النائب علي زغدود: سنقترح تعديل الفصل 50 للترفيع في الضريبة على الثروة    وزارة الأسرة تنظم دورة تكوينية لفائدة رؤساء مصالح كبار السنّ حول حوكمة التصرف في التمويل العمومي    قابس: الاعداد للانطلاق في استغلال القريتين الحرفيتين بقابس المدينة والمطوية    الدورة الثانية لصالون الفلاحة والماء والري والطاقات المتجددة بالاقليم الخامس من 31 مارس الى 4 أفريل 2026 بولاية مدنين    مشروع اصلاح شهادتي الماجستير والإجازة: جامعة التعليم العالي تدعو إلى التريث والانفتاح على الهياكل البيداغوجية    يوم تحسيسي حول " أهمية التغذية السليمة في الوقاية من مرض السكري " بوكالة التهذيب والتجديد العمراني بتونس العاصمة    فخر كبير لعين دراهم: أولاد هلال تتحوّل لمنطقة سياحية    عاجل: 70 ملم أمطار غزيرة ممكنة في هذه المناطق    العاصمة: إيداع شاب السجن بعد طعنه عون أمن ومواطناً داخل مركز أمني    وزارة الصناعة تدعو هؤلاء إلى إيداع دراسة إزالة التلوث قبل موفى 2025    خلال لقائه برئيس Afreximbank... سعيّد يؤكد استعداد تونس لتعزيز التعاون المالي الإفريقي    تونس: خبزة قاطو عادية ل6 أشخاص ب 45 دينار!    عاجل: الحرارة تنزل الى صفر درجة بهذه المناطق    نابل: انطلاق موسم الزراعات الكبرى وسط تشكيات من انعدام توفر البذور) فيديو)    عاجل : فيديوهات ''توم توم ساهور'' و''باليرينا كابتشينو'' تهدد صحة صغاركم    الترجي الرياضي: المساكني يباشر التمارين.. وموعد جديد لرحلة أنغولا    الملعب التونسي: جمال الدين ليمام يخضع لتدخل جراحي ناجح    إرشاد المستهلك تقترح زيت الزيتون بين6 و 9 و10 دينارات للمستهلك التونسي    صدمة في إسطنبول: عائلة ألمانية تموت فجأة في فندق!..شنيا الحكاية؟    شنوا حكاية الظاهرة الغريبة اللى قربت للأرض ؟    الشتاء جاء: تعلّم كيفاش تسعف شخص تعرّض للإختنق بسبب وسائل التدفئة    بعد نشر صواريخ يابانية.. الصين تتوعد بسحق أي تدخل أجنبي في تايوان    "حظر الأسلحة الكيميائية" تجدد عضوية الجزائر في مجلسها التنفيذي ممثلة لإفريقيا    دكتور للتونسيين: هاو كيفاش تعرف روحك مريض بالوسواس القهري    حذاري: 4 مأكولات تخفي سموم كان عاودت سخنتها في ''الميكرووند''    النادي الإفريقي: اليوم وصول الوفد الف..لس..طي..ني    يتزعمها مصنف خطير معروف بكنية " dabadoo" : تفكيك امبراطورية ترويج المخدرات في سيدي حسين    للتوانسة : شنية الشروط الى لازم تتوفر فيك بش تجيب كرهبة مالخارج ؟    مباريات نار اليوم في دوري أبطال أوروبا..شوف شكون ضد شكون!    منخفض جوي جديد مع بداية ديسمبر... حضّر روحك للبرد والمطر    تعليمات رئاسية عاجلة: تطبيق القانون فورًا لرفع الفضلات بالشارع    نبوءة مثيرة للجدل تعود للواجهة!.. هل اقترب "اليوم الأخير للعالم"؟    وثيقة وقعها بوتين: سنجعل 95 % من سكان أوكرانيا روسًا    بطولة المنامة (2) للتنس للتحدي - عزيز واقع يخرج من الدور السادس عشر على يد الالماني ماكسيليان هومبيرغ    عاجل: تونس في كاس العرب ...هذه القنوات المجانية للنقل التلفزي    انسحاب صادم.. أشهر حكمة مغربية تعلن اعتزالها وتكشف السبب    لسعد بن عثمان " لمين النهدي والمنجي العوني ودليلة المفتاحي استخسروا على نور الدين بن عياد مجرد تعزية"    البنك الأفريقي للتنمية يُموّل مشروع تعصير شبكة مياه الشرب وتقويتها في تونس الكبرى بقيمة 111.5 مليون أورو    شهداء بنيران الاحتلال في غزة والنازحون يصارعون البرد والسيول    أشغال تهيئة في مسرح أوذنة الأثري    من دمشق والقاهرة إلى أيام قرطاج المسرحية.. المهرجانات المسرحية العربية.. رحلة نصف قرن من الإبداع    اليونسكو تطلق مشروعا جديدا لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس بقيمة 1.5 مليون دولار    إيداع 5 متهمين السجن في قضية تحيّل إلكتروني بقيمة 3 ملايين دينار    عدد زوّار تونس يزيدة ب10،3٪ إلى حدود 20 نوفمبر    سامي الطرابلسي: استمرار قيادتي للمنتخب مرتبطة بتحقيق هذه الأهداف..#خبر_عاجل    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    الممثلة التونسية عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم ''الجولة_13''    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم...مع أحمد باي وابن أبي الضياف في زيارة فرنسا (3)
نشر في الشروق يوم 12 - 09 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
ابن أبي الضياف ( أحمد بن محمد): مارس 1802 29 10 1874
كما زار البرلمان، وسمّاه الكاتب دار الندوة في قوله: «وتوجّه إلى دار ندوتهم. وهي بيت وكلاء المملكة، ولك أن تقول بيت عمران المملكة وثروتها ونجاحها. وهي من المباني العظيمة المحترمة. ورأى كراسي الوزراء ومواضع أهل الشّورى صفوفا على مدارج، ويقابلها روشن للسلطان يجلس فيه يوم فتحها، ويقف فيه خطيبا بإلقاء ما يريد إلقاءه على المسامع لتفكّر فيه عقول الحرّية» (ص 145 - 146). وعلاقة هذا المكان بالشورى التي يريدها المصلحون واضحة وضوح النظام الديمقراطي، أو – على الأقلّ – الملوكيّة المقيّدة بدستور.
وفيما يلي بقيّة المزارات كما وصفها أحمد بن أبي الضياف، كاتب الباي: «وتوجّه إلى دار الحيوانات والنبات، ورأى من صنع الله الدليل القاطع على باهر قدرته. وتوجّه لمحلّ يسمّى قبلان، وهو موضع النّسج بالصّوف الملوّن مع التصوير، يصنع فيه النّاسج ما يصنعه المصوّر بأدهانه. وللفرنسيس اعتناء بهذه الصّناعة التي قلّ من شاركهم فيها، وهي عجيبة. وأهدى السلطان صورته من ذلك النسيج إلى الباي . وهي الآن في قصر الملك بباردو. وتوجّه إلى المحلّ المعروف بسيفر المعدّ لصنع الأواني من الطّين المزوّقة بالأدهان المزرية بأواني الفضّة لما فيها من الجودة واتقان الصناعة وعجيب الدّهن على اختلاف أنواعها وأشكالها. وتوجّه إلى دار الكتب المرتفعة المتّسعة الهائلة. وبها عدد كثير من المصاحف القرآنية وكتب الأحاديث النبويّة والدّواوين الفقهيّة والتّفسير وغير ذلك من الكتب الإسلاميّة في غالب الفنون وما لا يحصى من الكتب الإفرنجيّة . يطلب الجالس في طاقها الرّابع من قيّم البيت الأسفل كتابا فيطلع إليه الكتاب في الحين بآلة، ويسمع الأسفل كلام الأعلى من حلاقيم نافذة من كلّ طاق إلى ما يليه. وفيها من البيوت لجلوس الناظرين ما يعين على الاستفادة. وفيها من المصاحف المنمّقة ما يذهل الفكر ويستوقف النّاظر. ومنها مصحف بصندوق يخصّه، ذكروا أنّ الرّشيد العبّاسي أهداه لمن في عصره من ملوكهم» ( ص 146).
ثمّ أشرف الباي، قرب الأنفليد، على تدريب عسكري واستعراض شارك فيهما خمسة وعشرون ألفا من عسكر المدفعيّة والخيّالة . ثمّ استضافه ابن الملك في قصر تويلّري (Les Tuileries) لمأدبة كبيرة، كما استضافه أصغر أبناء الملك في قشلة المدفعيّة، وتسمّى فنسان (Vincent) لعرض ليليّ بالشماريخ المبهرة والثمينة (ص 147). ثمّ توجّه إلى دار التعليم الكيميائي فوجد من فيها بصدد اختراع سلك الإشارة الأعجوبة الموجودة الآن، على حدّ قوله (ص 148). وكأنّه يقصد الهاتف .
وعلى هذا النحو واصل الباي رحلته وواصل كاتبه تدوينها حتّى قال : « ولم يزل مدّة إقامته في باريس ينتقل كلّ يوم من نزهة إلى نزهة وهو مع ذلك يتذكّر تونس وعادات أهلها وأماكنها عند مشاهدة كلّ شيء عجيب ويقول : ليت مثل هذا عندنا بالمحلّ الفلانيّ من تونس . حتّى أنّه مرّ يوما بالمهيع (الفضاء) المعروف بشان زلزا (Les Champs-Elysées) ومعناه ممشى الجنّة فقلت له: كاد أن يوافق الاسم المسمّى. فقال لي: ما أشوقني للدّخول من باب عليوه وأشمّ رائحة الزّيت من حانوت الفطائري داخله. فقلت له مداعبا وأنا أتنفّس في هواء الحرّية وأرد من مائها وقدماي بأرضها: يحقّ لك ذلك لأنّك إذا دخلت من هذا الباب تفعل ما تشاء . أمّا الآن فأنت رجل من النّاس. فقال لي : لا سامحك الله! لم لم تحملني على حبّ الوطن لذاته وعلى أيّ حالاته ؟ فقلت له: إنّ هذا البلد ينسي الوطن والأهل كما قال الشّاعر:
ولا عيب فيهم غير أنّ نزيلهم
يعاب بنسيان الأحبّة والأهل
فقال لي : إذن يصدق علينا المثل المشهور عند العامّة : من رأى قمح النّاس لا يبزّع شعيره» (ص 148 – 149).
وأخيرا، عاد الباي ومرافقوه إلى أرض الوطن في باخرة ملك فرنسا، من ميناء مرسيليا – بعد زيارتها – إلى ميناء طولون، ومنه إلى ميناء حلق الوادي. وكلّ منهم منبهر بما رأى ومتطلّع إلى ما ينبغي أن يكون في تونس المحروسة، باستثناء من أعمتهم مصالحهم الشخصيّة.
انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.