لن نجد من نصوت له ما العمل إذا لم يجد الناخب مرشحا للرئاسية يختاره دون البقية؟. قال صاحبي: مسكين أنت، ما هذا الهراء فالمرشحون كثر، وقد يجد الناخب صعوبة في اختيار واحد من 26 مرشحا. بمنطق العرض والطلب هناك 26 مترشحا وسيكون لكل واحد منهم عدد من الأصوات، حتى أقل الجميع حظا سيستأثر بأصوات أسرته وأحبابه ومعارفه، ولكنني أقصد النسبة التي يستهدفها المترشحون بحملاتهم الانتخابية. هي النسبة المؤثرة في الانتخابات والقادرة على ترجيح كفة هذا المترشح أو ذاك ولولا أهميتها لاكتفى كل مترشح بأصوات ناخبيه المضمونة سلفا ولسخر من الحملات الانتخابية ووقى نفسه من مصاريفها واجهادها ومخاطرها. هناك نسبة عالية ومهمة ومؤثرة من الناخبين لا تدري إلى اليوم أتصوت لهذا المرشح أم ذاك، أتعتبر عبد الكريم الزبيدي وطنيا منقذا أم مجرد طرطور، أتعد عبد الفتاح مورو الأفضل بين منافسيه أم مجرد فلكلور و حربائي، أتصدق مقولة أن يوسف الشاهد رجل الدولة الأصلح بتونس والأنفع لها أم مشروع دكتاتور في بلد يسير في طريق الديمقراطية، أتصدق أن نبيل القروي منقذ البطون الجائعة أم مجرم ضالع في غسل الأموال والتهرب الجبائي. كل مرشح من المرشحين ال26 نبي في قومه، ملاك لدى أنصاره، وطني عند المستفيدين من فوزه بمن فيهم أكثر العابثين بالوطنية والمدمرين للوطن… هذا حقه وحقهم، ولكن المشكلة أن يتحول كل واحد في نظر خصومه إلى رمز للفشل والخيانة والإجرام والكذب وكل العيوب السبعة. الشاهد عدو للديمقراطية بمنطق عدد من منافسيه أهمهم الرياحي والقروي، ومورو مورط بمحاولة الانقلاب على الشرعية من وجهة نظر الزبيدي، وعبير موسي تجمعية إقصائية في عرف النهضويين، والهاشمي الحامدي رمز للهذيان في رأي زيد، وقيس سعيد مرشح حزب التحرير الكافر بالديمقراطية والانتخابات والراية التونسية وفق عمرو، والصافي سعيد يعيش في الخيال حسب فلان وسلمى اللومي بالكاد تعرف اسمها وهويتها وفق فلتان، ومنصف المرزوقي عميل قطر حسب هذا، ومحسن مرزوق يلعب ورقة الإمارات حسب ذاك… لن نجد مرشحا واحدا نظيفا لو نظرنا إليه بعيون منافسيه ما يبعث الشك والحيرة في نفوس الناخبين غير المنضبطين. هل أرشح هذا أم هذا أم هذا؟ هي المرحلة الأولى من التردد تتلوها خطوة ثانية خطيرة وهي مرحلة التساؤل: ماذا لو كانت التهم صحيحة هل أكون مساهما في التصويت لمرشح فاسد؟ بعدها يأتي موعد المرحلة الثالثة، مرحلة البحث عن مرشح خال من العيوب أو بالأحرى من التهم وعندها لن يجد غايته. قلنا من البداية: "ما العمل إذا لم يجد الناخب مرشحا للرئاسية"... مسكين صاحبي.