تسبب توتر العلاقات بين الحكومتين الفرنسية الأمريكية حول توقيت الغزو الأمريكي للعراق إلى تراجع فرنسا عن أرسال نحو 15 ألف جندي لمشاركة القوات الأمريكية وغيرها في الحرب على العراق. وقال كتاب صدر في فرنسا بعنوان «شيراك في مواجهة بوش: الحرب الأخرى» أن الجنرال الفرنسي، جان باتريك غافيارد زار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) للاجتماع مع هيئة القيادة المركزية الأمريكية في 16 ديسمبر 2002، أي قبل ثلاثة اشهر من بدء الغزو الأمريكي ليبحث في مساهمة فرنسية بقوات تتراوح ما بين 10-15 ألف جندي وللتفاوض بشأن حقوق الهبوط والرسو للطائرات النفاثة والسفن الفرنسية. ويقول أحد مؤلفي الكتاب، ثوماس كانتالوب، أن المسؤولين العسكريين الفرنسيين كانوا مهتمين بصورة خاصة في الانضمام إلى الحرب على العراق لأنهم شعروا أن عدم اشتراكهم مع الولاياتالمتحدة في حرب كبيرة سيجعل القوات الفرنسية غير مستعدة لصراعات مستقبلية. غير أن المفاوضات التي قادها غافيارد لم تحرز تقدما كبيرا قبل أن يقرر الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأن الأمريكيين يقومون بالضغط بصورة سريعة جدا لعرقلة عمليات التفتيش الدولية على برامج التسلح العراقية. ويقول الكتاب أن شيراك كان مستعدا للانضمام إلى الحرب لو لم يسمح الرئيس العراقي صدام حسين لمفتشي الأسلحة بدخول العراق. ويضيف موضحا «وحتى شهر ديسمبر 2002، فإن الجميع أبلغونا أن فرنسا اعتقدت أن صدام حسين سيقوم بخطأ ولا يسمح بعمليات التفتيش.» ويقول كانتالوب وهو صحافي فرنسي يعمل لصحيفة ليبارسيان، أنه بعد أن بدا أن المفتشين يحرزون تقدما في العراق تغير تفكير شيراك، وبخاصة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي في فرنسا معارضة واسعة لشن حرب على العراق.» وقد امتنع مسؤولون في البيت الأبيض عن التعليق عما ذكره الكتاب. ويتضمن الكتاب سردا مفصلا عن تدهور العلاقات بين بوش وشيراك وهو حصيلة مقابلات أجراها كانتالوب وزميله في الصحيفة ذاتها هنري فيرنيت، مع أكثر من 50 مسؤولا عسكريا ودبلوماسيا في الولاياتالمتحدةوفرنسا. ويكشف الكاتبان النقاب أيضا عن أن المسؤولين الفرنسيين أصبحوا مقتنعين أن الولاياتالمتحدة تتجسس على المحادثات الهاتفية لشيراك بعد أن حذر مسؤول أمريكي مسؤولا عسكريا فرنسيا بأن «العلاقة بين رئيسكم ورئيسنا لا يمكن إصلاحها على المستوى الشخصي، وعليكم أن تفهموا بأن الرئيس بوش يعرف بالضبط رأي شيراك فيه».