في فيلم وثائقي يبثه تلفزيون بي بي سي بمناسبة مرور 30 عاما على الحرب العراقية ضمن سلسلة وثائقيات "ماذا حدث؟"، كشف مسؤول أمريكي سابق أنّ صدام حسين قد خطط لضربة جوية خاطفة ضد القواعد الإيرانية تنطلق من بعض الدول الخليجية لتدمر القواعد الجوية الإيرانية في الجنوب الإيراني قبل بدء الحرب العرقية الإيرانية عام 1980. إن احتجاز الرهائن خطط له في الولاياتالمتحدة ونفذ في إيران من قبل الحزب الجمهوري وبعض قادته خاصة روكفلر وكسينجر الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر وقال غاري سيك مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي (بريجنسكي) لشؤون الخليج إبان إدراة كارتر أنّ صدام حسين "اتصل فعلا بالعمانيين والإماراتيين والسعوديين، وقال لهم إنّه بات جاهزا لشن حرب أيام ستة فاعلة. وستكون القاضية لإسقاط النظام الثوري في إيران. لكن عليه أن يستخدم قواعدهم لكي يقوم بذلك. وقد وافق العديد منهم". وأضاف "نحن اكتشفنا ذلك قبل يوم واحد من التنفيذ، وفي الغالب عندما كانت الطائرات في الجو متجهة في هذا الاتجاه. وأتذكر أنّنا اتصلنا بعمان وأبلغناهم بأنّ عليهم أن ينتظروا ويفكروا". الجمهوريون خططوا لأزمة الرهائن بني صدر: كل شيء بدأ من أخذ الرهائن أما أبو الحسن بني صدر أول رئيس جمهورية في إيران بعد الثورة الإسلامية، فقد اتهم الحزب الجمهوري الأمريكي بالتخطيط لأزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في إيران وما تلا ذلك من أحداث وصولا إلى الحرب العراقية الإيرانية. وقال بني صدر: "كل شيء بدأ من أخذ الرهائن. الدراسات التي تمت منذ عام 1983 حتى الآن، كلها تشير إلى ذلك. إنّ احتجاز الرهائن خطط له في الولاياتالمتحدة ونفذ في إيران من قبل الحزب الجمهوري وبعض قادته خاصة روكفلر وكسينجر. وتلى ذلك مباشرة فرض العقوبات الاقتصادية ثم الهجوم العراقي على إيران بالترتيب الذي قلته". من جانبه، قال المسؤول الأمريكي السابق سيك إنّ "الإيرانيين كانوا قد أرسلوا مبعوثا إلى ألمانيا في 12 سبتمبر/ أيلول 1980 قالوا عبره ولأول مرة رسميا أنهم راغبون في إنهاء أزمة الرهائن وأنهم يرغبون في تجاوز العقبات والاستعداد لمناقشة ذلك معكم. والتقى الأمريكيون معهم بشكل سري في بون في ألمانيا". لكن الهجوم الذي شنه صدام بعد عشرة أيام "أنهى كليا المباحثات التي كانت جارية إذ اعتقد الإيرانيون أنّ الأمريكيين هم المحرضون على هذه الحرب بسبب أزمة الرهائن". الضوء الاخضر لبدء الحرب سيك: من منظور إدارة كارتر هجوم صدام كان مفاجأة ونفى سيك أن تكون الولاياتالمتحدة قد أعطت الضوء الأخضر للعراق لبدء الحرب، كما نفى وجود أي تنسيق مع الجانب العراقي، مضيفا "الواقع، إذا كنا قد فعلنا شيئا فهو العكس. لأننا كنا في تلك الأيام نحاول أن نفتح علاقة مع الحكومة الجديدة، الحكومة الثورية، وفعلا قمنا بإرسال مبعوثين إليهم لإبلاغهم عن حقيقة أن صدام كان يحشد قواته". ووصف الهجوم العراقي في 22 /9/ 1980 بأنه كان مفاجأة في منظور إدارة الرئيس الأمريكي كارتر، واصفا لحظة معرفته ومستشار الأمن القومي بريجنسكي بالهجوم بقوله: "كنت مع بريجنسكي في ذلك الصباح الذي حدث فيه الهجوم، وعندما سمعت به لأول مرة هرعت إلى مكتبه، وجدت في مكتبي خارطة تبين توزيع الحدود وأنابيب النفط، أخذتها معي إلى مكتبه وجلسنا على الأرض ونشرنا الخارطة وبدأنا في النظر إليها لتحديد الوضع الاستراتيجي". ويرى بافل أكوبوف رئيس رابطة الدبلوماسيين الروس والسفير السابق للاتحاد السوفياتي في الكويت أنّ "السبب الرئيسي، وإن ربط بشط العرب، هو النفط". فضلا عن التناقضات والخلافات الدينية "وما للطرفين من مخططات طموحة للسيطرة على الخليج وعلى منطقة الشرق الأوسط بأسرها". وكشف آكوبوف عن أنّ الاتحاد السوفياتي حينذاك الذي كان قد قطع توريد الأسلحة إلى العراق (عاد لتقديمها له لاحقا بعد عام 1982)، قد عرض على القيادة الإيرانية عبر سفيره فيها آنذاك فلاديمير فينوغرادوف تزويدهم ب"الدعم العسكري وتوريدات الأسلحة، لكن القيادة الإيرانية رفضت هذا الاقتراح معلنة أنّها لا تستطيع القبول بهذه المساعدة لأنّ الاتحاد السوفياتي يدعم العراق ولأنّ الاتحاد السوفياتي قام بغزو أفغانستان". روايتان متناقضتان لم نعط ضوءً أخضرَ للعراق لشن الحرب والواقع، إذا كنا قد فعلنا شيئا فهو العكس، لأننا كنا في تلك الأيام نحاول أن نفتح علاقة مع الحكومة الجديدة، الحكومة الثورية، وفعلا قمنا بإرسال مبعوثين إليهم لإبلاغهم عن حقيقة أن صدام كان يحشد قواته غاري سيك مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي لشؤون الخليج في إدارة كارتر ويقدم طرفا الحرب روايتين متناقضتين لبدء الحرب، ففي الوقت الذي يعتبر الإيرانيون لحظة عبور القوات العراقية للحدود الدولية واندفاعها في عمق الأراضي الإيرانية في 22 سبتمبر/ أيلول عام 1980 فاتحة هذه الحرب، يعيد مسؤولون في النظام السابق في العراق تاريخ بدء الحرب إلى فترة أسبق. ويقول عبد الجبار محسن، الناطق باسم القيادة العامة القوات المسلحة العراقية حينذاك، إنّ التاريخ الرسمي للحرب نعتبره في أبريل/ نيسان لأنّه هناك بدأت عملية ضرب الحدود العراقية بالأسلحة الثقيلة، أما ما حدث في سبتمبر/ أيلول، فهو رد فعل لسلسلة عمليات". كانت الحرب العراقية الإيرانية من أطول حروب القرن العشرين وأكثرها دموية ويقول الدبلوماسي الإيراني السابق رضا قاسمي إنّ العدوان كان متبادلا، بيد أنه يميز بين ما يسميه العدوان التحريضي والعدوان الفعلي. وإذ يتهم إيران بقيامها بعدوان تحريضي فأنه يتهم العراق بالقيام بالعدوان الفعلي، وبذلك ينبغي عليه، بنظره، دفع تعويضات الحرب. ويرى قاسمي أنّ النظام العراقي استجاب للتحريض الذي ارتبط مع "شعارات تصدير الثورة وتصريحات مثل سنذهب إلى القدس عبر كربلاء. وأصبح شائعا إرسال العملاء للاختراق ودعم وتقوية حزب الدعوة الذي كان معارضا للنظام الحاكم في العراق". ظهور العمليات الانتحارية بينما يعيد وفيق السامرائي المدير السابق للاستخبارات العسكرية ومسؤول شعبة إيران فيها إبان الحرب، بدء الحرب إلى المناوشات التي وقعت بين الجانبين "منذ مطلع عام 1980 وتحديدا منذ ربيع ذلك العام، ثم تطورت في الرابع من سبتمبر/ أيلول ثم قام العراق بالهجمات الواسعة والاندفاع الواسع". ويرجع السامرائي إلى فترة الحرب أول ظهور للعمليات الانتحارية في العراق قائلا "أول ما طبقت العمليات الانتحارية في العراق طبقت في تلك الفترة بتوجيه إيراني وتخطيط إيراني ومنفذين عراقيين". أول ما طبقت العمليات الانتحارية في العراق طبقت في تلك الفترة بتوجيه إيراني وتخطيط إيراني ومنفذين عراقيين". وفيق السامرائي مدير الاستخبارات العسكرية العراقية السابق ويرى محمد علي الناصري عضو مجلس شورى حزب الدعوة أن القمة التي وصل إليها الصراع بين نظام البعث وحزب الدعوة في العراق جاءت مع إعدام المرجع الديني الشيعي محمد باقر الصدر، إذ لأول مرة في تاريخ العراق يجري إعدام مرجع ديني كبير. ونفى أن يكون حزب الدعوة قد تلقى الدعم من إيران، قائلا إن "إيران كانت في حالة فوضى ولا يوجد فيها مركز قرار سياسي واستراتيجية سياسية بل العكس نحن في حزب الدعوة كنا أكثر تنظيما من الوضع في إيران. وبالتالي لا يمكن الاعتماد على القول بأنّ إيران قد ساعدت الدعوة". كما كشف الناصري عن أنّ اعتماد الكفاح المسلح والعمليات المسلحة التي قام بها الحزب في تلك المرحلة ومنها محاولة اغتيال طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي جاءت من "مجموعات محلية في الداخل وليس بقرار سياسي مركزي. هناك ما يسمى قوات الشهيد الصدر، وهي موجودة عادة في الجنوب ولها فروع وتجمعات في مناطق أخرى". دقة المسمار قدرت خسائر الحرب ب 400 مليار دولار ويقول فالح عبد الجبار، رئيس "مركز دراسات عراقية" ومقره بيروت، إنّ قرار الحرب جاء "من العراق وليس من إيران"، لكنه يشير إلى دعم إيران للحركات الإسلامية الشيعية في ذلك الوقت واحتضانها له، متحدثا عن الفرق بين النموذج الديني في البلدين بقوله: "زرت إيران في هذه الفترة والتقيت بهم كان اعتقادهم أنّ سيناريو الثورة الإيرانية قابل للتكرار في العراق، بمعنى نزول الجماهير إلى الشارع لتهتف الله أكبر ثم تحتل مخافر الشرطة والطرق والمباني الحكومية، مثلما حصل في إيران دون أن يدركوا أن طريقة تنظيم الدين في إيران تختلف عنه في العراق اختلافا هائلا". ويرى عبد الجبار أنّ الحرب العراقية الإيرانية كانت أكبر كارثة في تاريخ العراق، بل هي بنظره أسوأ من غزو هولاكو لبغداد، ويصفها بأنها "دقة المسمار في نعش المجتمع والمدنية في العراق، التي أنهت الدولة العراقية وحولتها إلى مزرعة شخصية، وحطمت 130 عاما من التراكم الحضاري في لحظة واحدة". ثلاثة عقود إلى الوراء، يعود فيلم "العراق وإيران: الطريق إلى الحرب" ضمن سلسلة وثائقيات "ماذا حدث" التي ينتجها تلفزيون بي بي سي عربي، ليناقش أسباب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية والظروف والملابسات التي سادت المرحلة التي سبقتها ومهدت إليها. مع عدد من شهود تلك المرحلة والفاعلين فيها من الجانب العراقي والإيراني والدول الكبرى.
مصدر الخبر : BBC Arabic a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=10172&t="ماذا حدث؟": أسرار الحرب العراقية الإيرانية بلسان شهودها &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"