اتحاد الفلاحة: سعر الكاكاوية لا يجب ان يقلّ عن 6 دينارات    ترامب يهدد بضربات عسكرية على المكسيك لمكافحة "المخدرات".. وشينباوم تستبعد    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    كأس العالم 2026: قائمة المنتخبات المتأهلة عبر التصفيات    عاجل:أنشيلوتي يُصرّح: ''مباراة تونس كانت الأصعب على البرازيل''..هاو علاش!    والي تونس يؤكد على حسن الاستعداد لموسم الحج    القصرين : وزارة السياحة تؤكد دعم البلديات السياحية وتعزيز التكامل بين أقاليم البلاد ( محمد المهدي الحلوي)    شنيا يصير لبدنك إذا مضغت القرنفل كل يوم؟ برشا أسرار    احذر : رسالة وحدة من رقم غريب تنجم تسرقلك حسابك على الواتساب !    المشتري: العملاق اللي حمى كواكبنا من الخطر...باحثون يكشفون حقائق مدهشة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصرين في حزب الله..#خبر_عاجل    ميزانية 2026: زيادة بنسبة 8.75 بالمائة في ميزانية وزارة الصحة    فرصة باش تشري دقلة نور ''بأسوام مرفقة'' بالعاصمة...شوفوا التفاصيل    ترتيب الفيفا: المنتخب الوطني يرتقي من جديد في التصنيف العالمي    تقييم لاعبي المنتخب الوطني في مواجهة نظيره البرازيلي    مصر وتونس توقعان مذكرة تفاهم للاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة للسلع    عاجل/ منخفضات جوّية مصحوبة بأمطار خلال الأيام المقبلة بهذه المناطق..    عاجل/عثر عليها جثة هامدة في منزلها: تفاصيل ومعطيات جديدة بخصوص واقعة الوفاة المسترابة لمحامية..    عاجل: بعد الوفاة المسترابة لِمُحامية داخل منزلها..تفاصيل يكشفها رئيس الفرع الجهوي للمحامين بسوسة    عاجل: رجّة أرضية في الجزائر    عاجل: تامر حسني يفجر مفاجأة بخصوص حالته الصحية..شنيا الحكاية؟    مريض سكّري فاقد الوعي قدّامك: هاو كيفاش تنقذه    الكحل التونسي القديم يترشّح لليونسكو ويشدّ أنظار العالم!...شنوا الحكاية ؟    دراسة: التونسي ما يعرفش يتصرّف إذا تعرّض لإشكاليات كيف يشري حاجة    إسبانيا وبلجيكا تحسمان التأهل للمونديال واسكتلندا تعود بعد غياب طويل    شنيا حقيقة فيديو ''الحمار'' الي يدور في المدرسة؟    حرارة شتوية وطقس بارد اليوم وغدوة..وال''ويكاند'' شتوي بامتياز    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية بعدة جهات    عاجل/ أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بأعضاء اللّجنة التي كلّفها بإيجاد حلول للوضع البيئي بقابس..    أبهر التوانسة: من هو المعلّق عامر عبد الله؟    كل ما يلزمك تعرفوا على حفل جوائز كاف 2025 : وقتاش و شكون المترشحين ؟    اختتام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: الفيلم الجزائري "كولاتيرال" يتوج بجائزة القورارة الذهبية وتنويه خاص للفيلم التونسي "عالحافة" لسحر العشي    وزير الشباب والرياضة: التزامنا ثابت بدعم أحمد الجوادي على غرار سائر الرياضيين ذوي المستوى العالي    عاجل: وزيرة المرأة أسماء الجابري تحسم الجدل و تردّ على مقترح تعدّد الزوجات    ترامب يصنّف السعودية حليفا رئيسيا من خارج 'الناتو'    بالفيديو: هذا ما قاله المعلق الإماراتي على المنتخب بعد مباراة تونس والبرازيل    لجنة المالية والميزانية تشرع في مناقشة فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 فصلا فصلا    الأطباء الشبان غاضبون ويحتجون أمام البرلمان    تأهل كوراساو وهايتي وبنما إلى كأس العالم    غمراسن : تواصل أشغال ترميم قصر بوغالي واستعدادات لتهيئة مدخل قصر الفرش    وزير السياحة يؤدي زيارة عمل إلى ولاية القصرين يومي 17 و18 نوفمبر 2025    الأمن الروسي يرفع السرية عن عملاء للنازيين في الحرب الوطنية العظمى تعاونوا لاحقا مع CIA    مواسم الريح للأمين السعيدي، رحلة فلسفية في أعماق الذات البشرية    انتخاب القائد العام للكشافة التونسية محمد علي الخياري نائبًا لرئيس اللجنة الكشفية العربية    التونسية آمنة قويدر تتوج بجائزة الانجاز مدى الحياة 2025 بالمدينة المنورة    المنستير: تسجيل معدّل تساقطات لا يتجاوز 9 بالمائة منذ غرة سبتمبر المنقضي (مندوبية الفلاحة)    قائم القروض البنكية المسلّمة للأشخاص الطبيعيين منذ بداية العام..#خبر_عاجل    قبلي: ارتفاع حجم الانتاج الجملي للتمور البيولوجية خلال الموسم الحالي    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    تونس تتسلّم 30 قطعة أثرية بعد ترميمها في روما    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمرصاد.. برنامج النهضة والطُرْفَةُ السودانيّة (1 2)
نشر في الشروق يوم 13 - 11 - 2019

لقد استمعتُ لكلّ ما قيل عن برنامج النهضة الذي تَتَسَوَّقُ به هذه الأيام بحثا عن من يقبل هذه البضاعة ويرضى بها ليساهم مع النهضة في تشكيل حكومتها بعد أن كانت الأولى في انتخابات 2019 بدون أن تحصل على ما يؤهّلها لممارسة الحكم وحدها لأنّ عليها أن تبحث عن 109 مقاعد أي خمسين زائد واحد من المقاعد في حين أنّها لم تحصل إلّا على 52 مقعد إذن فالقول بأنّ النهضة فازتْ بالانتخابات كلمة مبالغ فيها لكنّها كانت الأولى في عدد المقاعد التي فازت ْبها وهذا ما يؤهّلها حسب الدستور لتكوين الحكومة وبوضوح كامل هذا هو الذي وضعها في المأزق الذي تتخبّط فيه اليوم ولا أرى لها منه مخرجا إلّا بالتنازلات والتقارب لا بالمراوغات التي حفِظَتْها عن ظهر قلب الأحزابُ التي لا مفرّ للنهضة من التوافق معها .
كما استمعتُ لكلّ الجهات التي اتّصلتْ بها النهضة هذه الاتّصالات التي تنعتها النهضة بأنّها غير رسميّة بحثا عن قبول التوافق معها لتشكيل الحكومة لكن أغلب هذه الأحزاب عبّرتْ بصيغ مختلفة عن عدم الاستعداد للحكم معها أي في حكومة ترأسها النهضة.
إنّ البرنامج الذي تتسوّق به النهضة اليوم مُتجوّلة من مكان لمكان هو ليس برنامجها الانتخابي الذي تقدّمتْ به للناخبين لتنال أصواتهم –وفي هذا تلاعب بالناخبين- بل هو برنامج وضعته على مقاس رغبات مفاوضيها وقد حاولتْ من خلاله دغدغة مشاعرهم فلم تترك النهضة- في البرنامج الذي تتقدّم به للأحزاب ميدانا من الميادين الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تلفظ اليوم آخر أنفاسها – إصلاحا إلّا ووضعتْ له تصوّرات ومقترحات مُؤكّدةً أنّ لها حلولا لكلّ مشاغل البلاد رغم أنّ هناك إجماعا من خبراء الاقتصاد بمختلف مشاربهم السياسيّة وتوجّهاتهم الإديولوجيّة على أنّ وضع تونس اليوم يتطلّب سنوات لتشعر البلاد بانتعاشة وتوضع على سكّة الإصلاح.
أوّل إطّلاع رسمي كان لي مع برنامج النهضة يوم الجمعة 1نوفمبرعندما صدر في جريدة الشروق فقرأته قراءة أولى فاتّضح لي أنّ البرنامج في حاجة لأكثر عناية ولا يمكن استيعاب ما جاء فيه من قراءة واحدة فعمدتُ إلى قراءته قراءة ثانية مع تطبيق القاعدة الذهبيّة التي رسّخها فينا أستاذنا الجليل» المنجي الشملي» رحمه الله وهي أن نعالج النصوص بتسطير الأفكار الرئيسيّة أو الهامة بالأحمر وما إن أتممتُ هذه القراءة حتّى تحوّلتْ صفحة الجريدة المكتوبة بالأسود إلى صفحة حمراء فلم أجد في برنامج النهضة فكرة واحدة لا تستحقّ أن تسطّر بالأحمر.فالمحاور الرئيسيّة الخمسة التي أوّلها مقاومة الفساد وما يتبعه وثانيها مقاومة الفقر والعناية بالفئات الهشّة ومتوسّطة الدخل وثالثها تطوير التعليم ورابعها النهوض بنسق الاستثمار والنموّ والتشغيل وخامسها كلّ ما له علاقة بالمسار التأسيسي وخاصة تركيز الحكم المحلّي مع تفصيل لهذه المقترحات التي لا أبالغ إذا قلتُ أنّها قد لامستْ موطن الداء في ما يعاني المواطن اليوم بدون أن تترك- أي موطن ضعف يعاني منه تعليمنا أو صحّتنا أو اقتصادنا أو ماليّة بلادنا أو أمنها- للصدفة بل أحكمتْ حصْر وتبويب كلّ ما ستقوم به لو قبلتْ الأحزاب الدخول معها في الحكومة التي ستكوّنها .لكن في كلّ ما سطرته بالأحمر والذي أعدتُ قراءته مرات ومرّات لم أجد ولو إشارة بسيطة إلى من أين ستأتي النهضة بالاعتمادات الضروريّة لهذه الإصلاحات فهل هي وجدتْ كنزا أم ستعتمد على ما خصّصته ميزانيّة الدولة للاستثمارات وهي لا تزيد عن 7 آلاف مليار؟ أم هي ستقتطع من ميزانيّة الدولة المبرمجة لسداد فائض الدين أو الدعم أم من ما هو مخصّص للأجور؟ فأنا مبدئيّا لا أرى بابا آخر لتمويل برنامج النهضة.
إنّ ما يتطلّبه الإصلاحات المذكورة في برنامج النهضة- خاصة وأنّ النهضة التي حكمت منذ 2012 هي أعلم بالوضع المالي أي «بالبير وغطاه» ووزير التنميّة من قياداتها ووزيرة التشغيل من صلبها ووزير الاصلاحات الكبرى لا يبتعد عنها وما خفي كان أعظم فهل تساءلتْ مِنْ أين ستأتي بالمال الذي لا مفرّ منه لتحقيق هذه الإصلاحات وجَيْب الدولة مخروم من الإفلاس على لغة الشاعر الهزلي حسين الجزيري ؟ ولا أدري لماذا بينما كنت أعيد قراءة برنامج النهضة كنت أردّد بيت نزار قباني»من أينَ تأتيِ بالفصاحة كلّها ..وأنا يَتُوه عن فمي التعبير»أي الأمر كلام بكلام و»الَملْقَى» بعد تشكيل الحكومة لقد وقفتُ عاجزا ومحتارا أمام النصّ الدسم لبرنامج النهضة.والذي لم يجب عن أبسط سؤال قد يتبادر لذهن المواطن من أين ستموّل هذا البرنامج؟.
لكن الحمد لله فإنّ حيرتي هذه لم تدم طويلا ففي مساء نفس اليوم الذي صدر فيه برنامج النهضة في الشروق جاء ما بدّد حيرتي في مداخلة» شكيب درويش» في برنامج تونس اليوم الذي تديره مريم بالقاضي والذي يعتبر «شكيب» المدلّ عندها لذلك لا أستغرب أن يكون «شكيب» وراء اختيار «الغنوشي» من ضمن العشر شخصيات المختارة للتعليق عليها وبطبيعة الحال فقد انقضّ» شكيب» على «الغنوشي» ليقول فيه كلاما هاما في هذا الظرف بالذات والغنوشي مرشّح النهضة لترؤّس الحكومة وليسمح لي القارئ الكريم أن أطيل في هذا الموضوع وذلك باستطراد سيكون جزءا منه له علاقة متينة بحيرتنا وسيجيب على» مُخِّ الموضوع» أمّا بقيّة ما سأنقله أرى من الضروري أن يعرفه كلّ تونسي في هذا الظرف الذي لا تقلّ فيه حيرته على مصير البلاد .
فماذا قال» شكيب» في تعليقه على صورة» الغنوشي»؟
أبدأ بالتنبيه إلى أنّ «شكيب» عندما يتحدّث مدافعا عن النهضة لا ينطق عن هوى بل هو وحي يوحى له من قمّة السلطة في النهضة لذلك ما لم نجده صراحة في برنامج النهضة فقد جاء على لسان» شكيب» في المُداخَلة التي قام بها «شكيب» فقد أمْتَعَنَا بثلاث»دجنقيلات»(الدجنقيلة في الكرة هي التفنّن في مداعبة الكرة بدون أن تسقط على الأرض) أمّا «الدجنقيلة» الأولى تتعلّق بساعات العمل القادر على أدائها الغنوشي فقد- أراد بذكرها أن يخفّف من المبالغة المضحكة والخياليّة التي وقع فيها «الهاروني» وذلك بإسقاط إدّعاء الهاروني أنّ الغنوشي يعمل 21 ساعة في اليوم وقد أراد بهذه» الدجنقيلةّ في نفس الوقت إثبات مقولة أخرى وهي أنّ» الغنوشي» يعمل 16 ساعة في اليوم وأقول له –عن دراية إذ أنا في نفس سن» الغنوشي»- أنّ هذا غير ممكن إطلاقا لمن هو في سنّ «الغنوشي» فعندما نُمْعِن النظر في حركات الغنوشي وفي ملامح وجهه خاصة عندما يرفع نظّاراته نشعر بأنّ الرجل قادر على بعض الأعمال البسيطة كالتفاوض والاستقبالات لكن عمل رئيس الحكومة في ظرف تونس الحالي ليس أي عمل بل هو عمل شاقّ بأتمّ معنى الكلمة ولا يقدر عليه إلّا قويّ البنية الحاضر ذهنيّا والمتسلّح بعلوم الاقتصاد والتسيير و"الغنوشي" غير قادر على تحمّل هذه المسؤوليّة خاصة وأنّه غير مؤهّل لهذه الخطّة التي تتطلّب تكوينا معيّنا لذلك أجزم من الآن أنّ ترشيحه مناورة سنعرف أسرارها عن قريب.
ثمّ انتقل ليقيّم وزن» الغنوشي» فقال :"هذا الرجل على أهميّة وعلى وزن وعلى ثِقل اليوم ويبدو أنّ حركة النهضة» بطُمِّها و طميمها» انشغلتْ بوضعه معناه أي مقعد سيظفُر به رئيس حركة النهضة؟ أنا أقول أنّ نائبا في البرلمان فحسب هذا بالنسبة لكثير من النهضوييّن أقلّ بكثير من ثقل الرجل وقيمته وقدرته ونفوذه وشبكة اتّصالاته وعلاقاته يلزم" نَخَمُولُو"في حاجة يلزم نَخَصُّوهْ بمقعد ما يلزم نَزْلُوه منزلة ما إمّا أن يكون رئيسا للبرلمان أو أن يكون رئيس حكومة؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.