بيكاسو، أزعج الرجال وأثار حفيظة النساء بجاذبيته التي تكمن في قوة رسومه وشهرته في ميدان الغرام. وكان بيكاسو ينزعج كثيرا كلما صدر كتاب بقلم واحدة من "نسائه". حبيبات بيكاسو كلهن هجرهن لأنهن كن شديدات الاعتماد عليه حتى اذا ضمن ذلك الحب بدأ التعذيب. «شيطان» النساء! جنفياف لابورت ذهبت الى محترفه ابنة 17 ربيعا كي تجري مقابلة معه تنشر في مجلة المدرسة فاذا به ينصب لها فخا فعاشا سويا قصة حب عنيفة. ولقد رسمها وهي ممدة فوق جلد الثور الابيض الشهير الذي يغطي سرير الرسام المولع بمصارعة الثيران. قيل إنه كان انانيا، بخيلا، متوحشا، مسيطرا، والكثيرون اطلقوا عليه لقب "الشيطان". وصف عشيقته ماري تيرنر والتر بالالهة الشقراء، قبل ان تنتحر عام 1977. ولقد ظلت جاكلين روك الموديل والمرأة المفضلة لدى بيكاسو طوال العشرين عاما الاخيرة من حياته. كانت تعشقه وتناديه سيدي وتقبل يديه امام الناس ورسم لها بورتريه بالزي التركي. فرناند اوليفييه، التقت بيكاسو عام 1904 وتبعته كظله الى برشلونة عام 1906 وعام 1912 انفصلا. وظلت ماري حتى الستينات شخصة غير معروفة الى أن جاء ذكرها في كتاب "الحياة مع بيكاسو" الذي كتبته فرانسواز جيلو، وانجب من ماري ابنتهما الوحيدة مايا قبل ان يهجرها عام 1940. جيرترودي ستين :Gertrude Stein 1874-1946 كانت كاتبة وشاعرة ومفكرة من اصل امريكي – بنسيلبانيا – قدمت الى باريس عام 1903 . وحين وصولها باشرت بالكتابة عن فن بيكاسو وماتيس وبراك و همنغواي وغيرهم من الفنانين والادباء الحديثين، وكان لها دور كبير في تحريك وتنشيط الساحة الادبية والفنية في باريس خاصة مع الشباب الطلائعي الذين كانوا ينشدون الحداثة والتغيير . وكانت أمرأة نشطة ولها شخصية قوية ومحترمة فكانت تعقد الندوات والمحاضرات بأستمرار في نواحي كثيرة من باريس، كما كانت من هواة جامعي اللوحات وقد اشترت من بيكاسو عددا من اللوحات و انشأت مع اخيها - ليو – صالون للعرض الفني والادبي في باريس، كما كانت من دعاة حقوق المرأة . جلست امام بيكاسو فرسمها باسلوبه الحديث ولكن تفاجأت بذلك التشويه ولم يعجبها .. كونت مع بيكاسو علاقة صداقة وكانت اكبر سنا منه ولم تجذبه من ناحية الجمال الشكلي ابدا . و لقد عرفته جيدا من خلال اصدقائه وكانت حذرة منه . ويذكر المؤرخون ان هناك نحو 200 رسالة متبادلة بينهما غير ان الاثنين كانا لا يتقنان اللغة الفرنسية . وكانت هناك محاولة لنشر هذه الرسائل .. وفي عام 2008 صدر كتاب – بابلو بيكاسو / جيرترودي ستين – في اللغة الانكليزية يتحدث عن علاقتها مع بيكاسو . جينيبي لابوتي :Genevie Lapote 1926-2012 كانت لابوتي قد اصدرت عدة كتب عن حياة بيكاسو منها – الحب السري لبيكاسو - وكانت تحبه حبا كبيرا بحيث لم تنظر الى الجوانب السلبية التي عرفها الناس عنه، عكس بقية الفتيات اللاتي عشن وعاشرن بيكاسو وخرجن منه محطمات حزينات بائسات، يلعن اليوم الذي تعرفن فيه على بيكاسو فمنهن من انتحرت ومنهن من اصابهن الجنون ومنهن من غادرته بسرعة قبل ان تسقط ضحية بين يديه ... ولكن مع كل ذلك اقتربن منه لشهرته وعبقريته ورجولته . ولدت لابوت عام 1926 في فرنسا وتعرفت على بيكاسو عام 1944 وكان عمرها 17 سنة وكانت تعمل كصحفية في مجلة طلابية، فذهبت الى بيكاسو لمقابلته ، ومن هناك شبكها و تعلقت به. ولقد رسمها بيكاسو في لوحات عديدة وباوضاع مختلفة، جالسة، عارية، نائمة، مرتدية، ولكنها لم تعش طويلا معه حيث حذرها اصدقاؤها منهم الشاعر باول اروارد، بان بيكاسو يقتل كل من يحبه من النساء . و تقول في احد كتبها (ان النساء لهن الفضل في بروز عبقرية بيكاسو، فقد عملن منه العبقري الذي وصل الى حد انه يستطيع ان يطفء السيجارة في خد فتاته !) أما الرسامة الفرنسية فرانسواز جيلو عاشت معه عشر سنين وأنجبت منه ولدين كلود وبالوما، وبعد انفصالها عنه في الخمسينات أصدرت فرانسواز كتابا بعنوان "العيش مع بيكاسو". وفحواه ...نساء بيكاسو لسن كائنات من لحم ودم. ولسن تلك اللحظات العابرة، حيث تتألق شهوة التملك والسيطرة، لكنهن كائنات نورانية أتى بهن من خارج الوعي، وأدخلهن أتونه الملتهب !! لا جاكلين، ولا فرناند، ولا ماري تيريز، ولا غيرهن .. بل جوهر الحياة ! أحب بيكاسو الحياة، وأقبل عليها بنهم شديد ...وتبقى حبيبته الاولى والأخيرة ابنته بالوما بيكاسسو، ولدت عام 1949 في باريس واسماها بالوما وتعني الحمامة تيمنا بتلك الحمامة التي رسمها عام 1949 واحتفالا بالسلام العالمي الذي لم يأت بعد. نهاية رسام ولكن بعد انفصال فرانسواز عنه شعر بيكاسو بأنه في الجحيم، كل شيء حوله تلفّه الوحدة، مات صديقه الرسام ماتيس، ولا توجد امرأة قربه تواسيه، صار كهلاً، وبدأ يشك في أن هناك امرأة يمكن أن تعيد إليه حيويته، الى أن التقى جاكلين روك، امرأة ناعمة الخدين، زرقاء العينين، تتكلم الاسبانية قالت وهي تنظر إليه: "كيف يمكنني أن أترك هذا الرجل المسكين وهو في مثل هذا العمر»، أخذت تتردد كثيراً على مرسمه، قال لها ذات يوم: «كل النساء اللواتي تعرفت عليهن كن حبيباتي، أما أنت فستكونين أرملتي» لقد وجد نفسه امام امرأة تهتم به وتحترم كل طباعه: «إنّها أوّل امرأة تفهمني، وترجع لي حب الخلق الفني»، بدأ يعمل بنشاط، عمره الآن اربعة وسبعون عاماً، وقرر الزواج منها، واحتفل بالأمر بكل سرية، وأخذ وجه جاكلين يتكرر في أعماله، وجه المرأة الموحية، المرأة التي تحيي، المرأة التي يخاف منها. قال لها بيكاسو بعد أن بلغ الخامسة والثمانين من عمره - يا للعجب لقد استغرقت خمسة وثمانين عاماً، لكي أصبح شاباً وستبقى شاباً الى الأبد.. قالت له وبحلول عمر 91 عاما كان الفنان الإسباني بابلو بيكاسو قد أنجز أكثر من «30» ألف قطعة فنية بمعدل قياسي يشير إلى أنه لم يهدر أي يوم في حياته سدى بدون عمل. وكان وسيظل مصدر إلهام للآلاف من الفنانين الشباب والمعجبين بإرثه الإبداعي الفريد منذ كان طفلاً طموحاً في أسرته المتوسطة حتى أصبح من أكثر الفنانين تأثيراً ونفوذاً وأهمية في القرن العشرين. والمحظوظ والأكثر ثراءً بمقاييس الفن الحديث هو الذي يمتلك إحدى لوحاته ويعتبرها أيقونة في حياته ورمزاً لعصر بيكاسو الذهبي المهم إنسانياً وفنياً الذي لا يتكرر! وذات صباح من عام 1973، اتصلت جاكلين روك بالطبيب وقالت له، بأن صحة بابلو ليست على مايرام، وعندما وصل الطبيب كان كل شيء قد انتهى، مات الرسام العظيم الذي قال عنه الرئيس الفرنسي بومبيدو: «انه الخلود الدائم للأمة الفرنسية"، شعرت جاكلين بأن الأشياء لم تعد لها معنى بعد غياب بابلو، عاشت وحيدة في القصر الكبير الذي تركه لها مع لوحاته وذكرياته، وقالت لاندريه مالرو في الحوار الذي نشره في كتابه "الحبل والفئران" عندما سألها عن أحوالها : "انها تفضل الموت على الحياة من دونه"، وهكذا قررت ذات يوم من نوفمبر عام 1986 أن تضع حداً لوحدتها وعذاباتها، فوضعت فوهة المسدس على صدغها وأطلقت النار . وكتب بول ايلور: "بيكاسو أحبّ بشدة، لكنه دمر الشيء الذي أحبّه ". ! إنتهى