رئيس الدولة يؤكد متابعته المستمرة للأحداث بمدينة قابس، والعمل جارِ بهدف ايجاد حلول عاجلة آنيّة للتلوّث    معلّمة تعتدي بالعنف على تلميذ سنة أولى... لأنه أخطأ أثناء الكتابة    فرنسا: 40.7% من المقيمين من أصول مغاربية يحصلون على الجنسية الفرنسية في 2024    محكمة أمريكية تمنع شركة NSO الإسرائيلية من استهداف مستخدمي واتساب ببرامج التجسس    انتخاب التونسي رياض قويدر نائبا أوّل لرئيس الاتحاد العالمي لطبّ الأعصاب    بعد اللقاء مع ترامب زيلينسكي يجري مكالمة هاتفية مع القادة الأوروبيين    عاجل: أمطار عامّة تهمّ كلّ الولايات بداية من فجر السبت    وزير الفلاحة: موسم صابة زيت الزيتون هذه السنة استثنائي    عاجل/ من بينها الترجي..التفاصيل الكاملة للعقوبات المالية ضد عدد من أندية كرة القدم..    الرابطة الثانية    عاجل/ الكيان الصهيوني يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار..وهذا ما فعله..    مهرجان السينما المتوسطية بشنني في دورته العشرين: الفن السابع يواجه تحديات البيئة    الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025 عن «ديان بيان فو»    الجنائية الدولية ترفض طلبا للاحتلال بالغاء مذكرتي ايقاف نتنياهو وغالانت وتجميد التحقيق    نجاح جديد لتونس..انتخاب أستاذ طب الأعصاب التونسي رياض قويدر نائبا أول لرئيس الاتحاد العالمي لطب الاعصاب..    نابل...استعدادات مكثفة لموسم الزراعات الكبرى وسط تفاؤل الفلاحين    أول استبدال للصمّام الأبهري بتقنية «أوزاكي» بصفاقس .. سابقة طبية في تونس والمغرب العربي    المهدية .. المؤتمر الوطني للبيولوجيا الطبيّة في دورته ال 34 ..مواكبة للتكنولوجيات الحديثة من أجل تطوير الخدمات الصحيّة    مع الشروق : من جلاء الأرض إلى جلاء العقول...هل تحرّرنا من الجهل؟    محافظ البنك المركزي من واشنطن: تونس تتعافى إقتصاديا.. #خبر_عاجل    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    مجدي الراشدي مدربا جديدا لمستقبل القصرين    عاجل: مشروع قانون المالية يُمكّن أطفال القمر من 130 دينارا شهريّا    الهيئة الوطنية للمحامين تطالب بوقف الأنشطة الصناعية الملوِّثة في قابس فورًا!    وزارة الفلاحة: برمجة مشاريع في مجال الموارد المائية في 2026    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يقفز ثلاثة مراكز ويصعد إلى المرتبة 43 عالميًا    ماتش نار اليوم: الاتحاد المنستيري في مواجهة شبيبة القبائل الجزائري..التشكيلة والقناة الناقلة    قابس: المجلس الجهوي لعمادة الأطباء يعبّر عن استعداده الكامل للتعاون من أجل تحسين الوضع البيئي وضمان سلامة المواطنين    القضاء اللبناني يفرج عن هانبيال القذافي بكفالة قدرها 11 مليون دولار    تنبيه للمواطنين: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق بداية من يوم السبت..#خبر_عاجل    هام/ بداية من اليوم: طرح ورقة نقدية جديدة من هذه الفئة..    عاجل/ متابعة: حادثة الميترو عدد 5..القبض على المعتدي..وهذه التفاصيل..    حاولت العبور الى ليبيا ضمن قافلة الصمود بجواز سفر لا يخصها: هذا ما قرره القضاء في حق محامية معروفة..#خبر_عاجل    عاجل/ ليلة رعب في المترو عدد 5..ماذا حصل في محطة الجبل الاحمر؟..    انطلاق مهرجان الهريسة بنابل تحت شعار جودة وتراث    حمودة بن حسين أفضل ممثل في مهرجان بغداد الدولي للمسرح    مصر ترفع أسعار الوقود    الغرفة التونسية الفرنسية للصناعة والتجارة تنظم يوم 21 اكتوبر الجاري النسخة الثانية من لقاءات التمويل    عاجل : الفيفا تصدر توضيحا حول تصريحات ترامب بخصوص كأس العالم 2026    عاجل: هاذم ماتشوات الويكاند..برنامج كامل بالتوقيت التونسي    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    العرض الكوريغرافي "Laaroussa Quartet" لسلمى وسفيان ويسي في "دريم سيتي": عندما تتحول إبداعات حرفيات سجنان إلى رمز للصمود والمقاومة    وزارة الأسرة تفتح مناظرة خارجية للمتصرفين في الوثائق والأرشيف    العثور على شاب مشنوق في إحدى واحات قبلي    عاجل: نحو 100 إصابة بينهم شرطيون وصحفيون في احتجاجات ''بيرو'' الأخيرة..شفما؟    عاجل: تفشي مرض ''الدفتيريا'' في الجزائر...هل تونس محمية من الخطر؟    عاجل: وزارة الصحة تنظّم الأيام الوطنية لصحة البصر وصحة الفم بالمدارس..هذا هو الموعد    القصرين: تقدّم أشغال مشروع الطريق الحزامية بتالة بنسبة 54 بالمائة    وزارة التربية: فتح باب التسجيل لاجتياز مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية دورة 2026 بداية من يوم 29 أكتوبر 2025    عاجل/ تونس دون بنوك ليومين..    ديوكوفيتش لا يخطط للاعتزال ‬ويستمد الإلهام من رونالدو وليبرون وبرادي    "هاكرز" يخترقون انظمة مطارات في امريكا وكندا ويبثون رسائل ضد إسرائيل    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    الممثّل علي الفارسي في ذمّة الله    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم .. مع إيفالد في رحلته التونسيّة الطرابلسيّة (4)
نشر في الشروق يوم 09 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
إيفالد (كريستيان فردناند): 1803 – 1875 م.
أمّا صفاقس التي كتب عنها بتاريخ 8 جويلية 1835 فهي متميّزة بموقعها ونشاطها ورخائها، ولكنّها مشابهة لغيرها في قلّة النظافة وفي كثرة زوايا الأولياء الحامية للجناة. قال: «قد لا توجد على كامل ضفاف البحر الأبيض المتوسط مدينة لها ما لصفاقس من موقع متميّز ومحيط جميل فتّان. مباشرة على حافة البحر ترتفع الأسوار الباسقة التي تكتنف ألفا ومائتين من البناءات الرئيسية وألفين وأربعمائة من البناءات الثانوية. وباعتبار هذه الديار وكثافة المخلوقات الرائحة والغادية في الأنهج دون انقطاع، يجوز تقدير عدد السكّان المسلمين بما يتراوح بين عشرة واثنتي عشرة ألف نسمة. إنّ صفاقس لمحصّنة تحصينا حسنا، تعلو أسوارها المدافع، ولكنّني لم أبصر قطّ حراسة. ويحتلّ الحصن «آغا» رفقة بضعة جنود يقال لهم «زواوي» [كذا] ومازال زيّهم على الطراز التركي القديم» (...) ولا توجد هنا بناءات متميّزة ما عدا مسجدا كبيرا جدّا على مذهب «المالكية»، في حين تفتقر المدينة إلى مسجد على مذهب «الحنفية». ويستحيل أن اعترضني مكان يعجّ مثل هذا بملاذات المجرمين. ولا يقتصر الحال على مقامات الأولياء فحسب، بل نجد مناطق بأسرها حبّست شيئا فشيئا على مقامات الأولياء وصارت لها بذلك نفس الصلاحيّة (...) ومن عجيب الأمور أنّ السكن داخل أسوار مدينة صفاقس حكر على «الصفاقسية» الأصليين، محرّم على سواهم. ولا يتسنّى لأيّ غريب امتلاك منزل في حيّز المدينة، عربيّا كان أو بدويّا. ويتعيّن على القادمين من تونس أو من طرابلس أو من أيّ مكان إسلامي آخر أن يقيموا مساكنهم خارج أسوار المدينة. ثمّ إنّ أهل صفاقس بأسرهم ودون استثناء أهل يسر، وليس هناك صفاقسيّ فقير الحال. فكلّ منهم يملك بستانا جميلا خارج المدينة، يتوسّطه منزل ريفي يقيم فيه وعائلته بأسرها طيلة أشهر السنة الجميلة الستّة» (ص 62 – 63).
وها هو يوم 20 جويلية يكتب من قابس بقسميها المنزل وجارة مبتدئا كالعادة بتعداد السكّان، فيقول: «يبلغ عدد سكّان «المنزل» من العرب نحو خمسة آلاف ساكن. إلاّ أنّ ما يكتنف هذا الموقع من قاذورات وحشرات ضارّة ووسخ يتحدّى كلّ التصوّرات. ولا يعتبر هؤلاء السكّان، كغيرهم من أهالي منطقة قابس عموما، من المسلمين الحضّر بل من الأعراب ولو أنّهم لا يسكنون الخيام بل ضربا من الديار، هي أقرب إلى أفنية، ويقال لها «حوش» والفناء منها عبارة عن ساحة يحيط بها جدار ولها باب. وفي هذا الفضاء توجد الخيول والجمال والبقر والمعز والطيور إلخ. وفي ركن من أركانه يوضع السرير تحت سقف من سعف النخل تستره الستائر. وفي ركن آخر يوجد المطبخ، وفي موضع آخر غرفتان أو ثلاث غرف من طين وحجارة، عديمة النوافذ.
ويمتاز رجال قابس بحسن المظهر والقدّ الممشوق والأعين السود والبنية القوية والهيئة المهيبة. وهم فرسان مهرة ورماة بارعون، شأنهم في ذلك شأن كلّ الشعوب الجبلية، لكنّهم كسالى يستنكفون من العمل. وتقوم النساء بجميع شؤون المنزل وأعمال الحقل، ما عدا الحرث. ويظهر النساء هنا دون لحاف ويبدين ولعا بالغا بالحليّ فتراهنّ يتحلّين بأقراط مفرطة في كبر الحجم وبأطواق للرقبة والجبين وبأسورة وخلاخيل مصنوعة من ذهب أو فضّة أو نحاس» (ص 72). ويلاحظ «أنّ العربي أصيل المكان يقضي طوال النهار في الظلّ يستمتع بالراحة أو مستسلما للنوم. ولئن توفّرت لدى الحضّر من المسلمين إمكانيات تقصير الوقت، كالتدخين ولعب «الدامة» وما شابه ذلك والجلوس في المقاهي أو دكاكين الحلاّقين للثرثرة أو الذهاب إلى الحمامات، فإنّ الأعرابي لا يعرف من كلّ ذلك شيئا. وهو لا ينتزع من راحته إلاّ إذا أعلن عن حالة حرب أو إذا انتظمت عملية سلب ونهب. حينذاك تراه يسارع بتجهيز حصانه وتقلّد سلاحه، وفي لحظة يكون على أتمّ الاستعداد لخوض غمار المعركة» (ص 73).
وفي غرّة أوت 1835 كتب إيفالد عن جربة الجميلة قائلا: «إنّ جربة لجزيرة لها ثمانية عشر ميلا من الطول وما يساوي ذلك من العرض، وفي شرقها وغربها مرفآن. ومن الأكيد أنّها كانت في سالف العهد شبه جزيرة، إذ أنّه لا يفصلها عن البرّ من الشرق سوى ربع ميل أنكليزي. ولئن جاز القول عن بشر إنّهم يسكنون في أمان بين كرومهم وأشجار تينهم فذلك ينطبق تمام الانطباق على هذا الموطن وأهله. فالجزيرة قاطبة بمثابة المنتزه الفسيح. وبصرف النظر عن مدينتين يهوديتين فليس بجربة مدن ولا قرى بل مجرّد منازل منعزلة عن بعضها، تحيط بها أبهى الحدائق الغنّاء. وتغطّي الزراعة كلّ شبر، لذا يوجد في هذه الجزيرة الفتّانة كلّ شيء بوفرة: القمح والشعير والنّخل والزيتون والكرم وشتّى أشجار الثمار وأصناف الخضر. وتوجد بجوار كلا المرفأين ساحة يقام فيها السوق مرّتين كلّ أسبوع، ممّا يفسّر وجود بضعة ديار متجمّعة بالمكانين، علاوة على عدّة فنادق لإيواء المسافرين الغرباء. ويقع أكبر السوقين في الناحية الغربية، وهناك حططت رحالي. وبما أنّي دخلت الجزيرة من شرقها وتنقّلت راكبا ظهر مطيّة حتّى المرفأ الغربي، مخترقا إيّاها من طرف إلى آخر، فقد تسنّى لي منذ البداية ملء النظر بجمالها والتحقّق من حسنها وبهائها. وقد يبلغ عدد سكّانها نحو 150.000 نسمة، غير أنّه لم يتيسّر لي التأكّد من ذلك على وجه التدقيق. ويقال إنّ الجزيرة تحتوي على 400 مسجد. وبالاعتماد على هذا الرقم قدّرت عدد السكّان.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.