فرنانة «الشروق»: تعتبر الزردة من الموروث الثقافي القديم الذي توارثته الأجيال وشكلت إلى وقت ليس بالبعيد إحدى المظاهر الثقافية التي تميز عديد الجهات. فبجهة فرنانة كانت «الزردة» حاضرة تقريبا بأغلب القرى والأرياف ولعل أبرزها وأكثرها ثقلا زردة بني مطير بقرية بني مطير التابعة لمعتمدية فرنانة ومثلت هذه المناسبة استعراضا لفرق الفنون الشعبية بالطبل والمزمار وفرق الفروسية ويكون التسوق بالمساحات المجاورة لمقام الولي الصالح بحكم الكم الهائل من الخيام التي تنتصب على امتداد ثلاثة أيام تذبح فيها الذبائح وتباع الحلوى واللعب للأطفال والغلال حسب الفصل. ويقبل زوار القرية وأبناء هذا الولي الصالح والأحباب والأصحاب على الزردة حيث يلتقون في لقاءات حميمية طالما ينتظرونها ويبيت الكثيرون بالخيام وبمقام الولي الصالح ولا شيء يعلو عندهم على صوت الفرحة والبهجة بهذه المناسبة السعيدة التي تتنافس فيها القرى والأرياف . وخلال اليوم الثاني من الزردة يحضر أبناء الولي الصالح قصاع الكسكسي بلحم العلوش ويقدمونها للضيوف الذين يتوافدون بالعشرات على ظهور البغال والحمير كعشاء في عادة تناقلوها عن الأجداد تكرس أصول الضيافة وتنم عن الكرم . و«الزردة» رغم الجانب الثقافي والاجتماعي الذي مثلته في سلوكات المواطن وفي الذاكرة الشعبية فإنها سائرة نحو الاندثار خاصة بعد الثورة حيث سيطر الاعتقاد بأن هذه الممارسات من البدع ووقف الكثيرون بالمرصاد لهذه الممارسات إضافة لتعرض عديد المقامات للأولياء الصالحين للحرق مما قلص بشكل لافت الرغبة في إقامة الزردة بمختلف بهرجها واستعداداتها.