26 مترشحا من جملة 97 مترشحا تم قبول ملفاتهم مبدئيا وفق ما أعلنته أمس هيئة الانتخابات، في القائمة المقبولة بصفة أولية غابت الترشحات الفلكلورية، وغابت معها الشخصيات النكرة لكن هناك ما يسترعي الانتباه. تونس «الشروق»: مترشح واحد كان له شرف الجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية، فبعد وفاة الرئيسين الحبيب بورقيبة وهروب (أو تهريب زين العابدين بن علي) وزهد خلفه فؤاد المبزع في مواصلة ممارسة السياسية لم يتبق غير الرئيس محمد المنصف المرزوقي الذي سيكون مبدئيا رئيس الجمهورية الوحيد في مواجهة البقية. في المقابل حضر رؤساء الحكومات بقوة عبر قبول ملفات ترشح رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد مثله مثل مهدي جمعة وحمادي الجبالي. ما يعني أن رؤساء الحكومات الثلاثة سيكون في صراع محموم مع رئيس الجمهورية الأسبق على أمل ألا تحصل الخلافات لاحقا بين ساكن قرطاج وساكن القصبة. لا نجد أي قاسم مشترك بين هذا الثلاثي الأخير عدا رئاسة الحكومة فالأول يرأس حركة تحيا تونس المتفرعة عن الحزب الأم «نداء تونس» والثاني يرأس حزب البديل التونسي الذي أسسه بعد انتهاء مهامه على رأس الحكومة الانتقالية سنة 2014، أما الثالث فقد كان أمينا عاما لحركة النهضة قبل أن يستقيل منها ويتحول إلى شخصية مستقلة لكن هذا يقودنا إلى ملاحظة على قدر كبير من الأهمية تتعلق بالمنافسة غير المباشرة بين حركتي النهضة ونداء تونس: ستة في مواجهة ثلاثة كانت المنافسة على أشدها بين الحركتين خلال الاستعداد لانتخابات 2014 التشريعية وقد آل الفوز آنذاك لحركة نداء تونس فيما حلت حركة النهضة ثانية. خلال السنوات الخمس الماضية تفجر النداء من داخله و«فرّخ» عددا من الأحزاب التي ظهر صداها في الترشح للانتخابات الرئاسية الحالية، ورغم أن النداء لم يرشح للرئاسية شخصية من صلبه فإن عددا من أبنائه حضروا في رئاسية 2019، ذلك أن القائمة تضم يوسف الشاهد وسلمى اللومي وسعيد العايدي ومحسن مرزوق ونبيل القروي والناجي جلول. أما حركة النهضة فقد حافظت نسبيا على تماسكها وانضباطها رغم الهزات والمشاكل الداخلية والخارجية العديدة لكن مرشحها الرسمي عبد الفتاح مورو سيجد بعض النهضويين السابقين في منافسته، يكفي أن نذكر الأمين العام السابق حمادي الجبالي وعضو مجلس الشورى المستقيل حديثا حاتم بولبيار فضلا عن قيادات نهضوية أخرى قيل إنها تدعم مرشحين منافسين لمورو مثل دعم لطفي زيتون للمرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي. في انتظار المواجهة المباشرة لو حافظت حركة النداء على تماسكها لرشحت مرشحا واحدا بدل الستة المنشقين عن النداء، ولو لم تشهد النهضة بعض الاستقالات لما وجدنا ثلاثة نهضويين (حاليين وسابقين) في منافسة بعضهم البعض. المشكلة الرئيسية تتعلق بالتشتت، فأصوات النهضويين مثلا لن تذهب كلها إلى مورو بل قد يذهب بعضها إلى الجبالي وبعضها الآخر إلى بولبيار المترشح بتزكيات من نواب نهضويين بل قد يفوز مرشحون آخرون مستقلون ومتحزبون بقدر من رصيد النهضة الانتخابي بما أن مرشحين مثل منصف المرزوقي وسيف مخلوف وقيس سعيد يجدون تجاوبا مع بعض القاعدة النهضوية. في المقابل يرفع ستة ندائيين سابقين لواء الدفاع عن روح النداء ما يعني تشتت القاعدة الانتخابية بينهم وسيزداد المشكل تعقيدا عندما يجدون منافسين آخرين مقربين من العائلة الندائية مثل مهدي جمعة وحتى عبير موسي فهي تستأثر بدعم التجمعيين السابقين والإقصائيين ولكنها ستنافس الندائيين والوسطيين عموما في مخاصمة حركة النهضة. التنافس سيتواصل في النهاية بصفة غير مباشرة بين النهضويين والندائيين بعد أن وقع جميعهم في فخ التشتت لكن قد تتحول المنافسة إلى مواجهة مباشرة لو مر مرشح نهضوي أو مقرب من النهضة إلى الدور الثاني رفقة مرشح ندائي الأصل.