انتخاب تونس عاصمة للسياحة العربية لسنة 2027    نابل: تقدّم موسم جني الزيتون بنسبة 20 بالمائة    ترامب: أوروبا مجموعة دول متداعية يقودها أشخاص ضعفاء    المدرب أمين الباجي يكشف ل "وات" عن أهداف شبيبة العمران بعد تعيينه مدربا أولا للفريق    حالة الطقس هذه الليلة..    فتح باب الترشح لبعثة الحج: الشروط والاجراءات..#خبر_عاجل    عاجل: ممثلة تركية شهيرة تتعرض للضرب من زوجها بعد 5 أشهر من الزواج    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد – الجولة الثامنة عشرة (المرحلة الأولى)    تونس تسجل يوميا 3 وفيات و19 جريحا نتيجة 14 حادثا مروريا بكلفة تتجاوز 1 فاصل 7 مليار دينار سنويا (مصدر أمني)    إسرائيل تعقد اجتماعات طارئة وتهدد بخطوات رسمية ضد دمشق بعد هتافات الجيش السوري المؤيدة لغزة    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تتولى حصرياً اصدار شهادات التصدير في 2026 الخاصة بالمنتجات النباتية    عاجل/ انتخاب تونس عاصمة للسياحة العربية    هل سُحر موسى... أم سُحِر المشاهد؟    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    إحذروا.. فقدان حاسة الشم يُنذر بهذه الامراض الخطيرة..    عاجل : أحمد سعد يكشف ... تامر لا يزال يعاني    تورّطت فيها أمّ وأبنها: الإعدام والمؤبد في جريمة قتل سائق تاكسي في تونس    الملياردير الأمريكي "بيل غيتس" يدعم وزيرة السعادة "أنس جابر"    شركة روش تعيّن السيد ماثيو جالاي مديرًا عامًا لتونس وليبيا    مع اقتراب رأس السنة: حجز كميات هامة من المرطبات غير صالحة للاستهلاك..#خبر_عاجل    عاجل: الشؤون الدينية تُعلن عن تسعيرة الحجّ    أصلان بن رجب يدعو الشباب إلى الاعتماد على المبادرة الفردية والذاتية    عاجل: أجواء متقلبة تعود إلى شمال إفريقيا بداية من هذا التاريخ..هل تونس معنية؟    الإتحاد المنستيري يكشف عن هوية مدربه الجديد    مشاهد مثيرة للجدل حول "مفاهمة" بين لاعبي فلسطين وسوريا خلال ضربة جزاء غير محتسبة    قبل النوم بلحظات.."غلة ثمينة" تهدئ جسدك وعقلك..    عروض سينمائية ومسرحية وورشات متنوعة في الدورة الثانية لمهرجان أيام المسرح بمنوبة من 13 إلى 18 ديسمبر 2025    المركز الاجتماعي والثقافي بروما ينظم برنامجا احتفاليا لفائدة العائلات التونسية والعربية يوم 13 ديسمبر 2025    الحماية المدنية: 574 تدخلا في ال 24 ساعة الماضية    طرابلس تستعد لافتتاح المتحف الوطني بعد 14 عامًا من الإغلاق... عودة مؤسسة ثقافية كبرى إلى الواجهة    استعمال الشيكات تنخفض والفلوس الكاش ترتفع.. الوضع في السوق التونسي شنوّة؟    جريمة المنيهلة الشنيعة: تفاصيل جديدة..#خبر_عاجل    وزارة الداخلية تطلق منصة جديدة باش تراقب السلامة المرورية وتقلّص الحوادث!    عاجل/ اضراب عام في هذه القطاعات غدا..    بعد إيقاف العمل بصيغة الطرف الدافع: نقابة الصيادلة تكشف وتوضح..    عاجل: اتهمته بالترويج للشعوذة..سمير الوافي يرّد على عمادة الأطباء    كانك موظف و تحكي مع العايلة من تلفون الخدمة: شوف العقوبات الى تستنى فيك!    عاجل: انطلاق حجز تذاكر موسم 2026 لخطّي مرسيليا وجنوة بداية من هذا اليوم    الرابطة الثانية - هلال الرديف يعلن فك علاقته التعاقدية مع المدرب عثمان الشهايبي    كأس العرب 2025: شوف الماتشوات متع اليوم..التوقيت وشكون ضدّ شكون    وفاة هذا السفير..#خبر_عاجل    عاجل/ عمادة الأطباء تقاضي برنامج تلفزي..وهذا هو السبب..    عاجل: شكاية ضد برنامج ''الوحش بروماكس'' بعد ترويجه لعلاج السرطان بالأعشاب    وزارة الصحة: تقنيات طبية جديدة لدعم مراكز المساعدة على الإنجاب بالمستشفيات العمومية    اليابان ترفع مستوى التحذير من تسونامي    عاجل : فيفا يتخذ قرارا تاريخيا في كأس العالم 2026    استبعاد أودوجي لاعب توتنهام من مواجهة سلافيا براغ برابطة أبطال أوروبا    "مازال في غيبوبة بعد تعرضه لحادث": ابنة صالح الفرزيط تكشف وتوجه نداء عاجل..    عاجل: شنيا حقيقة تحقيق من فيفا في مباراة فلسطين وسوريا؟.. هذه كل التفاصيل    ترامب: "إنفيديا" ستتمكن من تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين    إسرائيل تشن غارات على جنوب لبنان    بعد 3 أيام من اختفائه.. إنقاذ طفل سوري دفن حيا في تركيا    بعث أقسام مختصة    عاجل/ إقرار هذه الإجراءات لتأمين التزويد بقوارير الغاز    عاجل/ بالأرقام: سدود الشمال تتدعّم بكميات هامة خلال الاسبوع المنقضي    التسامح وبلوى التفسّخ    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم ...مع ابن جبير في رحلته المتوسّطيّة (4)
نشر في الشروق يوم 17 - 09 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ و غلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
وفي عيذاب انتقد البجاة بشدّة لاستغلالهم الحجّاج – كما في الإسكندريّة والصعيد – إذ يزجّون بهم في السفن بأكثر من حمولتها دون الخشية من خطر الغرق معبّرين عن جشعهم بقولهم : علينا بالألواح ، وعلى الحجّاج بالأرواح « (ص 48). لذلك ينصح ابن جبير الحجّاج بترك طريق مصر واتّخاذ طريق الشام والعراق حسب مواطن الانطلاق (ص 48). وهل ثمّة ما هو أفضع من أن يسلكوا بالحجّاج ، على الجمال التي اكتروها في عيذاب طرقا لا ماء فيها كي يموتوا عطشا فيستحوذوا على نفقتهم وما سواها ( ص 46) . لذلك وصفهم بأنّهم « فرقة أضلّ من الأنعام سبيلا وأقلّ عقولا ، لا دين لهم سوى كلمة التوحيد» (ص 48 – 49) حتّى أنّ النبيّ «سليمان اتّخذها سجنا للعفاريت « (ص 49). فما أبعدهم عن العذوبة، وما أقربهم من العذاب ! وعيذاب على البحر الأحمر، مثل قوص على النيل ، وما بينهما من الصحراء مدن تجاريّة على طريق قوافل التجّار والحجّاج ، حيث يبرّر المال الوسيلة ويشرّع الحيلة تبعا لاختلاط الأصول والعوائد.
اجتاز ابن جبير البحر الأحمر إلى جدّة ، ووصف السفن المخصّصة للحجيج بما يطلب أربابها من المبالغ، ولاحظ بأسف وتقدير أنّ سكّان جدّة وأحوازها من الصحراء والجبال «أشراف علويّون: حسنيّون وحسينيّون وجعفريّون، رضي الله عن سلفهم الكريم. وهم من شظف العيش بحال يتصدّع له الجماد إشفاقا، ويستخدمون أنفسهم في كلّ مهنة من المهن: من إكراء جمال إن كانت لهم، أو مبيع لبن أو ماء، إلى غير ذلك من تمر يلتقطونه أو حطب يحتطبونه. وربّما تناول ذلك نساؤهم الشريفات بأنفسهن،فسبحان المقدّر لما يشاء. ولاشكّ أنّهم أهل بيت ارتضى الله لهم الآخرة ولم يرتض لهم الدنيا. جعلنا الله ممّن يدين بحبّ أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا» ( ص 53) .
ثمّ تركها يوم 11 ربيع الآخر 579 ه / 2 أوت 1183 م ليصل إلى مكّة بعد ثلاثة أيّام ، ويخصّص عديد الصفحات لوصف المسجد الحرام . « البيت المكرّم له أربعة أركان. وهو قريب من التربيع. وأخبرني زعيم الشيبيين الذين إليهم سدانة البيت، وهو محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن من ذرّية عثمان بن طلحة بن شيبة بن طلحة بن عبد الدار صاحب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وصاحب حجابة البيت: أنّ ارتفاعه في الهواء من الصفح ( أي الجانب أو الوجه ) الذي يقابل باب الصفا، وهو من الحجر الأسود إلى الركن اليماني تسع وعشرون ذراعا، وسائر الجوانب ثمان وعشرون، بسبب انصباب السطح إلى الميزاب. فأوّل أركانه الركن الذي فيه الحجر الأسود، ومنه ابتداء الطواف، ويتقهقر الطائف عنه ليمرّ جميع بدنه به، والبيت المكرّم عن يساره. وأوّل ما يلقى بعده الركن العراقي، وهو ناظر إلى جهة الشمال. ثمّ الركن الشامي، وهو ناظر إلى جهة الغرب، ثمّ الركن اليماني، وهو ناظر إلى جهة الجنوب، ثمّ يعود إلى الركن (الذي به الحجر) الأسود، وهو ناظر إلى جهة الشرق. وعند ذلك يتمّ شوطا واحدا.
وباب البيت الكريم في الصفح الذي بين الركن العراقي وركن الحجر الأسود، وهو قريب من الحجر بعشرة أشبار محقّقة. وذلك الموضع الذي بينهما من صفح البيت يسمّى الملتزم، وهو موضع استجابة الدعاء. والباب الكريم مرتفع عن الأرض بأحد عشر شبرا ونصف. وهو من فضّة مذهّبة، بديع الصنعة، رائق الصفة، يستوقف الأبصار حسنا وخشوعا للمهابة التي كساها الله بيته. وعضادتاه كذلك، والعتبة العليا كذلك أيضاَ. وعلى رأسها لوح ذهب خالص إبريز، في سعته مقدار شبرين. وللباب نقّارتا فضّة كبيرتان يتعلّق عليهما قفل الباب، وهو ناظر للشرقِ، وسعته ثمانية أشبار، وطوله ثلاثة عشر شبرا. وغلظ الحائط الذي ينطوي عليه الباب خمسة أشبار. وداخل البيت الكريم مفروش بالرخام المجزّع، وحيطانه رخام كلّها مجزّع. قد قام على ثلاثة أعمدة من الساج مفرطة الطول، وبين كلّ عمود وعمود أربع خطى. وهي على طول البيت متوسّطة فيه. فأحد الأعمدة، وهو أوّلها، يقابل نصف الصفح (أي الجهة أو الجانب) الذي يحفّ به الركنان اليمانيّان. وبينه وبين الصفح مقدارثلاث خطى. والعمود الثالث، وهو آخرها، يقابل الصفح الذي يحفّ به الركنان العراقي والشامي. ودائر البيت كلّه من نصفه الأعلى مطليّ بالفضّة المذهّبة المستحسنة، يخيّل للناظر إليها أنّها صفيحة ذهب لغلظها. وهي تحفّ بالجوانب الأربعة وتمسك مقدار نصف الجدار الأعلى.وسقف البيت مجلّل بكساء من الحرير الملوّن. وظاهر الكعبة كلّها من الأربعة الجوانب مكسوّ بستور من الحرير الأخضر، وسداها قطن، وفي أعلاها رسم بالحرير الأحمر، فيه مكتوب:» إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للّذي ببكّة « ( آل عمران 96) ، واسم الإمام الناصر لدين الله. في سعته قدر ثلاث أذرع يطيف بها كلّها. قد شكّل في هذه الستور من الصنعة الغريبة التي تبصرها أشكال محاريب رائقة ورسوم مقروءة مرسومة بذكر الله تعالى وبالدعاء للناصر العبّاسي المذكور الآمر بإقامتها، وكلّ ذلك لايخالف لونها، وعدد الستور من الجوانب الأربعة أربعة وثلاثون سترا. وفي الصفحين الكبيرين منها ثمانية عشر، وفي الصفحين الصغيرين ستّة عشر، وله خمسة مضاوئ، وعليها زجاج عراقيّ بديع النقش، أحدها في وسط السقف، ومع كلّ ركن مضوأ، والواحد منها لايظهر لأنّه تحت القبو المذكور بعد. وبين الأعمدة أكواس من الفضّة، عددها ثلاث عشرة، وإحداها من ذهب.
وأوّل ما يلقى الداخل على الباب عن يساره الركن الذي خارجه الحجر الأسود، وفيه صندوقان فيهما مصاحف، وقد علاهما في الركن بويبان من فضّة كأنّهما طاقان ملصقان بزاوية الركن. وبينهما وبين الأرض أزيد من قامة. وفي الركن الذي يليه وهو اليمانيّ كذلك لكنّهما انقلعا وبقي العمود الذي كانا ملصقين عليه. وفي الركن الشاميّ كذلك، وهما باقيان. وفي جهة الركن العراقيّ كذلك. وعن يمينه الركن العراقيّ، وفيه باب يسمّى، بباب الرحمة، يصعد منه إلى سطح البيت المكرّم. وقد قام له قبو، فهو متّصل بأعلى سطح البيت، داخله الأدراج.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.