البرلمان : ملخّص فعاليّات الجلسة العامة المشتركة ليوم الأربعاء 03 ديسمبر 2025    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    مشروع قانون المالية 2025: المصادقة على تسوية وضعيات إطارات عاملة بالبلديات والهيئات المستقلة    الولايات المتحدة.. مقتل شخص رميا بالرصاص في فندق بواشنطن    الخارجية الفلسطينية : الاحتلال الصهيوني يتعمد استهداف المواطنين بهدف القتل أو التسبب في إعاقة دائمة لهم    بطولة العالم للتايكواندو U21 بكينيا: البرونزية للبطل معتز العيفاوي    خلال ديسمبر 2025: تونس من أبرز الوجهات السياحية العالمية    فيفا يحدد موعد انضمام اللاعبين الدوليين لمنتخباتهم استعدادا لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2025    لا ليغا الاسبانية.. ريال مدريد يهزم بيلباو ويشدد الملاحقة على برشلونة    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    شمس ديسمبر    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني    البرلمان يصادق على تسيير وضعية الأشخاص المعنيين بهذه الديوان..#خبر_عاجل    الجولة السادسة عشر لبطولة النخبة لكرة اليد: النجم يتعثر امام قصور الساف    سيدي بوزيد: تنظيم يوم تكويني بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية تحت شعار "من الذكاء البشري الى الذكاء الاصطناعي التوليدي"    مدنين: اعادة فتح مكتب بريد المحبوبين بجربة ميدون بعد استكمال اشغال تهيئته وتعصيره    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    صادرات الزيت التونسي توصل 280 ألف طن!    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    مباراة تونس وفلسطين في كأس العرب 2025....وقتاش ووين تنجم تتفرج ؟    كأس العرب: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الفلسطيني    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    تونس تحتضن المؤتمر ال49 لقادة الشرطة والأمن العرب لتعزيز التعاون الأمني العربي    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعتزم التقليل من التجارب على القردة    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    البرلمان يصادق على فصل يسهّل على المصدّرين إثبات رجوع المحاصيل    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    البرلمان يواصل مناقشة المقترحات الاضافية لمشروع قانون المالية 2026    مداهمات أمنية في الزهروني تطيح بعدة شبكات وعصابات إجرامية    "ضاع شقا العمر".. فضيحة على متن طائرة أثيوبية قادمة من السعودية    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات في لقاء الرئيس بوزير الصحّة    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم .. مع إيفالد في رحلته التونسيّة الطرابلسيّة (2)
نشر في الشروق يوم 08 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
إيفالد (كريستيان فردناند): 1803 – 1875 م.
يوم 14 ماي وصل إلى نابل ففصّل الكلام عنها. «نابل بلدة هامّة تقع على مقدار ربع ساعة من البحر وعلى بعد ساعة من موقع «نيابوليس» العتيقة. ويقدّر عدد سكّانها بثمانية آلاف نسمة لكن يجوز، بالنظر إلى اتّساعها، أن تتّسع لضعف هذا العدد. إلاّ أنّ آثار الخراب تعترضنا في كلّ خطوة، وكثيرة هي الديار المنهارة. ويفسّر هذا الدّمار بأسباب متعدّدة منها ما يعزى إلى جور الحكومة ومنها ما يعود إلى العقائد الخرافية الباطلة، السائدة بين أفراد الشعب. فيكفي أن يصل إلى مسمع الباي أنّ أحد مواطني نابل يكتسب مالا حتّى يعمل على توريطه في قضية عدلية لسبب ما، ولا شيء حينذاك ينقذ الرجل من الإفلاس فيطرد من منزله ويبقى هذا خاليا حتّى تبليه صروف الدّهر ويصير خرابا. وليس من النادر أيضا أن يسري في اعتقاد أهل بيت ما أنّ الأرواح تسكنه. وفي هذه الحالة يترك البيت حالا فيضحى إلى أبد الدهر وكرا للأرواح الخفيّة. ويحتوي المكان على تسعة مساجد، ثمانية منها لمذهب «المالكية» والآخر لمذهب «الحنفية». ولم يعترضني في كامل بلاد البربر مسلمون ألطف من أهل نابل. ففي مدينة تونس، على سبيل المثال، يكاد يكون من ضروب المستحيل أن يسمح لغريب، ولا سيما مسيحي، بدخول منزل، أمّا هنا فكم مرّة استدعيت إلى البيوت ولم يتورّع أصحابها، بمن فيهم الرجال والنساء والأطفال، من الحديث إليّ، بل حصل أيضا أن أقدمت نساء على زيارتي في غرفتي ومعهنّ بعض من أقربائهنّ. ويرتزق أهل البلدة بالخصوص من محاصيل الحقول ومن الزيت، كما توجد بضعة مصانع نسيج. وتحظى مصنوعات المكان الخزفية بالشهرة وتصدّر إلى الخارج. وتمتاز أحواز المدينة بجمالها فهناك تتداول المروج وحقول الزرع ورياض الورود وغابات الزيتون وأشجار التين بعضها مع بعض وتزيّن الطبيعة بحلّة قشيبة من أزهى الألوان وأفخرها، كما أنّ تربية الماشية هنا من الأهمّية بمكان، لذلك يكثر اللبن والزبدة. ولا شيء ينقص سوى سكّان مسيحيين واجتهاد ألماني لكي يعود القطر إلى الوضع الذي كان عليه فيما مضى، أي جنّة من جنّات الله. ويعدّ المناخ المحلّي من أفضل المناخات وأرفقها بالصحّة على كامل ساحل إفريقيا الشمالي. لذلك نرى العديد من أهل تونس يفضّلون قضاء أشهر الصيف في نابل.
ومن الأمراض الشائعة بين السكّان البرص وأمراض العيون. فقلّ أن ترى اثنين على عشرة من سكّان نابل سليمي الأعين وأربعة معفين من داء اللاّويين (يقصد البرص). ويوجد في نابل من اليهود زهاء المائة أسرة نزحت إلى المكان شيئا فشيئا. وهم ينقسمون من حيث المصدر إلى ثلاثة أصناف: تونسيين، أتوا قديما من مدينة تونس، وجرابة أتوا من جزيرة جربة، وأصيلي المكان. وليس من بينهم أثرياء سوى النزر القليل، لكنّهم قوم يمتازون بالبساطة والجدّ والقناعة ويعيشون في كنف الأمان مع المسلمين ويؤدّون إلى الدولة جزية سنوية قدرها مائة ريال. ونظرا لرخص مواد المعيشة عامّة فإنّه بالإمكان أن يعيشوا هنا في كنف الطمأنينة في انتظار ساعة خلاصهم، لولا أنّ جيش الباي الذي أعيد تنظيمه حديثا يبثّ الرعب والفزع بين اليهود في كامل الجهة» (ص 29 – 31). وليست هذه المرّة الأولى التي يشير فيها إلى مظالم الباي والمحلّة الجامعة للمجبى بالقوّة والقهر وإلى ما ينتج عن ذلك من الرعب والخوف على الأرواح والمكاسب. وفي المقابل اختصر الكلام عن الحمّامات، فهي «مدينة صغيرة حسنة البناء، تجمع حوالي ألف منزل ونحو ستّة آلاف ساكن، كلّهم من المسلمين. وهي تقع مباشرة على ضفّة البحر الذي تلاطم أمواجه جدران القلعة الشامخة. وتعدّ الحامية المرابطة في هذا الحصن خمسين رجلا من الأتراك. وبالرغم من أنّ الخمر محرّمة على المسلمين فإنّهم مولعون بشربها ولعا مفرطا» (ص 34 – 35).
في يوم 6 جوان كتب إيفالد عن سوسة: «تقع سوسة على البحر، ويحيط بها سور عال جميل يمنعها على أحسن وجه. وتعتبر هذه المدينة، بفضل تجارتها وموقعها، ثاني مدن المملكة. ويقال – وعلم اليقين في هذا الصدد صعب المنال – إنّها تشتمل على 1100 منزل تؤوي 8000 نسمة، بالإضافة إلى حامية تعدّ 2500 رجل. وتتميّز أنهجها نسبيّا بالاتّساع والنّظافة. وتتألّف منازلها على العموم من طابق واحد. وأمّا البناءات التي تمتاز على غيرها فهي «القصبة» و «القلعة» (الرباط) وبقايا ثكنة إسبانية قديمة صارت مسجدا من مساجد «المالكية». ولئن لم ينمّ السوق عن ثراء فهو نظيف. وباعتبار أنّ المدينة عاصمة لولاية من ولايات البلاد وتتبعها أربع وعشرون قرية فإنّه من المفروض أن يكون لها وال يقيم فيها بصفة قارّة. غير أنّ واليها يفضّل الإقامة بتونس تاركا بالنيابة عنه «خليفة» ينظر في كافة النزاعات المدنية. أمّا القضايا ذات الصبغة الدينية فهي من مشمولات «القاضي» أي كبير رجال الدين [كذا]. وحسبما أفادني به أحد المسلمين المثقّفين ممّن تعرّفت عليهم فإنّ سوسة قد أسّست في القرن السابع على مقربة من آثار المدينة العتيقة. وتوجد في البحر حذو المرفإ بضع بقايا أثرية تعبث بها الأمواج. ومازال بإمكان الزائر أن يطّلع أيضا على ضريح مؤسّس المدينة القديمة، وعليه شاهد انطمست كتابته، يقال إنّه كتب بالخط الكوفي.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.