اعتبر عدد من المخرجين السينمائيين التونسيين، أن الدورة الأخيرة من أيام قرطاج السينمائية، كانت دون المأمول وأن المهرجان حاد عن الأهداف التي بعث من أجلها وعليه أن يعود إلى الأصل. تونس «الشروق» وسام المختار: قيمة الأفلام المعروضة والتنظيم وحفل الافتتاح والتكريمات وكل ما له علاقة بالدورة 30 لأيام قرطاج السينمائية، كان محل نقد من قبل المخرجين السينمائيين التونسيين الذين سلطوا الأضواء على النقاط الهامة كضرورة أن يعود المهرجان إلى أصوله الإفريقية والعربية، وفيما يلي آراء السينمائيين: المخرج السينمائي إبراهيم اللطيف: مدينة الثقافة أضرّت بالإقبال هذه الدورة ليست ككل الدورات، فهي دورة لتكريم روح الفقيد نجيب عيّاد، فكان التكريم حاضرا، لكن لم يف الفقيد حقّه والمكانة التي يستحق، فمثلا غابت الجامعة التونسية لنوادي السينما، وكلنا يعرف علاقة نجيب عياد بنوادي السينما فقد كان «المناضل السينمائي»، وبالتالي كان التكريم في الشارات وفي تسمية الدورة باسمه في حين غاب تكريمه كمناضل سينمائي. من جهة أخرى الدورة 30 لأيام قرطاج السينمائية كانت دورة عادية جدا، ولا أعتقد أن الإقبال الجماهيري، تجاوز الإقبال الذي عرفه المهرجان في الدورات السابقة، ويمكن أن يكون ذلك نتاج انتقال المهرجان في جانب كبير منه إلى مدينة الثقافة، في حين كان من الأجدر التركيز على شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة والقاعات الموجودة فيه، لما لهذا الشارع من ديناميكية يصعب تعويضها. أما المعطى الثالث، فيتمثل في غياب السينما الإفريقية، وبالتالي هذا ناقوس خطر يدق مرة أخرى، وندعو من خلاله للعودة إلى الأصل، أي عودة السينما العربية والإفريقية، وعليه لا يمكن أن يكون المهرجان سنويا لنقص الأفلام الإفريقية، وبالتالي يجب أن يعود لينتظم كما في السابق كل سنتين. كما أتساءل عن الجدوى من «قرطاج للمحترفين»، إذا لم يكن لنا سوق واضحة وإنتاجات مشتركة يقع الإعلان عنها، رغم بعض الإيجابيات التي لا يمكن أن ننكرها في هذا الركن، ضف إلى ذلك حفلي الافتتاح والاختتام لا معنى لهما أمام السينما أو الأفلام... المخرج السينمائي حبيب المستيري: دورة كارثية همشت الجمعيات المهنية الدورة 30 لأيام قرطاج السينمائية، تعكس مشاكل تسيير الأنشطة والتظاهرات الثقافية في تونس، والمهرجان أصبح يهمش الجمعيات المهنية والكفاءات والناس الذين ساهموا في السينما التونسية عموما، وكان منتظرا أن تكون النتيجة كارثية بعد وفاة مدير الدورة نجيب عياد، الذي كان ضامنا للحد الأدنى من الجدية في تسيير الدورة. ما لاحظناه في هذه الدورة هو عدم الجدية، فعلى مستوى الدعوات، الكثير من المدعوين ليس لهم محل من الإعراب، فغلب منطق «الزبونية» أي أدعوك إلى مهرجاني تدعوني إلى مهرجانك... ومن جهة أخرى، هناك ضحالة كبرى على مستوى اختيار الأفلام، وكانت أيام قرطاج السينمائية تتميز بتقديمها لعروض حصرية لعديد الأفلام وخاصة منها التونسية، لكن وللأسف أصبح مهرجانا درجة ثانية وهذا يؤثر حتما على ترتيب المهرجان على المستوى العالمي. نقطة أخرى يجب الإشارة إليها، أيضا، وتتمثل في أن السينما عموما والمهرجان تحديدا يجب أن يسير من قبل أهل القطاع من السينمائيين، فهذه الدورة نظمها بعض الجامعيين وشجعهم المركز الوطني للسينما والصورة وكانت النتيجة كارثية، لكن تبقى النقطة المضيئة والظاهرة الصحية في المهرجان، على الدوام، هي الجمهور. المخرج السينمائي علي العبيدي: المهرجان يجب أن يعود إلى أصوله يجب أن يعود مهرجان أيام قرطاج السينمائية إلى أصوله، وأعتقد أن المهرجان بصدد الابتعاد عن هذه الأصول التي بعث من أجلها، وللأسف المرحوم نجيب عياد ابتعد به أكثر عن أصوله الحقيقية وهي خدمة السينما العربية والإفريقية. المهرجان تتحكم فيه إرادات (جمع إرادة) لا علاقة لها بتونس، تماما كالسينما التونسية، فكلاهما تتحكم فيهما أوساط غير تونسية وخاصة أوروبية، وتحديدا فرنسية، وللأسف وزارة الثقافة منذ سنوات متخلية عن دورها في فرض القانون، وقد راسلتها أكثر من مرة في هذا الخصوص، فالأيام افتكتها منا أوساط غربية أوروبية فرنسية... وبالنسبة لي كمتابع للمهرجان، أنا جد متفائل بالمخرج الشاب مهدي البرصاوي، الذي سينتج نقلة كبيرة وسيتجاوز فيلم «أتلانتيك» السينغالي الذي عرض في هذه الدورة، فقد لفت انتباهي بتحكمه الشديد في اللغة السينمائية، بشكل مبهر، لكن عليه أن يعود إلى الواقع التونسي، فقد كان فيلمه يتحدث عن تونس لكنه قدمها لنا كأنها جمهورية الموز، وهذا إسقاط إيديولوجي متخلف وعقدة المستعمر، وهذا تأثير والديه خالد البرصاوي ونادرة عطية. مهدي البرصاوي كان لديه ممثلين عالميين، على درجة عالية في اللغة السينمائية، في فيلمه «بيك نعيش»، وسيكون له شأن في الساحة السينمائية العالمية لو عاد بنفسه وعايش الواقع التونسي وعرض القضايا التونسية، وبالنسبة للأفلام المعروضة في هذه الدورة أعجبني كثيرا وثائقي «فتح الله» لوداد الزغلامي وهو فيلم ممتاز جدا. وبالنسبة لفيلم النوري بوزيد المعروض في الافتتاح فقد كان خارج الموضوع، وكأنه يقدم خدمة للأمريكان، ولا يعدو الفيلم سوى كونه فيلم «بروبغندا»، أما فاضل الجزيري، فعليه أن يترك السينما إلى الأبد. المخرج السينمائي مختار العجيمي: الجمهور نكهة المهرجان والأفلام جيدة في المجمل، هذه الدورة ليست دورة بهرج، إذ ثمة أفلام جيّدة، والجمهور يحكي على أهمية هذه الأفلام عموما والتونسية منها على وجه الخصوص، ولذلك كان الإقبال الجماهيري كبيرا حتى في أكبر القاعات، على غرار قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة. ومن هذا المنطلق حافظت أيام قرطاج السينمائية على نكهتها، فقد كان يتملكنا الخوف من أن تكون الدورة 30 للمهرجان، دورة فيها نوع من الاكتئاب، بحكم رحيل المنتج نجيب عياد والمخرج شوقي الماجري رحمهما الله، لكن الجمهور كان وفيا كعادته وحضر بكثافة في مختلف العروض وكان ميزة المهرجان ونكهته التي لا توجد سوى في أيام قرطاج السينمائية. كما أود التنويه بالعمل الجيد للمجموعة التي أشرفت على تنظيم المهرجان، فقد قامت بعمل كبير، وليس ثمة أخطاء كبيرة، وأحيي بالمناسبة السيد سمير بلحاج يحي، على قيامه بمهامه على أحسن وجه.