تعددت مظاهر العنف والتضييق على الحريات منها الحملة الشرسة التي انتقلت من الفضاء الازرق الى ارض الواقع هدفها تقسيم التونسيين وضرب الإعلام والاتحاد وصلت الى حد الاعتداء على صحفيين تابعين لإحدى القنوات الخاصة والتهديد بتفجيرها وسط أجواء مشابهة لمناخ 2012 و2013. تونس (الشروق): خلقت نتائج الانتخابات الأخيرة التشريعية والرئاسية مناخا من الخوف والفزع خاصة في صفوف القوى الحداثية التي اضحت تعبر عن قلقها من تدهور الحريات ومكتسبات الدولة الحديثة عامة باعتبار ان القوى اليمينية المحافظة هي التي أضحت تسيطر على البرلمان وكذلك على الرئاسة في ظل الغموض الذي يلف المحيطين بقيس سعيد. وقد تشكلت في الايام الاخيرة حملات مقاطعة ضد بعض القنوات التلفزية اضافة الى اعتداءات تعرض لها بعض الصحفيين وكل من يصدع بفكر مخالف لما تراه الاغلبية ومحاولة تقسيم الشعب بشكل يعيد الى الاذهان ما عاشته البلاد من عنف على يد روابط الثورة خلال سنتي 2012 و2013 وما تبع هذا العنف من اغتيالات. الاعتداءات على الحريات هجمة شرسة يتم تسليطها على بعض وسائل الاعلام وبعض الاعلاميين و»الكرونيكورات» بلغت حد التجريح ونشر مواطن تدوينة على شبكة التواصل الاجتماعي هدد فيها بتفجير مقر قناة الحوار التونسي مما جعله محل تتبع. وقد حذر اعلاميون ونقابيون ونشطاء من ان هذه الهجمة تهدف الى خلق مشهد إعلامي جديد يتسم بالانغلاق وتوظيف مؤسسات إعلامية طيعة سهلة الاختراق. كما اعاد ما يحدث اليوم الى الأذهان اعتصام التلفزة التونسية وتعنيف عدد من الصحافيين والنقابيين من بينهم كريشان وغزوة «المنقالة» وغزوة منوبة وغزوة السفارة خاصة بعد دخول الإمام السابق لجامع الزيتونة الشيخ حسين العبيدي لأحد الفضاءات التابعة للجامع اول امس ورفضه المغادرة، مما تطلب تدخل القوة العامة لإخلاء المكان وإجبار الشيخ العبيدي على المغادرة. وبعد الاعتداء على سائق القطار بصفة غوغائية بعد ان رفض قيادته والابواب مفتوحة خوفا على سلامة الركاب.ويرى عديد المتابعين انه بعد فوز الاحزاب الدينية في الانتخابات بالإضافة الى فوز قيس سعيد في الرئاسية الذين اعتبروا انه منحاز لهم اعتبر الكثير من مؤيديهم انه حان الوقت لفرض سلطتهم على الفضاء العام والاعلام خاصة ان فوز سعيد كان بأغلبية ساحقة مما جعل بعضهم يتصور انه فوق النقد حتى ان الناشطة نزيهة رجيبة دوّنت على صفحتها في الفايس بوك « يميل الكثيرون الى أسطرة ما ومن يحبون وعلى تمتيعهم بالعصمة ناهيك انك تكتشف في هذا الفضاء وفي غيره من يرفعون في وجهك ورقة حمراء كلما تكلمت عن اسطورتهم.. انا لا ابالي ولا اعترف بالأساطير الا في الاعمال الفنية في الادب الإغريقي وما استلهم منه. وبالمناسبة فان أسطرة قيس سعيد بل تأليهه.....جارية وتتمدد على نحو مفزع ومهدد لديمقراطيتنا الهشة....والسيد سعيد يغذي هذا الانزلاق ويوفر له مادة تطوره بتحركاته اليومية ولا اميل بعد الى نعتها بالشعوبية وهي مكلفة لمقدرات الدولة وللسير العادي لحياة الناس اهيب بالقريبين منه ان يحذروه من هذا التمشي». ويشار الى ان العديد من الناشطين مع قيس سعيد عبّروا في تدويناتهم عن نبذهم العنف والتفرقة ودعوا الى الابتعاد عن خطاب الفتنة كما اكدوا على رفضهم للعنف ضد الإعلاميين والاتحاد. ومن جهة اخرى طمأن خطاب الرئيس الجديد المنتخب قيس سعيد العديد من التونسيين بعد ان أدان الاعتداء على عدد من الإعلاميين خلال تغطيتهم لاحتفال انصاره بفوزه بالرئاسة في شارع الحبيب بورقيبة. وقال قيس سعيد في تصريح للقناة الوطنية متوجها الى أنصاره «لا تتعرضوا للإعلاميين لا في شرفهم ولا عرضهم ولا أجسادهم واتركوهم يعملون بكل حرية». وأضاف «نحن لسنا دعاة فوضى بل بالعكس نحن دعاة تمسّك بالشرعية» وتابع «الإعلاميون حتى إن كانت لهم مواقف أخرى أحترم آراءهم وأحيي كل الاعلاميين». لكن الاشكال يكمن في مواصلة عديد الصفحات التهجم على شخصيات اعلامية ونشطاء في مواقع التواصل ممن يختلف معهم في الرأي. الإعلام خط أحمر وفي ظل تواتر التهديدات اصدرت النقابة العامة للإعلام مؤخرا بيانا عبرت فيه عن «انشغالها بما تتابعه من كل ما صدر من هجمة شرسة ضد الإعلام والعاملين بالقطاع وكل نفس ديمقراطي ونقابي في البلاد وسط أجواء تذكرنا بمناخات 2012 و2013 من خلال اعتصام التلفزة التونسية والهجمة الشرسة على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل والاعتداءات ضد النشطاء النقابيين والسياسيين واعتماد الفضاءات الاجتماعية للتشويه وتلفيق التهم. «واعتبر البيان ان بعض الأطراف تحاول اليوم إعادة تشكيل المشهد من نفس المنطلقات وهو ما خلق أجواء متشنجة في الأوساط الإعلامية والنقابية تنبئ بما لا يحمد عقباه . كما ادانت النقابة بشدة الحملة المشينة وغير الأخلاقية ضد العديد من العاملين في قطاع الإعلام وتعنيف عدد منهم في شارع الحبيب بورقيبة وتجمهر البعض أمام إذاعة المنستير واستعمال الفضاءات الافتراضية لبث الكراهية والحقد ضد قنوات إعلامية وضد الصحفيين والنقابات وأمام هذه الحملة غير المسبوقة والخطيرة دعت كافة الهياكل المهنية والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني إلى التحرك عبر تنظيم تحرك وطني ضد محاولات تدجين الإعلام والهرسلة والتشويه للدفاع عن حرية التعبير والإعلام باعتباره صمام الأمان لحماية المسار الديمقراطي وضمان التعددية السياسية والفكرية في تونس ومن جهة اخرى ذكر ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في تصريح اذاعي حول حملات مقاطعة عدد من وسائل الإعلام والاعتداءات الحاصلة مؤخرا على الصحفيين انه ‹›إذا وُجد تجاوز لمؤسسة اعلامية أو في ‹›بلاتوات›› .. هناك قانون وهيئة تعديلية وقضاء. وهذا ما نُعيبه على ما حصل في الحوار التونسي». واضاف «الصحفيون مهنيون وقاموا بتغطية مهنية وهم من تعرضوا لاعتداءات››. ومن جهة اخرى دعا النقابي فخري السميطي عبر صفحته فايس التونسيين مهما كانت توجهاتهم واختلافهم مع مضمون ما تقدمه قناة الحوار التونسي الى الدفاع عن حرية الإعلام التي تعد اهم مكسب من مكاسب الديمقراطية وعدم الرجوع إلى الصوت الواحد والنمط الواحد لان ذلك جريمة في حق الديمقراطية. وذكر بما يفيد ان عديد القنوات الاخرى تعمل بدورها وفق اجندات ويمكن التصدي لمغالطاتها بالقانون والمقاطعة لكن دون الرجوع الى زمن الاملاءات التي عشناها في العهد السابق. ما يحدث اليوم يجعلنا نتأكد ان هناك اطرافا لا يمكنها ان تحكم الا بالهيمنة خاصة انها بلا برامج وليس لها حلول للمشاكل الاساسية التي تعاني منها البلاد لذلك فانهم يخلقون اعداء وهميين وقضايا هامشية لإلهاء الرأي العام. كما ان مجلس شورى النهضة التي يمثلها رئيسها عبد الكريم الهاروني وما يسمى بائتلاف الكرامة يعتقدون ان عليهم تعبئة قواعدهم وتجييشهم ضد الاتحاد والصحافيين بما اعاد سيناريو 2012و2013 وما عاشته البلاد من اعتصام التلفزة وازمة دار الصباح وصولا الى احداث العنف لرابطات الثورة يوم 9 افريل بشارع الحبيب بورقيبة وحملات التجييش على الاتحاد واعتباره اساس الخراب ومتسببا في 40الف اضراب وسائر الاكاذيب والدعوة الى شيطنة القوى الاكثر قدرة على المواجهة وطرح القضايا التي تهم الناس منها التعليم والصحة ومقاومة البطالة والهجرة. أما الخطة التي تتبعها هذه الجماعات فمكشوفة تتمثل اساسا في عمل صفحات الفايس بوك الموالية لهم على التمهيد للتحكم في الراي العام وتوجيهه عبر طرق مختلفة منها حملات مقاومة الغلاء والنظافة والتصدي للإضرابات والتبرع بيوم عمل...والايحاء بالتأسيس لعهد جديد رغم انهم كانوا في الحكم طيلة 9سنوات وعموما فان هذه الحملات محمودة لو انه لا يتم استغلالها سياسيا. أي أنها تكون بالتنسيق مع مؤسسات الدولة وليس لتعويضها على غرار "تبليط" او دهن مواقع اثرية او القيام بتنظيف مناطق دون علم من بلدية المكان والتنسيق معها .. ومن جهة اخرى لا بد ان اوضح ان حملات تشويه الاعلام والاتحاد تخفي غياب البرامج والبحث عن إلهاء الرأي العام عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية بسبب الوعود الانتخابية الزائفة. لكن هناك مناعة في الاعلام الحر والنقابات والمجتمع المدني لأنه اذا تم اليوم التهجم على هذه المؤسسات فان الظاهرة ستتوسع وسيطال العنف منظمة الاعراف واتحاد المراة ورابطة حقوق الانسان ثم السياسيين والاحزاب الذين يلتزمون الصمت. ولم ينددوا بهذا السلوك. وعموما يشار الى أن القائمين على حملة قيس سعيد ادانوا هذا التهجم في انتظار اعلان رئيس الجمهورية الجديد عن موقفه منها حتى قبل تنصيبه فما جرى من تهجم على سائق القطار بمحطة برشلونة ورفع شعار «ديقاج» للاتحاد بالإضافة الى الاحداث السابقة قد يكون الهدف منه ايضا اشعال المناخ وعزل الرئيس والاستفراد به...