الدهماني (الشروق): تعرف جهة الكاف بتعدد مبدعيها ومثقفيها في الشعر والمسرح والرسم والموسيقى والفن التشكيلي ، إلا أن الرغبة في الاختلاف والتفرد عادة ما تولد أعمالا ثقافية ترتقي إلى العالمية وتصبح وجهة سياحية تنتظر تصنيفها ضمن التراث العالمي وإيلائها العناية اللازمة وذلك على قدر عزم أهاليها. فالفنان التشكيلي ابن جهة الدهماني عمار بلغيث خلق عملا فنيا متميزا بكل ما ترتقي إليه معاني الإبداع لما توفرت له من قدرة خلاقة على تجميع تراث الجهة وعاداتها وتقاليدها واختزانها ضمن "كهف" حفره في قلب الأرض بمنطقة المديْنة من جهة الدهماني ووفر فيه جميع مكونات العالم الخيالي الذي يرحل بالذات البشرية إلى عالم أزلي يفقد أثناءه الفرد الشعور بسيرورة الزمن سيما إذا دخل الكهف الذي يمتد على مسافة طولها 25 مترا . براعة بلغيث جعلته فنانا قادرا على تطويع مكونات ضيعة فلاحية ومرتفع من الحجارة الصلبة إلى عالم سحري يرحل فيه المتقبل بفكره من أعماق المكان الذي تم بعثه في عمق الطبيعة وما يحمله من رسومات وصور تذكر بالأساطير (للا شاردة) والحضارات من الرومان إلى الإسلاميين وقصة "ماركوندا وميسار" والبئر وشجرتا التين وما لها من دلالات نفسية على عالم الحب والجمال والطبيعة والطفولة وإقناع الزوار بأن البئر به ماء للمحبين أين يشعر الزوار من الفتيات براحة كبيرة وعندها يتهافتن على هذا الماء الذي ينتمي إلى عالم خيالي تعود جذوره الأولى إلى كتمان "ميسار" الذي كان يسقي الرومان من هذا البئر لحبه لماركوندا بما جعلها تموت كمدا بعد تفطنها إلى حبه لها بعد موته. فالعالم الذي شكله عمار بلغيث كسر غربة المكان بأعالي جبال "سراورتان" وقضى على وحشته ، فهو يسعى إلى إسعاد الاخر بما يضفيه من تحسينات على الكهف والمقهى الثقافي وباب الحلة ومكان استراحة الزوار والمسرح حال المسلك الذي يمتد على طول 800 متر ويربطه بطريق الدهماني دون تمكين قاصدي الكهف للاستمتاع بالنسمات إلى اكتشاف هذا العلم في أيسر السبل . و يؤكد بلغيث أن الهدف من " كهف الفنون" هو الالتقاء بين الطلبة والباحثين في ثراث والتعرف على المقاصد الفنية والفكرية للمبدع وترجمتها في اشكال فنية أخرى بعد أن نجح صاحبها في تحويل ضيعة فلاحية مهجورة إلى وجهة ثقافية لكل المهتمين بالفن والفكر للاستمتاع بالموسيقى وسهرات الفن الجميل التي يتم تنظيمها داخل الكهف.