في سياق مواكبتها للانتخابات الرئاسية المنتظر عقدها يوم 15 سبتمبر القادم،تواصل ‹›الشروق›› نشر حوارات صحفية شاملة مع المترشحين للانتخابات الرئاسية بغاية اتاحة الفرصة للناخبين وعموم الرأي العام للتعرف عن كثب على تصورات المترشحين وبرامجهم الانتخابية ورصد تفاعلهم مع مختلف القضايا والملفات المطروحة على الساحة الوطنية. وحاورت الشروق أمس المترشحة سلمى اللومي الرقيق وستكون المحطة الثانية اليوم مع عمر منصور الوزير والوالي السابق والمترشح المستقل للانتخابات الرئاسية. تستضيف «الشروق» في عدد اليوم المترشح المستقل عمر منصور الذي يتحدث عن دوافع ترشحه ويتفاعل مع عدد من الاستفسارات التي رافقت هذا الترشح. في البدء ماهي دوافع ترشح عمر منصور الى الانتخابات الرئاسية، سيما وانك قلت في أفريل الماضي أنك قد لا تترشح ؟ تدقيقا لهذا المعطى قلت حينها وخلال بدء تنسيق تكوين ائتلاف ‹›تحرك›› أني غير منشغل بموضوع الترشح، ومن منطلق اهتمامنا جميعا بالشأن الوطني كان لابد من التحرك في اتجاه المصلحة العامة للبلاد والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية اذا تسنى ذلك وهو ما يفسر تقديمي للترشح بصورة متأخرة. وكيف تقيم حظوظك في المنافسة الرئاسية خاصة وانك تدخل غمارها كمستقل في مواجهة ‹›ماكينات» انتخابية كبرى ؟ أولا لم أقارب حظوظي قياسا بالمترشحين، ودوافعي في هذا السياق ما يمكن ان اقدمه من افكار ورؤى واقتراحات، واعتقد أن الناخبين و الرأي العام هم من سيختارون من يرونه الاصلح، فعلا ليس وراء ترشحي ما يسمى ب››الماكينة›› السياسية لكن خيارنا هو الذهاب في محاولة تقديم الافادة دون حسابات وفي النهاية سيكون الاختيار بيد الناخب. تواترت أخبار في الكواليس السياسية حول امكانية انسحابك من السباق الرئاسي، فما صحة ذلك ؟ لم أفكر في ذلك مطلقا، وقناعتي دوما أن أكمل كل المشاريع التي اباشرها حتى النهاية. ماهو رأيك إذن في فكرة انسحاب مترشحين لصالح مرشح ما، وهل من الممكن ان تنسحب على شخصك؟ بالنسبة لي كما أسلفت الذكر لم افكر في هذا الموضوع، لكن اذا ما تعلق الأمر بالمصلحة العليا للبلاد فليست لي اي اعتراضات. طالعنا لك تصريحا قلت فيه انك مرشح مواقع التواصل الاجتماعي فهل تعتبر نفسك كذلك؟ لا، ليس بهذا المعنى، مواقع التواصل الاجتماعي هي حلقة مهمة من حلقات تواصلي مع المواطنين الذين ألقاهم ايضا في الشارع والفضاءات العامة. واعتقد أن قرب المسؤول من الناس معطى مهم جدا في سياق القيام بالمسؤولية على أحسن وجه. لكن مواقع التواصل الاجتماعي تعج ايضا بحملات التشويه التي طالت جل المترشحين؟ فعلا وهي ظاهرة سلبية برزت منذ سنوات متعارضة مع اخلاقنا ومع طبيعة الديمقراطية المستوجب حسن استغلالها للتحاور والنقاش البناء لا لتشويه الناس، وفي هذا السياق اطلب من الجميع ان نحترم بعضنا بعضا وعدم السقوط في خانة الردود لان الاستحقاقات الانتخابية في النهاية هي عرس ديمقراطي والتنافس مهما علت حدته هو من اجل مصلحة البلاد. الا ترى أن المناظرات التلفزية بين المترشحين حل لتجاوز حملات التشويه الفايسبوكية؟ من المرجح أن ارفض الحضور في هذه المناظرات التلفزية التي لا ارى فيها فائدة، وذلك لان كل مترشح له طرح ورؤية واقتراحات موجهة للمواطنين وليست شأنا يعني فقط المترشحين فحسب حتى تتحول الى موضوع جدل في ما بينهم، كما ارى ان الحل الأفضل يكمن في تقديم المترشحين لبرامجهم بشكل عادل وترك حرية الاختيار للناخبين بدلا من إحداث صراعات بين المترشحين أنفسهم. وهل ترى من المجدي ان يقدم مترشح للانتخابات الرئاسية اقتراحات تتجاوز صلاحياته الدستورية؟ علينا ادراك ان السلطات لا يمكن ممارستها بالعناوين فحسب، فهي في حاجة الى اليات تنفيذ وقرارات وقدرة على التنفيذ، اليوم يروج البعض ان لرئيس الجمهورية ملف الامن القومي وان لهذا الملف تقاطعا مع كل الملفات تقريبا في البلاد، لكن في الحقيقة رئيس الجمهورية لا يمتلك اليات تنفيذ القرارات وغير قادر على مجرد تعيين مسؤول وهذا مؤشر على خلل عميق في النظام السياسي الذي ولد شللا تاما في دواليب الدولة. ولو كان للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي القدرة القانونية على تنفيذ القرارات عبر المجالس الوزارية لفعل ذلك لكن القانون لا يخول له سيما وأنه لا يدعو الى انعقاد المجالس الوزارية اساسا، واعتقد أنه كان عليه ان يصارح الشعب بذلك حتى لا يتهم الرئيس بالتقصير والحال أنه فاقد للصلاحيات. فهل هذا يقلل من رمزية رئيس الدولة ؟ رمزية رئيس الدولة لا يمكن في رأيي اختزالها في الشعارات الرمزية دون وجود آليات تمكن من ممارسة سلطة القرار، واعتقد ان النظام البرلماني لم يقدم شيئا لتونس بدليل ما نراه اليوم من نتائج كارثية. اذن بحكم ممارستك لمهام في الدولة هل يمكن في رأيك اختزال الأزمات المتعددة في طبيعة النظام السياسي؟ اليوم تونس تحتاج الى توضيح حدود السلطة التنفيذية ومنح رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مجالا للعمل، واعتقد ان النظام البرلماني الذي نعيش على وقعه طيلة هذه السنوات نزع الحكم من الدولة لصالح الاحزاب السياسية او الاغلبية منها، فليس رئيس الجمهورية فحسب محدود الصلاحيات فرئيس الحكومة المقترح أيضا لا يقدر على تعيينات دون المرور بترضيات الأحزاب. وخلل النظام البرلماني يكمن في المقاربة الخاطئة التي بني عليها من خلال ابعاد الكفاءات وتدمير الدولة بتعلة هدم منظومة بن علي كما لو انه هو الدولة. ويمتد الامر ايضا الى تجربة السلطة المحلية التي اعترضت عنها عند مناقشتها بتلك الصيغة في المجلس الوزاري نظرا لخطورتها في سياق تقسيم تونس إلى أقاليم وهو مانراه يتجسد تدريجيا. ارى انه من الواجب وقبل مرحلة تقديم البرامج تشخيص الواقع بموضوعية، فاما عن البرامج فهي مدونة في العديد من الاقتراحات غير ان تنفيذها يصطدم بعقلية كسل وتقاعس ومنطق فوضى الى حد فقدنا فيه الهرمية التراتيبة في المؤسسات ، وانخرمت المنظومة القانونية بشكل كبير الى درجة يصبح فيه تطبيق القانون استثناء. نحتاج في هذه الفترة الى ارجاع قيمة العمل وثقة المواطن في الدولة والصرامة في تطبيق القانون الذي يبعد تنفيذ المشاريع عن دائرة الصراع والمصالح الضيقة وبعد ذلك تأتي مرحلة تقديم البرامج هل ترى أن التجربة الانتقالية التي لا تتعدى سنوات تسمح بمراجعة هذه الخيارات الكبرى ام أن للمسار امتدادا زمنيا لا يمكن تجاوزه ؟ المنظومة السياسية التي نعيش على وقعها خاطئة ولا يمكن المضي فيها لسنوات اخرى، فكل الاخلالات صارت مكشوفة للعيان وتونس تحتاج الى تصويب المسار قبل فوات الاوان عبر تحديد الصلاحيات الواضحة وتوفير اجهزة رقابية تضمن ممارسة السلطة واحكام الرقابة عليها، لكن للاسف كل من يقر بهذه الحقائق يقع اتهامه بمعاداة الديمقراطية. قلت في تصريح سابق ان الدولة تسيطر عليها المافيا، كيف ذلك؟ الجماعات المتنفذة والمهربون وكل من لهم مصلحة من ضرب الدولة يعملون على اضعاف وجودها، ولأن الدولة هي القانون فكلما ضعف تطبيق القانون زاد انتشار هذه الجماعات ونرى ذلك جليا في بعض التحركات التي يحركها اباطرة التهريب، لكن الانقاذ ليس مهمة مستحيلة فدراسة حقيقة المشكل تحيلنا الى ضرورة استعادة دور السلطة التنفيذية ومن ثمة اقامة قوة الدولة وارجاع ثقافة العمل واحكام تطبيق القانون.ومن المهم ان تتوفر الارادة السياسية وعزم المسؤولين لتحقيق هذه الغاية الوطنية. على هذه الشاكلة ماهي الخطوط العريضة لبرنامجك الانتخابي؟ البرنامج في خطوطه العريضة يتمحور حول العمل بكل الوسائل والامكانيات القانونية المتاحة نحو بناء دولة صلبة متينة و ذات سيادة ، مع الحرص على تثبيت وتنشيط مظاهر الخصوصية التونسية التي فقدناها، علاوة على احترام علوية القانون والعدالة في كل الحقوق والواجبات، واعلاء قيمة العمل. وادعو كل التونسيين الى اختيار رئيسهم بكل نزاهة ومسؤولية سيما وان الوقت لم يعد يسمح بتكرر الأخطاء، وأدعوهم ايضا الى رفض كل الهدايا وعدم الخوف من التهديدات وذلك لأنّ الشعب التونسي قادر على الافضل. في الختام تم ذكر اسمك في قائمة تضم 12 مترشحا نشرتها منظمة انا يقظ حول اكثر المترشحين الذين كانت تزكياتهم الشعبية محل اعتراض. الانتخابات الرئاسية وردت في ظرف استثنائي حتم انتشار المتعهدين بجمع التزكيات في كل الجهات، والاخطاء واردة الحدوث لجميع المترشحين ويمكن ايضا ان تكون بنحو عفوي من خلال جهل قواعد جمعها واعتقد انه هناك حدا فاصلا بين الاخطاء العفوية المحدودة و بين امكانية لجوء مترشح الى قاعدة بيانات ضخمة ، وعموما ارى ان شرط التزكيات لا معنى له وكان بالامكان الاعتماد على شروط قيمية اخرى على غرار الفحص الطبي المعمق او دراسة اجتماعية حول المترشح او شروط اخرى نتفق عليها ويكون لها معنى وذلك لان شرط التزكيات الشعبية لا يحمل اي معنى.