رغم عودته المحتشمة منذ 2011 لا يزال إنتاج مادة السكر في تونس يسير ببطء شديد بسبب لا مبالاة الحكومة إزاء الأهمية البالغة لهذا النشاط على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. «الشروق» تونس: والأغرب من ذلك أنّه في خضمّ العجز القياسي للميزان التجاري وتداعياته الوخيمة على قيمة العملة الوطنية ومستويات التضخّم المالي كان من المفروض أن تعجّل الحكومة بإيجاد الحلول الكفيلة بتطوير إنتاج السكر باستخدام اللفت السكري والتي تتعلق أساسا بمنظومة الري الفلاحي. للتاريخ كان نشاط زراعة اللفت السكري قد عاد منذ ثماني سنوات إلى سهول ولاية جندوبة ببادرة من مصنع السكر بمنطقة «بن بشير» غير أنّ الكميات المستخرجة سنويا ظلّت محدودة مقارنة بالإمكانات المتاحة حيث لم تتجاوز معدل 10 الاف طن في العام رغم الإقبال المكثّف واعتماد المصنع المذكور على عقود إنتاج لتحفيز الفلاحين. الاكتفاء الذاتي وفي المقابل تملك تونس الإمكانات الكفيلة بمضاعفة المساحات المزروعة سبع مرات على الأقل لبلوغ 25 ألف هكتار باحتساب المساحات القابلة لزراعة اللفت السكري بولايات جندوبة وباجة وبنزرت. والأغرب من ذلك أن هذه القدرات الضخمة التي بإمكانها التخفيض بما لا يقل عن ٪50 من فاتورة توريد السكر التي تناهز 400 مليون دينار سنويا معطلة بسبب تراخي الحكومة في استصلاح شبكات الري حيث يوجد بولاية جندوبة لوحدها قرابة 40 ألف هكتار قابلة لزراعة اللفت السكري لكنها معطلة بسبب تقادم شبكات الري الفلاحي. كما أن مقاربة الحكومة في التعاطي مع قضية ندرة الموارد المائية تحتاج إلى مراجعة عميقة لملاءمة الأولويات مع المتطلبات الحقيقية للأمن القومي الغذائي الذي يقتضي بالأساس تشجيع نشاط الزراعات الكبرى بما يقلّص من نزيف العملة الصعبة. وفي هذا الإطار حرمان نشاط اللفت السكري من المياه على امتداد المواسم الثلاثة الأخيرة بسبب الجفاف بمثابة التجديف في الاتجاه المعاكس تماما للمصلحة العامة ومتطلبات الأمن الغذائي بوصفه أحد أركان السيادة الوطنية.