مكتب سليانة – الشروق لكسرى طابع معماري تفردت به عن باقي المدن إذ تبدو بيوتها معجونة بالصخر فالأزقة و الطرقات و الانهج تشبه إلى حد كبير مدينة "سيدي بوسعيد" منطقة كسرى حباها الله بعديد الخصال و المزايا الطبيعية والتاريخية و الجغرافية إذ تقع على جبل يتجاوز ارتفاعه الألف متر وينته الجبل إلى منبسط أعلاه مستديرا حرزته عوامل الانجراف لتترك فيه أشكالا طبيعية يخيّل للناظر إليها انه بصدد التجوال بمدينة أثرية طابع خاص تعتبر مدينة كسرى ذات طابع معماري مخصوص إذ تبدو بيوتها للوهلة الأولى بأنها معجونة بالصخر، فالأزقة و الطرقات والمسالك يفرض هيأتها و التواءاتها الصخور المتعانقة منذ العهود الجلمودية الأولى. فرغم نشأة نواة مدينة أخرى و تسمّى بكسرى السفلى والتي تموقعت في سفح الجبل و على حافة الطريق المؤدية إلى القيروان و الساحل إلا أن كسرى القديمة موضوع حديثنا لها جاذبيتها و سحرها و جمالها الخلاب إذ حافظ الأهالي على رونق هذه المدينة من خلال البناء بالحجارة المقطوعة من الجبل التي يتم تسويتها و تحضيرها للبناء و يتم استعمالها خاصة في بناء الطوابق الأولى للمنازل مما جعلها تتفرد عن سائر المدن التونسية بطابع معماري خاص بها هذا بالإضافة إلى جدران و أزقة المدينة و خاصة الدرج الذي يشبه إلى حد كبير درج "سيدي بوسعيد" الذي ينتهي إلى المنبسط في أعلى الجبل، بالتوازي مع ذلك و للحفاظ على طابعها الخاص تم أيضا العناية بمنابع العيون إذ تم لذلك بناء طرق مؤدية إلى هذه العيون وجدران من الحجارة يخيل للمارة و للزائر لها أنها من صنع الطبيعة و ليس من صنع الإنسان. وتتميز هذه البلدة الحالمة بما تبقى فيها من آثار الحقبة الرومانية التي تجانست مع البناءات القديمة المتداخلة بين الصخور والمنتصبة فوقها، ومع الطابع البربري المتمثل في تلك لأزقة الضيقة الملتوية، وكل هذه الشواهد رموز ناطقة تحكي عن العصور الغابرة، وتعود بالزائر المتمعّن الى قرون خالية، كما تشكل صورة عن المراحل الأولى للفن المعماري، وتختزل مثالا حيّا ومتكاملا عن روعة القرية الفلاحية الجبلية. متعة السياحة وتنفرد كسرى بمقوّمات كثيرة تزيدها قيمة، منها، إلى جانب الجمال الطبيعي، ثراء التراث والثروة الحيوانية البريّة وإمكانات الصيد المتاحة، وتربية النحل والعسل الصافي، والتين الشهير، وزيت الزيتون، ومنتوجات فلاحية أخرى متنوعة، وهي مواد بيولوجية وصحيّة باتت مطلوبة، وتشكل واحدا من العوامل التي يمكن أن تجعل من كسرى منطقة ذات ثقل سياحي، لو صحّ العزم على حسن استغلالها وتوظيفها، ولو التفتت اليها الأنظار، وتوجّه اليها جهد الاستثمار من قبل كل الأطراف وفي مقدمتها أبناء كسرى أنفسهم.