قرعة نهائيات مونديال 2026.. تركيبة مجموعات المنتخبات العربية    بعد الغائها في تصويت البرلمان على الميزانية.. المجمع المهني للطاقات المتجددة بكونكت يدعو مجلس الجهات والاقاليم إلى التصويت على فصول دعم الانتقال الطاقي    طرد من شركة نقل سياحي بالقيروان .. يسرق حافلة ويضرم فيها النار!    بعد مصادقة البرلمان وقبل تصويت الغرفة الثانية .. هذه أهم التعديلات في مشروع قانون المالية    مونديال كرة اليد للسيدات .. .تونس تسعى للإطاحة بالنمسا    الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يفرض عقوبة صادمة على حنبعل المجبري    بعد منع فنّان شعبي معروف من السفر بسبب المخدّرات ... استغلال المشاهير لبيع الكوكايين والهيروين    بين التجديد واجترار القديم .. بأيّ حال تعود أيام قرطاج السينمائية؟    استراحة الويكاند    عاجل: وزارة الصناعة تعلن عن فتح باب الترشح للجائزة التونسية 'كايزان' دورة 2026    عاجل/ التقلبات الجوية: مرصد المرور يدعو مستعملي الطريق إلى التقيد بهذه الاجراءات..    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    البحر ورهانات الكتابة محور ملتقى صالون الهادي نعمان للإبداع الأدبي    معبر رأس جدير: احباط محاولة تهريب مبلغ كبير من العملة الأجنبية وأكثر من 14 كلغ من الذهب    قفصة: حجز 6000 لتر من مادة مسكرة خطيرة في ضيعة فلاحية!    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    اتحاد بن قردان يجري تربصا تحضيريا من 20 الى 30 ديسمبر الجاري بسوسة    ميسي يثير الغموض مجددا بشأن مشاركته في كأس العالم 2026    "الطاهر الحدّاد، مصلحا اجتماعيّا ونصيرا للمرأة التونسيّة"، عنوان ندوة بالكريديف احياء للذكرى 90 لرحيل الحداد    تظاهرة "أليف سليانة": مسار جديد لإحياء الثقافة وترسيخ دورها في التنمية    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد – برنامج الجولة 17 من المرحلة الأولى    وزارة الشؤون الإجتماعية تطلق المنصة الرقمية إسناد بطاقة الإعاقة    عاجل: صادم...حكم بالسجن ضد المرأة إلّي حرقت القطاطس..وهذه العقوبة!    Titre    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    حندوبة: أكثر من مليون و 400 ألف سائح جزائري توافدوا على الجهة    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    المرصد التونسي الاجتماعي يسجل ارتفاعا في عدد التحركات الاجتماعية إلى غاية شهر نوفمبر الماضي    انطلاق توزيع المساعدات المخصصة لمجابهة موجة البرد لفائدة 900 عائلة معوزة بهذه الجهة..#خبر_عاجل    أرعبهم ب"البراكاجات": السجن 20 سنة لمروع سواق "التاكسي"..    عبير موسي امام القضاء مجددا    عاجل: تعرف على تصريحات الطرابلسي بعد مباراة تونس وفلسطين    عاجل/ وسط ظروف غامضة..العثور على جثة شاب داخل منزله..    كأس العرب: مواجهة حاسمة بين عُمان والمغرب في المجموعة الثانية    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    عام سجناً مع تأجيل التنفيذ لفتاة تواصلت مع خطيبها المنتمي لتنظيم داعش الإرهابي    باش تفهمها مليح: كان شهريتك مليون...الإقتطاع بش يكون 5 دينارات    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    بعد إهانات ترامب.. اعتقال صوماليين في "حملة مينيابوليس"    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم
نشر في الشروق يوم 16 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
مع بيرم الخامس عبر الأمصار والأقطار(1)
بيرم الخامس ( محمد بن مصطفى بن محمد) : مارس 1840 – 18/12/1889 .
ولد بتونس في عائلة تركيّة الأصل شريفة النسب ذات مكانة بالمال والعلم والسياسة . درس بالزيتونة على أمثال سالم بو حاجب ومحمود قابادو . جمع بين التدريس في المدرسة العنقيّة ثمّ في الزيتونة وبين الصحافة في « الرائد التونسي « وبين إدارة إرثه عن أبيه من الأملاك والعقارات. عيّن رئيسا لإدارة الأوقاف سنة 1874 م فمديرا للمطبعة الرسمية في العام التالي فاجتهد في إصلاحها إلى حدّ إهمال ممتلكاته ممّا تسبّب في مرضه وأوجب عليه السفر للعلاج بإيطاليا وفرنسا في العام نفسه، ثمّ في عام 1877 م بفرنسا و بريطانيا. وبعد عودته كلّف بالإشراف على تأسيس المستشفى الصادقي ( عزيزة عثمانة) فنظّمه وجلب إليه أمهر الأطبّاء وخصّص قسما منه للعلاج المجاني . وظلّ ينشر أفكاره الإصلاحيّة مؤلّبا عليه الأعداء كالوزير الأكبر مصطفى بن إسماعيل المتعاون مع القنصل الفرنسي بنيّة التمهيد للاستعمار . تعلّل بالحجّ لمغادرة البلاد فأقام بالحجاز ثمّ بالشام ثمّ بإسطنبول لخمس سنوات ثمّ قضى مثلها بمصر في القضاء إلى وفاته . دفن بالقاهرة بجوار الإمام الشافعي . له: صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار و الأقطار ( رحلته إلى أوروبا وآسيا و إفريقيا، مع تاريخ تونس والجزائر ومصر) . – الأجزاء الأربعة في المطبعة الإعلاميّة بمصر، 1300 – 1303 ه / 1883 – 1886 م، الجزء الخامس في مطبعة المقتطف بمصر، 1311 ه / 1893 م ؛ تح . علي الشنوفي ورياض المرزوقي وعبد الحفيظ منصور، بيت الحكمة، قرطاج / تونس 1999، في 6 ج، الأوّل لترجمته والسادس للفهارس والمراجع . وله أيضا فتاوى ومراسلات ومختصر في العروض و « ملاحظات سياسيّة حول التنظيمات اللازمة للدولة العليّة» و « تحفة الخواص في حلّ صيد بندق الرصاص»، طبعا بمصر، 1303 ه / 1885م.
عنه: القاسمي (فتحي) : الشيخ محمد بيرم الخامس / حياته وفكره الإصلاحي . – بيت الحكمة، قرطاج / تونس 1990 ؛ محفوظ ( محمد): تراجم المؤلّفين التونسيين ... 1 / 191 – 197.
الرحلة : غادر محمد بيرم الخامس (1840 – 1889 م) تونس بحرا يوم 12/10/1879 لأداء فريضة الحجّ مرورا بمالطة والإسكندريّة والقاهرة والسويس. فممّا قال عن القاهرة إنّها «مدينة رحيبة، يمرّ النيل بمحاذاتها، وعليه آلات بخارية لرفع الماء وتصفيته وإرساله في قنوات تفرّق على جميع المدينة. وعليه جسر حديد، طوله 500 متر، وعرضه يمرّ عليه ستّ عجلات، وعلى حافتيه طريقان للمشاة، وقد صنع سنة 1271 ه/1855 م. وعلى حدودها جبل شاهق، عليه قلعة حصنها، وكانت مستقرّ الأمراء. وهي ذات حصون متينة، صناعيّة، مشحونة بالمدافع من الطراز الجديد الضخم زيادة على تحصينها الطبيعي. وتنظر منها سائر المدينة وأريافها فترى عظم اتّساعها. وبهذه القلعة جامع ضخم ذو قبّة شاهقة ومنائر جميلة مرتفعة، وبه إسطوانات (أي أعمدة) من المرمر الملوّن ذات بهجة وارتفاع عظيم. وبصحنه الرحب متوضّأ أنيق جميل. وبنى هذا الجامع محمد علي باشا. كما أنّه أتقن قصر الحكم بها [...] وبالقاهرة أسواق كثيرة جدّا [...] وأهمّ طرقها القديمة هو الطريق الموصل من الأزبكيّة إلى جامع سيّدنا الحسين [...] ومن محاسن القاهرة حديقة الأزبكيّة الجميلة الأنيقة المحاطة بسياج من قضبان الحديد الجميلة [...] وقصور الخديوي وأقاربه وحواشيه مالئة الحارات الجديدة مبهجة لها برونقها. أهمّها قصر عابدين. أمّا القصور التي له حول القاهرة فهي كثيرة مضاهية أو فائقة على قصور ملوك أوروبا» (ص 1327 – 1329).
زار بيرم الخامس مقام سيّدنا الحسين ومقام السيّدة زينب وجامع عمرو بن العاص والجامع الأزهر وغيرها من المقدّسات مستعينا بالتاريخ ومنوّها بمكتباتها وخاصّة مخطوطاتها وأشهرها مصحف عثمان ممّا سلم من استيلاء نابليون. ثمّ وصف بإعجاب وبدقّة الأهرامات والمسلاّت (ص 1330 – 1335) قبل أن يتوغّل في تاريخ مصر منذ أقدم العصور، وسجّل من عادات المصريين ما يلي. قال: «ولهم حسن أخلاق وظرافة وبشاشة في الخطاب. وإذا احتدّت نفوس الرعاع للخصام تراهم بذيئي اللّسان، لهم مهارة في أصناف السبّ حتّى إذا بلغوا حدّ التضارب قال أحدهما لصاحبه «ما عليهشي» فتسامحا وعادا إلى المصافاة. ومن أخلاقهم حبّ السماع لكنّهم اختصّوا بكثرة إظهار استحسانه بالتأوّه مع رفع الصوت. ولا يتحاشى من ذلك حتّى بعض أعيانهم، بل إنّهم يستأجرون أناسا معدّين لذلك [...] ومن عاداتهم إحضار قرّاء القرآن في بيوتهم ليلا للتلاوة بالأنغام، ويعطونهم أجورا على ذلك، بل من الغريب أنّ بعض القبط أيضا يفعلون ذلك» (ص 1396). لكنّه لاحظ كثرة الشحّاذين الذين يهجمون على من يرونه يعطي سائلا إلى حدّ الإضرار به في لباسه وبدنه إذ صار ذلك صناعة، ولهم رؤساء وعليهم أداء (ص 1397).
وحدّثنا عن عادات المصريين الغذائيّة فقال: «أمّا الخبز فالعامّ عند الجميع هو نوع مستدير في ارتفاع أصبع، قليل النضج، قطره أزيد من شبر. ويوجد بقية أنواع الخبز الإفرنجي. وأمّا الأطعمة فلها أنواع عديدة، والغالب في الأسواق نوع من الفول مطبوخ في الماء وعليه شيء من السمن. وكذلك نوع من السمك مقدّد عفن الرائحة. وسائر طعامهم فيه الإدام بكثرة، وإدامهم السمن. وأمّا الزيت فلا استعمال له إلاّ في السلاطة. وزيتهم رديء لأنّه مجلوب من كريت والشام. وكلّ لا يحسنون عصر الزيتون. والحسن عندهم هو المجلوب من إيطاليا. ولا يستعمل إلاّ فيما ذكرناه. كما أنّهم لا يأكلون من النعم إلاّ الغنم، ولحم البقر لا يأكله إلاّ الفقراء. وهو معيب. كما أنّه في نفسه رديء. والإفرنج يأكلونه. والفقراء يأكلون الجاموس والإبل. وفي القرى والعرب والسودان يكثر أكل الإبل. وكذلك الذرّة والدخن أي الدرع. أمّا هيئة الأكل فهي على نحو الأنواع التي ذكرناها في تونس وأمّا وقته فهم يأكلون مرّتين غالبا، إحداهما صباحا بعد الشروق ويخرجون إلى أشغالهم ثمّ يعودون إلى ديارهم قرب الغروب فيتعشّون» (ص 1412).
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.