كان بناء دار الصناعة وحفر قنال تونس على يد حسان بن النعمان بن عدي الأزدي الغساني بمساعدة ألف قبطي من مصر. ومعروف أنّه قدم إلى إفريقيّة واليا عليها بعد أن لقي زهير بن قيس البلوي حتفه في برقة سنة 69 ه / 688 م ، وكلف بإتمام فتحها فحققه سنة 78 ه بعد انتصاره على البيزنطيين وعلى الكاهنة ملكة البربر . وكانت وفاته حوالي سنة 80 ه / 699 م مواجها الروم . الطالبي (م.) : حسان بن النعمان . - في : دائرة المعارف الإسلامية، ط 2 ، عرّبه رياض المرزوقي في دائرة المعارف التونسية (دامت)، بيت الحكمة ، قرطاج / تونس ، الكراس 4 / 1994 ، ص 51-53. وفي المرجع نفسه مقاله عن الكاهنة، ص 56-61. دمنة : هي المرستان أو البيمارستان الفارسيّة . وهي في لسان العرب مكان تجمّع الغنم وعامّة الحيوان. وفي اصطلاح الأغالبة – في القيروان كما في سوسةوصفاقس ثمّ في تونس في زمن لاحق – مؤسسة استشفائيّة لعزل المرضى ومحاولة مداواتهم ، وخاصة منهم المصابين بالجذام، وهو وباء جرثومي معضل سريع العدوى ، وخاصة منهم المصابين بالجذام ، وهو وباء جرثومي معضل سريع العدوى، ثمّ أصبحت في مرحلة ثانية مأوى للمعوقين والفقراء المعدمين والمصابين بعلل مستعصية وعاهات مزمنة. وهي دون المرستان المعروف في نفس العصر ببغداد، فلم تتطوّر إلاّ في عهد إبراهيم الثاني عندما تأسّست مدرسة القيروان الطبّية بقدوم إسحاق بن عمران وجهود أحمد بن الجزّار .وحسب كتب التراجم كانت توجد قرب جامع السبت أو متّصلة به حيث متحف الزربيّة اليوم.وهي مربّعة أو مستطيلة قليلا، وذات باب يفتح على سقيفة ، على جانبيها غرفتان للحرس ومقعدان مبنيان بالطول يمينا ويسارا للزوّار. والسقيفة تفتح بباب صغير على الصحن الواسع المحاط بالأروقة التي تصطفّ وراءها قرابة ثلاثين غرفة للمرضى والمسنّين مع إضافة مسجد . ولا تسعفنا المصادر بمعلومات أخرى عن نظامها غير إشارات إلى الصدقات عليها من الأمراء والمحسنين في المواسم وفي الأعياد خاصة بدءا بمؤسّسها زيادة الله الأوّل سنة 209 ه / 824 م في ظروف ثورة منصور الطنبذي الشديدة على الأهالي وانتهاء باندثارها مع خراب القيروان بسبب الزحف الهلالي في أواسط ق 5 ه / 11 م . ويعزو ح.ح. عبد الوهّاب تأسيس دمنات سوسةوصفاقسوتونس إلى الأمير الأغلبي أحمد في المدّة ما بين 242 و 249 ه مثلما يعزو العناية بها من بعده إلى ابنه وخلفه إبراهيم الثاني. ودمنة تونس التي يسمّيها مرستانا كانت في تقديره بالمرتفع المعروف اليوم بالمركاض حسب تسميته القديمة بربض المرضى في « المسالك والممالك» للبكري ( ق 5 ه / 11 م ) . و لكنّ المعلومات الثابتة تعلّقت بمستشفى العزّافين الذي أسّسه الحفصيّون وأحياه الأتراك. قال الزركشي إنّ السلطان أبا فارس عبد العزيز ( 1374 – 1433 م ) أسّس مارستانا « بتونس للضعفاء والغرباء وذوي العاهات من المسلمين وأوقف على ذلك أوقافا تقوم به» . ثمّ قال ابن أبي دينار إنّ من حسنات حمّودة باشا المرادي « إنشاء المارستان بحومة العزّافين . وفيه عدّة بيوت في أسفله وأعلاه للمرضى. وجعل له أوقافا للقيام بلوازم الذين يحلّون به منهم وخدمة يخدمونهم وطبيبا ينظر في علاجهم وما يحتاجون إليه من أشربة وأدوية ومن طعام وكسوة وفراش وغير ذلك. وجعل له ناظرا ينظر في أوقافه . وهو اليوم ( 1092 ه / 1681 م ) جار على أحسن أسلوب». ونشر محمد بن الخوجة وثيقة التحبيس التي أصدرها محمّد باشا في أواسط ربيع الأوّل 1073 ه / أكتوبر 1662 والمتضمّنة لعقارات مختلفة في عدّة مدن حسب الجدول الذي أثبته توفيق البشروش . ونوّه الوزير السرّاج بعناية حسين بن علي به، ومثله فعل محمد بن سلامة – في «العقد المنضّد» - في حقّ أحمد باي لزيادة لوازم الجنائز وختان الصبيان من الفقراء. البشروش (ت.) : موسوعة ، ص 97 – 98 ؛ حمريت (علي) : الدمنة أو المرستان في القيروان. – في : المجلة الصادقية ، ع 63 ، ديسمبر 2016 ، ص 15 – 22 ؛ عبد الوهاب (ح.ح.) : ورقات ، 1 / 269 – 294 . ديوان الإنشاء: إحدى المؤسسات الهامة للخلافة أو الإمارة – خاصة في الدولة العبّاسية – نقلا عن التنظيم الإداري الفارسي. و الإنشاء و الكتابة والعلامة تتلخّص في تحرير المراسلات ورسم الأوامر وكتابة السجلاّت الماليّة و غيرها، و ذلك – حسب ابن خلدون – بأن « يضع الكاتب فيها علامته أوّلا و آخرا على حسب الاختيار في محلّها وفي لفظها . ثمّ قد تنزل هذه الخطّة بارتفاع المكان عند السلطان لغير صاحبها من أهل المراتب في الدولة أو استبداد وزير عليه ، فتصير علامة هذا الكاتب ملغاة الحكم بعلامة الرئيس عليه، يستدلّ بها فيكتب صورة علامته المعهودة ، والحكم لعلامة ذلك الرئيس ، كما وقع آخر الدولة الحفصية لمّا ارتفع شأن الحجابة، وصار أمرها إلى التفويض ثمّ الاستبداد، صار حكم العلامة التي للكاتب ملغى و صورتها ثابتة اتّباعا لما سلف من أمرها . فصار الحاجب يرسم للكاتب إمضاء كتابته ذلك بخطّ يضعه و يتخيّر له من صيغ الإنفاذ ما شاء، فيأتمر الكاتب له ويضع العلامة المعتادة . وقد يختصّ السلطان بنفسه بوضع ذلك إذا كان مستبّدا بأمره، قائما على نفسه، فيرسم الأمر للكاتب ليضع علامته.» والثابت – حسب توفيق البشروش – أنّ هذه الخطّة رهينة الصراع السياسي لقرب المتخيّرين لها من شخص السلطان باعتبار أنّ الأوامر لا تصبح نافذة إلاّ بعد تسجيلها والإمضاء عليها. وبذلك يمكن اعتبار ديوان الإنشاء سجلّ الدولة و بمثابة أرشيفها. و لذلك تصارع على هذه الخطّة العلوج و الموحّدون و الأندلسيّون منذ العهد الحفصي ودفع أكثرهم الثمن . في ذلك العهد كانت الكتابة باللغة العربيّة، ومنذ قدوم الأتراك سنة 1574 م أصبحت مزدوجة، فالعربيّة للشؤون المحلّية، والتركيّة للجالية الوافدة من الأتراك والأعلاج . واقتضت تلك الازدواجية اللغويّة تقاسم الخطّة بين الكاتب والخوجة تحت إشراف الباش كاتب وكاهيته، أي الكاتب الرئيس ومساعده. وبفضلها ارتقى بعض الخوجات إلى رتبة داي في ق 17م. ولمّا حكم البلاد أحمد باشا باي عدل عن مراسلة الباب العالي بلغته فاقتصرت الكتابة على اللغة العربية. وتدلّ السجلاّت على تجدّد أسماء المكلّفين بهذه الخطّة دونما رغبة في توارثها رغم قيمتها فقلّ تكرّر اللقب الواحد مرّتين في ق 19م مثل بوخريص والأصرم و بوعتّور وابن ضياف والدرناوي وجعيّط وشويخة وفخري والقليبي والمحرزي والرصّاع ، وكذلك الجلّولي و النوري من صفاقس. والمشهور منهم في دولة محمد الصادق باي وزير القلم أحمد بن أبي الضياف المؤرّخ المصلح بعد أن عرف مكامن الفساد. ابن خلدون : الجزء الأوّل من المقدّمة لكتاب العبر . – تح . إبراهيم شبّوح و إحسان عبّاس ، تونس 2006 ، ص 426 ؛ البشروش (ت.): موسوعة، ص 64 – 66