لئن كانت مظاهر الاحتفال بانطلاق الدورة التاسعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية مساء السبت الماضي مبهرة وممتعة للناظرين في بهو مدينة الثقافة فإن الرتابة والبرودة كانت السمة البارزة لهذا الافتتاح داخل قاعة الأوبرا رغم فخامتها انطلاقا من الديكور مرورا بالتنشيط وصولا الى عرض الفيلم المغربي (بلا وطن). دون ديكور تدخل فضاء مسرح الأوبرا تشدك اليه فخامته المعمارية وطريقة توزيع الحضور حسب ألوان الدعوات... لتكون بعد ذلك على أولى المفاجآت التي لم تكن تنتظرها الركح باهت، قاتم.. بلا روح.. على اعتبار ان الستار كان يغطيه في الوقت الذي كان في الحسبان ان يتم بث صور من بهو مدينة الثقافة الى جمهور مسرح الأوبرا وتمكينه من متابعة ما يجري في الخارج... لكن شيئا من ذلك لم يحدث. وكان علينا الانتظار حتى موعد الافتتاح ليرفع الستار على شاشة باهتة رغم ما عرض فيها وعليها. تنشيط التظاهرات له طقوسه ان تكون ممثلا سينمائيا او تلفزيونيا ومبدعا في مجالات فنية أخرى لا يعني بالضرورة أنك منشطا قادرا على شد اهتمام وانتباه الحضور خاصة اذا تعلق الأمر بتظاهرة في حجم أيام قرطاج السينمائية اعتبارا لعراقتها. يمكن القول والحال تلك ان نجيب عياد مدير الايام قد أخطأ الى حد كبير في تكليف سندس بلحسن بتنشيط وتقديم سهرة الافتتاح فقد بدت دون (كاريزما) التنشيط الذي يتطلب حضور بديهة وحركية وسيطرة على الركح... بدت سندس بلحسن متثاقلة رغم محاولتها اضفاء طابع من المرح لكنه مرح ثقيل... باهت.... لم تتخلص من الأوراق الا لماما.. وهذا لا يعني غيابا كليا لبعض النور في سهرة الافتتاح ... نور ظهر جليا في التحية الخاصة الموجهة الى مبدعين خالدين في الذاكرة وهذه اللوحات الفرجوية ذات الطابع الفلكلوري من دول ما وراء البحار ضيوفا على الدورة التاسعة والعشرين للأيام. من جهته كان نجيب عياد في قمة الاحساس بالمسؤولية وهو يقدم الكثير من تفاصيل هذه الدورة وتوجهاتها الخاصة التي هندس لها والتي لخصها في ثلاث نقاط رئيسية هي البعد العربي والافريقي للايام والانتصار لسينما الجنوب وعمق الايام في 3 قارات: افريقيا وآسيا وامريما اللاتينية والجمهور الذي يبقى الرافد والمموّل والمساند الرسمي للايام. «بلا وطن» وغابت المخرجة خصص الجزء الثاني من سهرة الافتتاح لعرض الفيلم المغربي «بلا وطن» في غياب المخرجة نرجس النجار.. وهذا يطرح أكثر من سؤال؟ من داخل سهرة الافتتاح كان السيدان يوسف الشاهد رئيس الحكومة ومحمد الناصر رئيس مجلس النواب الى جانب الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية في مقدمة الحضور لمتابعة فعاليات افتتاح الدورة التاسعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية الى جانب عدد من الوزراء ونواب مجلس الشعب والسلطات الجهوية بولاية تونس. سجلت سهرة الافتتاح حضور وزيري الثقافة لكل من العراق والسينغال اجراءات أمنية متشددة شهدها كامل محيط مدينة الثقافة حيث أقيمت الحواجز وفي المقابل كان تعاطي الامن مع جمهور السينما بكل حبّ ومسؤولية واحترام. بالونات بألوان مختلفة زينت سقف بهو مدينة الثقافة.. كانت تتماوج بتناسق متعة للناظر وسعادة للخاطر. اصطف المصورون على طول السجاد الاحمر داخل مدينة الثقافة ساعة قبل موعد انطلاق سهرة الافتتاح. كانت الممثلة التونسية فاطمة بن سعيدان اول الوافدين الى مدينة الثقافة ثم حلّت بعدها الممثلة منى نور الدين. وجوه تلفزيونية وسينمائية وفنية تونسية عديدة تابعت سهرة الافتتاح من ضمنهم خالد هويسة ونجلاء بن عبد الله ومريم بن حسين والناصر القطاري إيمان الشريف وابراهيم اللطيف ونوال بن صالح ومحمد علي النهدي ومحمد المديوني ومنير العرقي وتوفيق العايب ومحمد علي بن جمعة... كما سجل الافتتاح حضور الاعلامي المكي هلال. تساءل العديد من الحضور عن سرّ غياب هند صبري ودرة زروق. حرصت كريمة الوسلاتي المسؤولة عن المكتب الاعلامي للايام على تذيل كل الصعوبات لكل الزملاء الاعلاميين والمصورين. عبّر العديد من ضيوف الدورة عن انبهارهم وإعجابهم بمدينة الثقافة التي قالوا عنها انها مكسب هام للابداع العربي والدولي الجاد والنيّر. استحضرت سهرة الافتتاح عددا من الوجوه السينمائية والتلفزيونية والأدبية الذين غادروا الحياة الى دار الخلد من خلال شريط وثائقي تكريمي ومن هذه الأسماء: الطيب الوحيشي وعمار الخليفي والحبيب الجمني وخديجة السويسي ومي سكاف ونجوى بن سلامة وحنا مينة وجميل راتب وغيرهم. كان المخرج الناصر القطاري محل حفاوة وترحاب من قبل العديد من الوجوه الفنية والسينمائية، مستعدين معه ذكريات اهدائه تونس اول تانيت ذهبي في مسابقة الافلام الطويلة بفيلم «السفراء» سنة 1976. اللباس الذي ظهر به وليد النهدي نجل الممثل الكبير لمين النهدي أثار استغراب الحضور ودهشتهم. كان من بين الحاضرين في سهرة الافتتاح حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية وزوجته راضية النصراوي ونورالدين بن تيشة المستشار لدى رئاسة الجمهورية. حظيت النجمة المصرية ليلى علوي بحفاوة بالغة أثناء مرورها على السجاد الأحمر في اتجاه قاعة الأوبرا. تلقى المكي هلال التهاني من عديد الحاضرين بعد نجاحه المهني المتميز في إعداد وتقديم حلقة من برنامجه التلفزيوني «بتوقيت تونس» مباشرة من مسرح العملية الارهابية في قلب العاصمة. أطلق محمد علي بن جمعة لحيته استعدادا للمشاركة في عمل درامي تلفزيوني خاص برمضان 2019. قالت إيمان الشريف ان نجاحها في فيلم «ولدي» دفع بها الى مواصلة التجربة السينمائية وهي تصوّر حاليا ثاني تجربة لها في التمثيل السينمائي دون الكشف عن تفاصيل هذه المشاركة. تغيّبت عن عرض الفيلم المغربي «بلا وطن» في سهرة الافتتاح المخرجة وكامل طاقم الممثلين. سجلت سهرة الافتتاح حضور ليلى علوي وأيمن زيدان وفهد العابد وتخلفت منة شلبي وأمل عرفة اللتان كانتا من ضمن المدعوات لهذه الدورة. أفرد مدير أيام قرطاج السينمائية وزارة الداخلية بتحية خاصة اعتبارا لما قامت به ووفرته من مساعدة وتأمين كامل حتى تكون الايام في موعدها على أفضل الحالات. فيلم الافتتاح «بلا وطن» لنرجس النجار جرح مفتوح مع استمرار إغلاق الحدود تابع جمهور سهرة افتتاح الدورة التاسعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية مساء السبت الماضي الفيلم المغربي «بلا وطن» للمخرجة المغربية نرجس النجار التي برزت بغيابها. «بلا وطن» عمل سينمائي اختارت مخرجته استحضار حادث مؤلم ونفض الغبار على جرح الطرد الجماعي الذي تعرض له المغاربة سنة 1975 عندما تقرر طردهم من الجزائر... هو جرح الذاكرة والحدود بين الجارتين الشقيقتين... حدود لازالت مغلقة الى اليوم. اختارت نرجس النجار التعاطي مع هذه الذكرى الأليمة بشكل انساني ولم تدخل في متاهات التاريخ وسرد الاحداث التي كانت وراء هذا القرار السياسي... عملت نرجس النجار بدقة سينمائية على اختراق التاريخ عبر شخصية هنية مثالا يجسّد معاناة مغاربة عانوا الويلات وذاقوا الاحزان عندما صدر قرار بطردهم... فكان اختيار المخرجة على المنطقة المحاذية للسياج الحدودي بين البلدين مسرحا رئيسيا لتتبع قصة الفتاة هنية التي أطردت من الجزائر في اتجاه المغرب مصحوبة بوالدها مع ارغام الأم على البقاء في الجزائر بحكم أن جنسيتها جزائرية... هنية لها من العمر 12 سنة تجد نفسها بقرار سياسي مرغمة على ترك أمها لوحدها... هكذا كانت الخيوط الأولى لمأساة انسانية كبيرة بسبب فراق أمها. «بلا وطن» جرح مفتوح.. وتجسيد لمخلفات وتبعات تواصل اغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب... مأساة انسانية نهايتها عند السياسيين. المخرجة نرجس عطية وهي من مواليد طنجة قدمت أول أفلامها الطويلة «عيون جافة» سنة 2003 ويعد «بلا وطن» أحدث هذه الاعمال في مسيرجة مخرجة اختارت ركوب المغامرة السينمائية الجادة التي تكتب بعدسة المبدع عواقب حدث تاريخي مازال جاثما على الصدور. تركيبة لجان التحكيم لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة الرئيسة ديبورايان (الولاياتالمتحدةالأمريكية) الأعضاء: رضا الباهي (تونس) مي المصري (فلسطين) بيتي أليرسون (السينغال) ليشينو آزيفيدو (موزمبيقي من أصل برازيلي) ديامون أبو عبود (لبنان) ميمونة نداي (غينيا). لجنة تحكيم مسابقة (الطاهر شريعة) للعمل الأول الرئيس: بالافو باكوبا كانيندا (الكونغو) الأعضاء: هشام زمان (العراق) نادية قاسي (الجزائر) لجنة تحكيم مسابقة الافلام الوثائقية الرئيس رائد أندوني (فلسطين) الأعضاء: ستيفانو سافانا (ايطاليا) كوثر بن هنية (تونس) جيبونا نازارو (سويسرا) لازا (مدغشقر) الحوافز المالية 149 ألف دينار تبلغ القيمة المالية لجوائز الدورة التاسعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية التي وزعت مساء السبت الماضي 149 ألف دينار أرفعها الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام الطويلة بقيمة 40 ألف دينار وأدناها 3 آلاف دينار لصاحب التانيت البرنزي في مسابقة الافلام القصيرة. وحددت الجائزة الأولى في مسابقة الافلام القصيرة ب 30 ألف دينار. منظمة الفرنكفونية الدعم ل 3 أفلام تونسية كشف صندوق «الفرنكفونية في صور» التابع للمنظمة العالمية للفرنكفونية والذي يهتم بدعم صناع السينما في الفضاء الفرنكفوني عن دعمه ل 12 فيلما عربيا وافريقيا مشاركا في الدورة التاسعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية ومن بين هذه الافلام التي حظيت بدعم الصندوق 3 أفلام تونسية هي «ولدي» للمخرج محمد عطية و«فتوى» للمخرج محمود بن محمود و«في عينيا» للمخرج نجيب بلقاضي. قالوا عن الأيام الناقد السينمائي المصري: طارق الشناوي هنيئا لتونس بمدينة الثقافة قال الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي انه يتابع أيام قرطاج السينمائية منذ دورة 1992.. هي تظاهرة ذات طابع عربي وافريقي وهذا مصدر قوتها وشعاعها والمفاجأة التي انبهرت بها هي مدينة الثقافة هذا المعلم الابداعي المتميز والراقي.. هنيئا لتونس والوطن العربي والافريقي بهذا المعلم. المخرج التونسي الناصر القطاري تانيت 1976 أفضل تتويج عبّر المخرج التونسي الناصر القطاري عن اعتزازه بحضور أيام قرطاج السينمائية وأكّد «لقد جبت العالم وحصلت على عديد الجوائز في المهرجانات السينمائية لكن يبقى التانيت الذهبي الذي حصلت عليه في دورة 1976 لأيام قرطاج السينمائية له طعم خاص... هو أفضل تتويج على امتداد مسيرتي السينمائية. المخرجة السينمائية الأمريكية : ديبورايانغ قرطاج أولى محطة عالمية في مسيرتي كشفت المخرجة السينمائية الأمريكية ديبورايانغ رئيسة لجنة التحكيم الدولية إن أيام قرطاج السينمائية تعدّ محطة هامة واستثنائية وذات طابع خاص في مسيرتها على اعتبار انها تمثل أول مهرجان سينمائي دولي تحضره وترأس لجنة تحكيمه. الممثلة فاطمة بن سعيدان أجمل الذكريات عشتها مع الأيام قالت الممثلة فاطمة بن سعيدان ان أجمل الذكريات عاشتها مع أيام قرطاج السينمائية على امتداد دوراتها لعلّ أهمها عند تحويل مسرحية «عرب» الى فيلم سينمائي احتفت به الايام بشكل كبير. نجيب عياد:سأعلن الاستقالة بعد سهرة الاختتام أكّد المنتج السينمائي نجيب عياد مدير الدورة 29 لأيام قرطاج السينمائية انه سيعلن استقالته من إدارة الايام بعد سهرة اختتام الدورة مساء السبت القادم وهو مرتاح البال بعد دورتين حقق فيهما الاستقرار للايام من خلال تثبيت مقر قار لها وفريق عمل مستقل يعمل على كامل السنة وفي حرية تامة. وأشار نجيب عياد انه يحنّ بشكل كبير الى الانتاج السينمائي فقد أنهى مؤخرا انتاج فيلم جديد للمخرج عادل بكري ليشرع بعد نهاية التزاماته مديرا لأيام قرطاج السينمائية في انتاج عملين سينمائيين للمخرجين أمين بوخريص وعبد الله يحيى.
