إزالة أكواخ المهاجرين من جبنيانة والعامرة...استبشار وأهالي صفاقس يستقبلون قوات الأمن ب «النشيد» الوطني    الاستجابة ل12 ألف مطلب قرض    رغم منعه من السفر ...مبروك كورشيد يغادر تونس!    بنزرت .. شملت مندوبية السياحة والبلديات ..استعدادات كبيرة للموسم السياحي الصيفي    فازا ب «الدربي وال«سكوديتو» انتر بطل مبكّرا وإنزاغي يتخطى مورينيو    مسيرة محمد علي الصغير المدرب الجديد للمنتخب ..نجح مع منتخب الاواسط .. درب منتخب الكبريات وعمل كمساعد في الأكابر    بطولة افريقيا للأندية في كرة الطائرة.. مولودية بوسالم تخسر اللقب اما م الاهلي المصري    مصالح الحرس الديواني برمادة تحجز كميات من السجائر المهربة بقيمة جملية تجاوزت ال500 ألف دينار.    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    اكتشاف مستعمرة من البكتيريا المتحورة شديدة العدوى على متن محطة الفضاء الدولية    تدابير وقائية بخصوص تغيير المناخ    نابل: السيطرة على حريق بشاحنة محملة بأطنان من مواد التنظيف    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراجع إلى 8 درجات    التضامن.. الإحتفاظ بشخص من أجل " خيانة مؤتمن "    أي تداعيات لاستقالة المبعوث الأممي على المشهد الليبي ؟    عاجل/ منها الFCR وتذاكر منخفضة السعر: قرارات تخص عودة التونسيين بالخارج    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    عاجل/ قطب مكافحة الإرهاب: كل تداول في حيثيات قضية التآمر يترتب عنه تتبّعات جزائية    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    ازدحام و حركية كبيرة بمعبر ذهيبة-وازن الحدودي    المهدية: محامو الجهة يُنفّذون إضرابًا حضوريًّا بيوميْن    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    مدير إعدادية أمام القضاء..التفاصيل    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    لأوّل مرّة: افتتاح جناح تونسي في أكبر معرض دولي للصناعة بألمانيا    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    وزير الدفاع الايطالي في تونس    ردا على الاشاعات : حمدي المدب يقود رحلة الترجي إلى جنوب إفريقيا    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن أخلفت وعودها مرة اخرى للعاملين في قطاع الألبان...غباء الحكومة سيجعلنا «نبكي على اللبن المسكوب»
نشر في الشروق يوم 06 - 11 - 2019

دققبل ايام قليلة يحي مسعود عضو المكتب التنفيذي المكلف بالانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة و الصّيد البحري نواقيس الخطر من جديد حول توفر احتياجات التونسيين من اهم مادة اساسية لانها تمس اطفالهم ايضا وهي الحليب معلنا ان أزمة في هذا القطاع انطلقت منذ مدّة طويلة رغم محاولات تفاديها عبر امضاء اتفاقية منذ شهر أفريلالفارط مع الوزارات المعنيّة ولكن إلى اليوم لم يتمّ تفعيلها، وفق قوله. مؤكدا ان تواصل هذه الأزمة سيدفع ضريبتها الفلاح و هو ما سيؤدي إلى انهيار هذه المنظومة أمام تجاهل و مماطلة السلط المعنية والحكومة.
وفي الحقيقة فان ازمة الحليب ليست وليدة هذه الفترة او انها حديثة الظهور بل هي متواترة في كل سنة ورغم ذلك فان ازمة ندرة الحليب في تونس تراوح مكانها بل هي آخذة في الاستفحال يوما بعد يوم دون ان تكلف الحكومة نفسها عناء البحث عن حلول صرخ اهل القطاع اكثر من مرة لتفعيلها لانها موجودة وطرحوها في اكثر من مرة وهم اهل الاختصاص والادرى ب"شعاب" مهنتهم لكن الحكومة اغلقت اذانها عن مقترحات الفلاحين والمصنعين وفي كل مرة تلجأ الى حلول ترقيعية لن تزيد الازمة الا "تعفنا" منها توريد الحليب في خطوة لم تفد احدا لا المستهلك ولا الدولة التي تناقص حجم رصيدها من العملة الصعبة الى حدود لا تمنحها هامشا كبيرا من توريد الاساسيات وكان الاجدر ان يتوجه رصيد البنك المركزي من العملة الصعبة الى توريد منتجات لا يمكن تصنيعها في تونس ونحتاجها حاجتنا للهواء والماء وليس لتوريد الحيلب.
هذا التعنت من الحكومة قابله اهل المهنة باعلانهمقبل سنة العزم عن ايقاف انتاج الحليب اذا ما لم تعمد الحكومة الى فتح حوار بناء معهم بل انها أصمت آذاناها واغلقتها لتصيب في كل مرة عدوى الندرة منتجات حيوية اخرى مثل البيض وغيرها ليترسخ اليقين بان مشاكل الحليب ما هي الا جزء صغير من مشكل اهم واعمق واخطر هو مشكل الفلاحة برمتها التي ضاعت وسط اكوام من المشاكل والعراقيل يجعل البحث عن حل لها اشبه بالبحث عن ابرة وسط كومة قش.
الحكومة ترش الملح على الجرح
تنادي اهل المهنة سواء منهم المنتمون الى اتحاد الفلاحين او الى منظمات الاعراف الى الاجتماع اكثر من مرة عارضين مشاكلهم على الحكومة ومقدمين مقترحات لحلها وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة مدعوة الى اتخاذ اجراءات عاجلة لتنشيط القطاع لتلافي توقفه على جميع المراحل من تجميع الحليب الى التسويق مرورا بالانتاج فانها تعاملت بلامبالاة مع قطاع منتجاته تهم الكبير والصغير اذ لا احد تقريبا من التونسيين بامكانه الاستغناء عن الحليب او عن احد مشتقاته لا صباحا ولا مساء واذا ما توقف الانتاج فإنه يعني الكارثة باتم معانيها على المستهلكين وعلى الدورة الاقتصادية ككل للبلاد لان الحكومة ستلتجئ اكثر الى التوريد وقد تنفق كل مدخراتها من العملة الصعبة في توريد الحليب الكافي فقط لتغطية استهلاك شهر رمضان الذي في العادة تشرع الحكومة مبكرا في الاستعداد له بتخزين كميات هامة من المواد التي يكثر استهلاكها في الشهر المعظم والذي سيكون هذه المرة في مفتتح شهر ماي القادم وقد تلتجئ الحكومة مرة اخرى للتوريد لتغطية النقص المنتظر في الحليب في الاسابيع القادمة وخاصة خلال شهري جانفيوفيفري.
ارتفاع كلفة الانتاج سبب الأزمة
الثابت ان طريقة معالجة الحكومة لازمة الحليب وغيره من المنتجات الغذائية هي "معالجة سياسية" تراعي فيها ان لا يسخط عليها التونسيون ولا يهمها ان كانت طريقتاها في المعالجة تحت شعار "احيني اليوم واقتلني غدا" لانها لم "تتواضع" لتجلس على مائدة الحوار مع اهل الاختصاص من فلاحين ومصنعين ل"تفريك الرمانة" وتوفير حلول جذرية فالفلاح يؤكد ان سبب الازمة هو العزوف عن تربية الابقار المنتجة للحليب لارتفاع كلفة الإنتاج من علف ورعاية صحية للابقار ويد عاملة وعدم دعم الدولة للمربين ونقص الإرشاد الفلاحي وعدم تأقلم سلالات الأبقار التي تمّ استيرادها من الخارج مع مناخ البلاد وهذه العوامل التي أدت إلى تضرر منظومة الحليب والألبان في تونس قدمها بالتفصيل اتحاد الفلاحين ومنظوريه من المربين منذ سنة 2017 مؤكدين أن منظومة الألبان في تونس مبنية على الانتاج وعلى المربين وهم أغلبهم من صغار الفلاحين الذين تضرروا بسبب الارتفاع المشط في كلفة الانتاج منذ سنة 2017، ما دفع بعدد كبير منهم إلى بيع قطيع الأبقار دون أن يتمّ التجديد. وهو ما جعل انتاج الحليب في تونس يسجل تراجعا بنسبة تصل الى 15% بالمقارنة مع سنة 2016، وخسرت تونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة 50 ألف بقرة منتجة سواء تمّ ذبحها أو تمّ تهريبها إلى القطر الجزائري حيث يتمّ بيعها هناك بأثمان باهضة.
عدم تفعيل الاتفاقية سيجدد الأزمة
الغريب ان الحكومة وعدت الفلاحين والمربين بحل الاشكالية من خلال امضائها معهم بتاريخ 24 أفريل 2019 اتفاقية تتضمن نقطتين هاميتين، وتتمثلان أولاً في اعتماد ديناميكية الأسعار بحيث يقع في كل فترة تحيين لاسعار الحليب سواء على مستوى الانتاج أو التجميع أو التصنيع، وثانياً أن الدولة تخصص كل سنة 15 مليون دينار لتجديد قطيع الأبقار لمساعدة الفلاحين الا أن هذه الاتفاقية لم يتمّ تفعيلها إلى اليوم رغم أن الإنتاج اليوم صار غير قادر على تغطية حاجيات البلاد وهو ما سيضطر الحكومة مرة اخرى الى توريد الحليب رغم ان خسارته على واجهتين الاولى تتمثلل في عدم اقبال المواطن على استهلاك هذا الحليب المورد لتعوده على الحليب المحلي والثاني هو مزيد استنزاف رصيد البلاد من العملة الصعبة في ظرف تشير فيه مؤشرات قانون المالية لسنة 2020 ان الدولة محتاجة لكل دولار او اورو لتوفير حاجياتها من مواد اساسية اهمها النفط الذي قد يشهد ارتفاعا في اسعاره في ضوء التوتر الحاصل في بلدان انتاجه وحقيقة لا ندري ان كانت الدولة بالفعل عاجزة عن توفير مبلغ 15 مليون دينار لاغاثة الفلاح التونسي وانقاذ قطاع استراتيجي له علاقة وثيقة بالامن الغذائي ام ان المسالة اعمق من ذلك وهي شجرة تخفي غابة من "اللوبيات" ممن يتمعسون من توريد الحليب ولا يهمهم ان استهلكه التونسي ام لا لانهم قادرون على تحويله لصناعة مشتقات الحليب فهم رابحون في كل الاحوال. وهل يعقل ان تدعم الحكومة الاستهلاك هذا ان سلمنا بحسن نيتها ولا توجهه للانتاج سواء من خلال توفير الموارد العلفيةباسعار معقولة او تحفيز المربي على تجديد قطيعه واقتناء الابقار المنتجة للحليب من السلالات المعروفة في هذا الاطار.
غباء مركب
كشف تعامل وزارة الفلاحة مع ازمة الحليب المتواترة سنويا عن غباء مركب لديها لانها بالتنسيق مع وزارة التجارة "شريكتها في الغباء" يرميان من وراء توريد كميات من الحليب الى تغطية النقص الحاصل في السوق متناسيتين ان ازمة القطاع هي بسبب ضعف الإنتاج وليس بسببالإحتكار مثل ما أعلنت عنه السنة الفارطة فالمربي لا يمكنه ان يخفي الحليب على المصنع وعن مراكز التجميع لان اجال حفظه محدودة والمصنع ايضا لا يمكنه ان يغلق مخازنه امام ما صنعه خاصة ان التصدير ليس في عنفوانه وهو ايضا مرتبط باجال صلاحية الاستهلاك فهل يعقل ان يخفي ما انتجه ويعرضه للتلف لمجرد الضغط على الحكومة للترفيع في اسعار الحليب.
الضرر... شامل
اذا كان بامكان الصناعي تغطية خسائره او على الاقل جزء منها بترويج مشتقات الحليب الى حين من خلال ترشيد التصرف في ما يتوفر لديه من مخزون من الحليب وتوجيهه لصنع الياغورت وباقي المشتقات فان مصيبة الفلاح اعظم وأعم اذ في ظل الإرتفاع المتتالي لكلفة العلف الذي وصل إلى دينار واجد تقريبا للكلغ الواحد مقابل ذلك يبلغ ثمن تجميع الحليب 890 مليما لا خيار امامه الا ان يبيع منتجاته بالخسارة وان يفرط في قطيعه الى الجزارين او الى المهربين.قد يتبادر الى الاذهان ان مطالب الفلاح بالزيادة في سعر الحليب كبيرة في حين انها يسيرة بل ان كلفة التوريد اكبر من كلفة الزيادة بكثير فاهل المهنة يحتاجون فقط الى اجراءات تحفيزية في كل حلقاتهم من المربي مرورا بمركز التجميع انتهاء بالمصنع لان في ذلك محافظة على امننا القومي الذي يدخل ضمن اهم مكوناته امننا الغذائي اضافة الى المحافظة على نسيج اقتصادي مثل الدرع الحامي لتونس لان الاستمرار في سياسة التوريد سيجبر الفلاح على التخلص من قطيعه وهو نفس مصير المصنع الذي سيلتجئ الى غلق مؤسساته واحالة عائلات باكملها الى الفقر المدقع نتيجة عطالة عائليها .. وساعتها سنبكي كلنا على "اللبن المسكوب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.