكون لها أطوار جديدة في المستقبل بدءا من تفاعلات الحصاد الذي ستنالهُ القائمات التي صادق عليها التنفيذي في السابق التشريعي القادم وصولا الى المؤتمر العام سنة 2020 الموعد الأرجح لحسم مستقبل القيادة داخل الحركة وهويّتها الفعليّة وموقعها في المشهد الوطني. صلاحيات المكتب التنفيذي المكتب التنفيذي هو الذي يتولى ضبط القائمات النهائية إذ له «صلاحية تغيير الترتيب وله استثنائيا إضافة عضو للقائمة وله استثنائيا جدا إضافة رئيس للقائمة». (الفصل 112 من النظام الأساسي للنهضة) شروط الترشح على قائمات الحزب في الانتخابات العامة يشترط في المترشح على قائمات الحزب في الانتخابات العامة ما يلي: توفر الشروط التي يحددها القانون الانتخابي. حسن الخلق والأمانة والسمعة الجيدة. عضوية الحزب. أن يكون مقيما بالدائرة الانتخابية أو أصيلها. تسوية الوضعية المالية تجاه الحزب عند تقديم مطلب الترشح. الاشعاع في الدائرة الانتخابية أو البلاد. الالتزام بسياسات الحزب وقرارات مؤسساته. الالتزام بقواعد العمل الديمقراطي. الكفاءة والقدرة على التسيير والتواصل والعمل ضمن فريق. ويمكن ترشيح شخصيات وكفاءات من غير الأعضاء على قائمات الحزب ويتم في هذه الصورة إعفاؤهم من الشرطين الثالث والخامس (فقط). (الفصل 109 من النظام الأساسي للنهضة)