خلال شهر ديسمبر من عام 1928، استقال كلٌّ من فيدرزوني وزير المستعمرات الإيطالي، وديبونو حاكم طرابلس الغرب، وتيروتزي حاكم برقة، فعُيِّن ديبونو وزيرًا للمستعمرات وأعلن موسوليني توحيد الإدارة في القطرين الليبيين، وعين المشير بادوليو حاكمًا على طرابلس الغرب وبرقة. تولّى بادوليو مهامه بداية شهر جانفي من عام 1929، واتبع برنامجًا مبنيًا على كسب الوقت أولًا ثم العمل رويدًا رويدًا من أجل تقوية المراكز المُحتلّة والقضاء على المقاومة الليبيَّة، فقام بتخفيض عدد الجيش إلى القدر الذي يكفي للقيام بحرب العصابات، وحاول الحفاظ على هيبة الحكومة عبر إنفاقه الأموال المتوفرة في مد الطرق في الجبل الأخضر مما يسهل عليه التنقلات العسكريَّة، تمهيدًا للقيام بهجوم شامل كاسح على المجاهدين يقضي عليهم، ولمَّا كانت هذه الخطة تتطلَّب وقتًا، وتخوّفت الحكومة من اطلاع المختار عليها، سعت إيطاليا إلى مفاوضة عمر المختار لتهدئة الأحوال وضمان استقرار الأوضاع للفترة اللازمة فقط. وخلال منتصف فيفري سنة 1929، نزلت قوات المجاهدين من جبل الهروج للانقضاض على النوفلية من جانب وعلى إجدابيا من جانب آخر، فاجتمعت ثم انقسمت ثلاث فرق التحمت إحداها مع الطليان في معركة عند قارة سويد في 5 مارس، واشتبكت الثانية معهم في معركة كبيرة عند النوفلية في 14 مارس، واتجهت الثالثة صوب منطقة العقيلة في 23 مارس، واستقر المجاهدون في جبل سلطان، لكنهم لم يمكثوا طويلًا إذا اضطرّوا إلى الانسحاب أمام القوَّات الإيطاليَّة العظيمة التي توجهت صوب وادي الفارغ. وكان لتلك الأعمال الأثر الأكبر في إقناع بادوليو بضرورة العمل فورًا من أجل استمالة المجاهدين إلى المفاوضة إذا أراد أن يضع برنامجه الواسع موضع التنفيذ، فطلب من أحد القادة العسكريين، وهو العقيد باريلا، أن يُعلم عمر المختار برغبته بالاجتماع به للمفاوضة في شروط الصلح، فحدد باريلا موعدًا للاجتماع دون أن ينتظر جواب المختار، إذ أراد أن ينتهز فرصة اطمئنان المجاهدين لقرب بداية المفاوضات وانشغالهم بعيد الفطر، فانقض الطليان عليهم وهم يؤدون صلاة العيد، لكن المختار ورجاله تمكنوا مرَّة أخرى من ردّ الطليان على أعقابهم. أمام هذا الواقع، كلَّف بادوليو متصرف درنة المدعو «دودياشي» لتمهيد المفاوضة مع عمر المختار وصحبه، فاتصل بالمجاهدين واقترح على المختار أن يكون الاجتماع يوم 2 مارس في منزل علي باشا العبيدي للبحث في موضوع الصلح، غير أنَّ اللقاء طال حتى حصل أخيرًا يوم 20 مارس، إذ كان المختار قد اشترط على الحكومة الإيطاليَّة أن تُظهر حسن نواياها، وذلك عبر إطلاق سراح السيّد محمد الرضا وإعادته إلى برقة من منفاه، ولم يقبل الاجتماع مع أي مسؤول إيطالي قبل حصول ذلك.