تونس-الشروق: بداية، ماهي دوافع ترشحك لمنصب رئيس الجمهورية؟ لم تكن لي نية الترشح سابقا، وكان منطلق هذا التفكير عند وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بوصفها محطة اضافية فارقة تجسدت فيها معاني الوحدة الوطنية، فكان حوارنا داخل مؤسسات الحزب وخارجها متركزا حول وجوب الدخول في مرحلة جديدة بقيادة جيل جديد خاض التجربة وله الكفاءة سيما واني انتمي الى العائلة الاشتراكية الديمقراطية المناضلة والتي تتطلع الى تكريس دولة القانون والمؤسسات وتحقيق الكرامة يساهم فيها رجل الاقتصاد في خصوصية المرحلة القادمة. تحدثت عن انتماء الى عائلة سياسية، برأيك لماذا لم تتجمع هذه العائلات في سياق ترشيد الترشحات وبناء المشهد السياسي على أقطاب كبرى ؟ حاولنا في حزب التكتل طيلة السنوات الخمس الماضية وقبلها ذلك، فاختلفت الاسباب الدافعة الى التشتت مع كل مرحلة، في فترات ما كان حضور الزعماء المؤسسين طاغيا وشهدت فترات اخرى انقسامات عديدة حول من تمسك بالثورة ومن انصهر في المنظومة القديمة وكانت الانتخابات البلدية فرصة حقيقية للتجميع لكن للاسف لم يتحقق ذلك ، هناك اليوم مشكلة زعامتية واهتمام بالغ بالاختلافات القليلة على حساب المشتركات الكبيرة ورغم كل ذلك لي قناعة بضرورة حدوث التجميع لان تطبيق المشروع والحضور بفاعلية يقتضي حتمية حدوث ذلك. وهل تعتقد ان انسحاب مترشح لصالح آخر قد يجسد صدقية الذهاب في خيار التجميع، وهل أنك معني به؟ لم الاحظ اي طرح جدي لفكرة انسحاب مترشحين من أجل مشروع أو تقديم مبادرة جدية في هذا السياق سواء من المترشحين انفسهم أو من خارجهم، ربما الانسحاب محمول على من لا يرى في نفسه القدرة على مواصلة المنافسة وعموما لست معنيا بالانسحاب في هذا السياق. كيف ترى حظوظك اذن في السباق الرئاسي في منافسة ‹›ماكينات››حزبية كبرى؟ ارى ان حظوظي وافرة، التونسيون غير مهتمين بالصراعات والتشويه وأملهم في شخصية حاملة لمشروع اصلاحي متحرر من اليات المنظومة القديمة ومن الارتباطات الخارجية واحسب نفسي منهم، اليوم تقريبا 50 في المائة من التونسيين لم يتخذوا قرارهم واعتقد ان التوجه اليهم بخطاب حامل لمشروع يعزز فرصة نيل ثقتهم. كما اعتقد أن اقتناع التونسيين بعدم مغادرة بلادهم سواء بطرق شرعية او غير شرعية بعد 5 سنوات من الانتخابات هو مؤشر لنجاحي في منصب رئيس الجمهورية. برأيك ماذا يمكن ان يقدم رئيس الجمهورية للتونسيين بصلاحيات محدودة؟ ان نعتبر لرئيس الجمهورية صلاحيات محدودة فهذه مغالطة كبرى، رئيس الجمهورية هو رمز الدولة وبهذا العنوان له مسؤولية دفع توجهات البلاد كما منحه المشرع حق المبادرة التشريعية في كل المجالات دون استثناء، وبامكان الرئيس وبالتعاون مع رئيس الحكومة تحديد اولويات البلاد، وبالتالي وبرغم الاختلافات المنطقية و المشروعة بين العائلات الفكرية فانه من اوليات تونس اولا الاتفاق على المشروع الوطني ومن المستوجب ان يكون رئيس الدولة حاملا لهذا المشروع للمساعدة على تنفيذه في ابعاده المتعلقة بالامن القومي والعلاقات الخارجية وتركيز المؤسسات. واعتقد ان رئيس الجمهورية يمكن ان يقدم للتونسيين 3 اوليات كبرى تتعلق اساسا بتركيز المؤسسات التي تحمي وحدة البلاد، وتحقيق الكرامة من خلال توفير دعائم نجاح حلول مشاكل التونسيين التنموية ومن ثمة الدخول في الثورة الانتاجية ، وثالثا انجاح الحرب على الارهاب عبر احداث وكالة استعلامات واستخبارات قوية و استغلال المؤسسة العسكرية في تأطير الشباب وحمايتهم من الاخطار المحدقة بهم عبر التكوين المدعوم بافاق تشغيلية. لكن هذا يبدو مرتبطا بمدى التناغم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟ فعلا، فالمطلوب ادارة السلطة التنفيذية بروح الفريق التي هي عقيدة النجاح وليس نفس الانتماء الى لون حزبي واحد هل يعني ذلك أن الدستور براء من ازمة ادارة الازمات في تونس؟ الدستور لم ينجز في غرفة ضيقة، بل شارك النواب المؤسسون وكل التمثيليات فيه وحظيت فصوله بنقاشات معمقة افرزت بناءه الاخير، وبالتالي لا يمكن الحكم على هذا البناء الا بعد التقييم وحدوث قناعة بوجوب تعديله في سياقات معينة لكن أن يتم توظيفه كشماعة لتغطية الفشل فهذه مغالطة ايضا. وتابعنا جميعا الانتقال السلس للسلطة بعد وفاة رئيس الجمهورية بفضل هذا الدستور، واعتقد أن الاولية في وجوب تعديل القانون الانتخابي منذ بداية العهدة الرئاسية القادمة وليس في الربع ساعة الاخير منها للحصول على اغلبيات معقولة وذلك عبر المحافظة على التمثيل النسبي واضافة الاقتراع على دورتين والترفيع في نسبة العتبة، اضافة صياغة قانون للاحزاب والجمعيات ودعم تجربة السلطة المحلية. ننتقل الى تزكياتك البرلمانية التي كان اغلبها من حركة النهضة، فهل لهذا المعطى من دلالة؟ خلال جمعي للتزكيات اتجهت الى الجميع احتراما للمؤسسات فوقعت تزكيتي من 4 كتل برلمانية واتشرف بها جميعا وهو معطى يميزني بين المترشحين، كما حاولت من خلالها الاستجابة الى مبدأ التناصف، وارى ان تنوع التزكيات النيابية عاملا ايجابيا في تجميع عائلات مختلفة وذلك من مواصفات رئيس الجمهورية لكن النائب ماهر المذيوب صرح بأنه زكّى ترشحك بطلب من راشد الغنوشي؟ هذا شأن داخلي للاحزاب ومن المؤكد ان هذه التزكيات سواء من النهضة او من التيار الديمقراطي او تحيا تونس نوقشت داخليا واعتبرها جميعا تعبر على مستوى عال من الايمان بالديمقراطية التعددية. وماهو رأيك في الاتهامات التي يتداولها البعض بخصوص مساهمتكم خلال حكم الترويكا في تدمير الاقتصاد؟ من يقول هذا اما جاهل أو منخرط في شعبويات سياسية، فبلغة الارقام وفي مستوى المسؤوليات التي تحملتها وضعنا ركائز بشأن مديوينة في حدود 45 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ونسبة تضخم لاتتجاوز 5 في المائة، وسعر صرف الدينار في حدود معقولة فضلا عن المؤشرات السياحية وكل هذه المؤشرات نحلم بتحققها حاليا، كذلك على مستوى الاصلاحات للبنوك العمومية وفي مجال الجباية ودعم الشفافية والتصرف في الاملاك المصادرة. عموما اتمنى ان يتولى الخبراء النزهاء و المؤرخون التقييم و الحكم بجدية على ما تحقق في ذلك الظرف الصعب بما من شأنه ان يقلل من تاثير حملات التشويه؟ وهل تعتقد ان المناظرات التلفزية من شأنها توجيه الناخبين الى البرامج وتقليل تأثيرات عمليات التشويه؟ بالفعل فهي عنصر مساعد الى جانب عناصراخرى من بينها توفيروسائل الاعلام لفرص متساوية والتحرر من ضغط السلطة عموما وقناعتي راسخة بان الاصلاح سيتحقق تدريجيا مع الوقت. كما ان قناعتي ان التونسيين سيغلبون التنافس على البرامج على حساب الاهتمام بالصراعات والتشويه. بحكم تقلدك مناصب سابقة في الدولة ماهي معطلات الانقاذ الاقتصادي؟ هناك تراكمات عديدة من بينها التخلف السياسي سابقا واهتراء المنوال التنموي وهما اسباب حدوث الثورة، لكن بعد حدوثها عادت السلطة الى العقليات القديمة من خلال الرضوخ الى الاملاءات الخارجية والداخلية وتنفذ اللوبيات وفقدان التغييرات في العمق، اعتقد أن تونس تحتاج الى 4 محاور اساسية يعبر عنها برنامجنا الانتخابي وتكمن في الجانب المؤسساتي عبر استكمال ارساء مؤسسات الدولة و في تعزيز الامن القومي عبر حماية البلاد من الاخطار وتكريس الديبلوماسية الاقتصادية في تعبئة الموارد وجلب الاستثمارات والاشتغال بجدية على الملف التنموي عبر الرافعة الاقتصادية والاجتماعية. ختاما ماهو موقفك من ايقاف المترشح نبيل القروي؟ مثل هذه الاحداث التي تنفذ في اللحظات الاخيرة تشوبها شبهات وذلك لان السلطة الحاكمة لم تتوصل الى جعل المواطن مؤمنا بسلطة مؤسسات الدولة وليس مشككا في تدخل الادارة التنفيذية وذلك من خلال عدم تركيز المؤسسات ومايزيد الشبهات ان القضية منشورة منذ سنوات، لكن ادعم كل خطوة في سياق ردع من تخول له نفسه مخالفة القانون.