انطلقت مساء أمس الأول السبت 26 أكتوبر في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة فعاليات الدورة الثلاثين لأيام قرطاج السينمائية تحت إشراف الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية. هي دورة ذات طابع استثنائي حملت «دورة نجيب عياد» اسما لها تكريما وتحية لروح هذا المنتج السينمائي والتلفزيوني الفذ مدير الأيام الذي وافاه الأجل المحتوم خلال شهر أوت الماضي وقد وضع الخطوط العريضة وحدد ملامح توجهات هذه الدورة وهو الذي كان لا يدري أنه لن يحضرها ولن يشرف عليها. كان افتتاح الدورة استثنائيا، حيث غابت كل مظاهر الفرجة والإبهار أمام وداخل مدينة الثقافة واقتصر الأمر على السجاد الأحمر الذي تمّت استباحة رمزيته من الجميع واختلط الجمهور بأهل المهنة والصناعة السينمائية في غياب واضح لنجوم عربية كانت تمثل في دورات سابقة نقطة إشعاع الأيام. ذكريات وحنين السّمة البارزة لسهرة الافتتاح كانت الذكريات والحنين والتأثر، فالراحل نجيب عياد كان حاضرا في كل محطات هذه السهرة من خلال الأشرطة الوثائقية أو عند تقديم لجان التحكيم وفي الكلمات الترحيبية... كان نجيب عياد «نجم» السهرة إن صحّ التعبير من خلال استحضار مواقفه والحديث عن توجهاته ودفاعه المستميت عن حرية التعبير واستقلالية الأيام والانتصار للإبداع السينمائي. الممثل الجيد لا يصنع منشطا جيدا تعود بنا الذاكرة الى الدورة الماضية لأيام قرطاج السينمائية التي نشطتها وقدمتها الممثلة سندس بلحسن وقد أشرنا وقتها أن الممثل الجيد لا يعني بالضرورة منشطا جيدا وهذا الأمر ينطلق على الممثل أحمد الحفيان في سهرة مساء أمس الأول، فلا ينكر أحد قيمة الحفيان الفنية والإبداعية ممثلا على درجة عالية من الثقافة والحرفية، لكن لا يعني هذا أنه منشط قادر على شدّ الانتباه عند تقديم سهرة افتتاح الأيام على اعتبار أن التنشيط والتقديم يتطلب قواعد وحضورا خاصا وطريقة في التخطاب مع الجمهور وهي مسائل كانت مفقودة عند أحمد الحفيان الذي كان مرتبطا بشكل كبير بالنصّ المكتوب ولم يتحرّر منه إلا لماما. وفي الاعتقاد أنه أصبح من الضروري التفكير بجدية وبعيدا عن الحسابات الضيّقة لإيجاد حل ناجع لهذه المسألة التي مثلت الى حدّ كبير نقطة سلبية في الأيام، فلماذا لا يقع اعتماد أسماء ووجوها تلفزيونية أو إذاعية خبرت أجواء التنشيط لتعطي لمثل هذه السهرات رونقا خاصا. لوحات موسيقية الجانب الموسيقي كان حاضرا في سهرة الافتتاح من خلال صبري مصباح الذي حافظ على توجهه في إبداعاته الموسيقية المتشبّعة بالروح والخصوصية التونسية، كما كان الموعد مع الموسيقى والإيقاعات اليابانية والشيلية وقد خفّفت هذه اللوحات التعبيرية من وطأة القتامة والحزن التي خيّمت بشكل لافت على أجواء سهرة الافتتاح.