هو مثل شعبي تونسي استعملته كعنوان أكثر من مرة في مقالاتي الصحفية لأنه مطابق لما يحدث في بلادنا من أشياء غريبة ومخزية... هذا المثل لمن لا يعرفه معناه: عندما يتخاصم شخصان أو طرفان أو جهتان يقع تسليط العقاب على شخص أو طرف أو جهة لا دخل له في المعركة ولا ذنب له ليكون هو الضحية في هذه المعركة وهذا المثل بالكامل هو كالتالي: «تعرك سعد وسعد الله، حطوا بركة في الحبس». و«تعاركت» وزارة تكنولوجيا الاتصال وتابعتها إدارة البريد من جهة والجامعة التابعة لاتحاد الشغل من جهة أخرى فكان الضحية المواطن التونسي المسكين.. الغلبان، المظلوم الذي لا ناقة له ولا جمل في هذه المعركة؟! سادتي الكرام... الوزير والمحيطون به واعوان وإطارات البريد التونسي! وكاتب عام الجامعة والنقابة المصممون والمصرون إلحاحا على تعطيل مصالح مواطنيكم أسألكم إلى متى هذا التلاعب... وإلى متى يتواصل غياب ضميركم إن كان لكم ضمير؟ إلى متى ستتواصل هذه المهازل؟ إلى متى هذا النزيف.. ومتى سيتوقف مسلسل الإضرابات التي أصبحت بين كل إضراب وإضراب... إضراب؟ عائلات معوزة ومعاقون..ومتقاعدون وطلبة وتلاميذ وشيوخ وعجائز أصحاب حوالات متقاضون وأصحاب مراسلات بريدية مختلفة من رسائل مضمونة الوصول حتى الاستدعاءات القضائية التي يمكن أن يزجّ أصحابها في السجن دون مراعاة ظروفهم وكل هؤلاء ترددوا على مكاتب البريد ليعود كل منهم بخفي حنين دون شفقة أو رحمة من طرف المسؤول الإداري وخاصة المسؤول النقابي الذي لو فكّر لحظة واحدة لتوصّل إلى أن بعضهم أو جلهم اقترضوا ثمن تذكرة التنقل ليعود فرحا مسرورا إلى نزوله حاملا معه منحته الشهرية ليفاجأ بغلق مكتب البريد فمن أين له أن يقترض ثمن تذكرة العودة؟ Il ya quel que chose qui cloche قالها أحد من كانوا ينتظرون الساعات على أمل فتح مكتب البريد وهو محق في ذلك لأنه واع ويعرف ما يقول... نعم هناك شيء ما غريب وغريب جدا وهو ما ستكشفه الأيام. وها هم أساتذة التعليم العالي يتوعدون بمقاطعة السنة الجامعية؟ وإني أعدكم أن دور المعلمين قادم. إذ سيطالبون بمنحة العودة المدرسية (وكأن هذه العودة هي مزية منهم) وغيرها من المنح الكثيرة والغريبة. إن إضراب البريديين يذكّرني بإضرابهم الذي يشنّونه في بداية الثمانينيات من القرن الماضي والذي تواصل عشرة أيام وأذكر جيدا عندما كانوا معتصمين بساحة محمد علي الحاملي أذكر تلك الصيحة التي كانوا يرددونها صباحا مساء: «احنا عندنا حق حق والإدارة ظالمة» واليوم من حق المواطنين المساكين والغلابى أن يصيحوا بأعلى أصواتهم: «احنا عندنا حق حق والنقابة ظالمة».