بالتوازي مع فضيحة المنشآت الرياضية والمهازل التحكيمية والفشل الذريع للمنتخبات الوطنية في كلّ الأصناف والأعمار جاء الدور على الصورة التلفزية التي اتّفقت القناة العمومية وجامعة الكرة على «حَجبها» في بطولة يقول أهلها إنها «مُحترفة» منذ المنتصف الثاني للتسعينيات. والحقيقة أن قطع البث يرتقي إلى رتبة «الجَريمة» في حق الجمهور والتلفزة والكرة التونسية. فالشعب «المسكين» لا ناقة له ولا جمل في «حرب المُزايدات» الدائرة بين التلفزة الوطنية وجامعة الجريء بسبب الاختلافات الحاصلة حول «تسعيرة» المُباريات. والأدهى والأمر أن التلفزة العُمومية تعيش من أموال المجموعة الوطنية وتقتطع الدولة من «قوتنا» لتمويل هذه القناة لتقدّم لمشاهديها برمجة فيها الأخبار والتثقيف والترفيه. وكان لزاما على التلفزة الايفاء بتعهداتها تجاه مشاهديها وبالأحرى مُموّليها الأصليين والدائمين وذلك من خلال توفير حاجاتهم في مُقدّمتها النقل المُباشر لمنافسات البطولة والكأس فضلا عن المُباريات الودية للمنتخب الذي شاهدنا مُواجهته الفارطة ضدّ الكوت ديفوار على القناة الايفوارية وهذه أمّ المهازل التي أنتجها النزاع السّخيف بين التلفزة والجامعة. إن ما فعلته التلفزة والجامعة يُعدّ «جريمة» في حق الجمهور الذي يدفع «الفلوس» لهذا المرفق العمومي للحصول على حقّه المشروع في الفرجة وليَستهلك «بِضاعة» كروية رديئة وكان من المفروض أن يتقاضى عليها أجرا وليس العكس. ولاشك في أن احتجاب المُباريات في القناتين الوطنية 1 و2 فيه إساءة كبيرة لهذا الفضاء الإعلامي العريق بما أن التلفزة ظهرت إلى الوجود منذ عام 1966. ولكم أن تتصوّروا أيضا حجم الحَسرة التي يشعر بها التونسي وهو «يُهاجر» قسرا إلى القنوات القطرية والافريقية ليشاهد بعض مُباريات بطولته المحلية ومنتخب بلاده. أليست هذه وصمة عار على جبين المشرفين على التلفزة وقادة الجامعة الذين كان من المفروض أن يتّفقوا على «حلّ وسطي» لحفظ حقوق الجمهور وسُمعة الكرة التونسية التي أصبحت مصدرا للتّهكمات والشُبهات بعد «نقر» الحكّام وقنبلة «السُوبر» وأخيرا وليس آخرا حكاية الرهانات الرياضية التي يُحقّق فيها القضاء الفرنسي. وقد كان بوسع الجامعة والتلفزة أن تجلسا على طاولة الحوار قصد التوصّل إلى اتفاقيات تُرضي كل الجهات لا الدخول في حرب البلاغات وتعمّد التفاوض عبر المراسلات في حين أن المسافة بين هاتين «المؤسستين» تُقطع في طرفة عين. وكان من المفروض حلّ النزاع قبل انطلاق البطولة لا أن تسلك التلفزة سياسة المُماطلة أملا في الحصول على «تسعيرة» مُنخفضة وذلك ما ترفضه الجامعة التي يقودها شخص مُتعنّت ولا يُمانع في معاقبة الجمهور إرضاءً لغروره وخِدمة لمُناشديه وهم رؤساء الجمعيات التي ستحصل على جميع المليارات المُتأتية من خزينة التلفزة.