التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى (الرائد الرسمي)    عيدكم مبروك...    تتصدرها قمّة تونس و المغرب…برنامج أبرز مباريات اليوم الجمعة و النّقل التلفزي    ارتفاع درجات الحرارة في أول أيام عيد الأضحى    فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي "أ" بمستشفى الرابطة ينجز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن    بُشرى سارّة : مستشفى الرّابطة يحقق سابقة بشمال إفريقيا في علاج سرطانات البطن    رسميا... الأردن اول العرب المتأهلين لكأس العالم    المنستير : تراجع حوادث المرور خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي بنسبة 8 فاصل 11 في المائة    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    بلدية المعمورة توزيع أكياس بلاستيكية على المتساكنين لتجميع جلود الأضاحي    وزير الخارجية يختم الجولة التي قام بها إلى عدد من دول الشمال الأوروبي    اختيار مهاجم برشلونة لامين جمال أفضل لاعب شاب في البطولة الإسبانية    ترامب يؤكد أنه طلب من 'المجنون' ماسك ترك منصبه    هيئة السوق المالية: فتح عرض عمومي للشراء إلزامي لأسهم التونسيّة للسيّارات    حجّاج بيت الله ينفرون من عرفات إلى مزدلفة.. #خبر_عاجل    عاجل/ العثور على جثة شاب عشريني داخل جابية    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    وسط تشنج ومناوشات بين الباعة والمستهلكين.. ارتفاع كبير في اسعار الاضاحي بصفاقس    جندوبة: دعم صحي فعلي بأطباء وتجهيزات جديدة    سوق البورصة تجه صعودا هذا الاسبوع    هل ''الكعابر'' تحت أذن الخروف تبطل الأضحية؟    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    ثورة طبية جديدة.. تقنية مبتكرة لإزالة جلطات الدم بفعالية مذهلة    بوسالم.. يضرم النار في جسد طليقته امام مركز البريد    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    الحمامات.. حجز 320 كغ من لحم الضأن    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    ما بعد ركن عرفة: بداية أيام التشريق واستعدادات التونسيين لرمي الجمرات    في خطبة عرفة... أكثر من مليون ونصف حاج يستمعون    تونس- المغرب : تاريخ حافل بالإثارة والتشويق وأفضلية مغربية في آخر 5 مواجهات    دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة ب 1039 طنا    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزير خارجية بلجيكا: حصار إسرائيل لغزة "فضيحة مطلقة"    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    عاجل: الإفراج عن 462 سجينًا بمناسبة عيد الأضحى    استعدادا لبطولة العالم (بولونيا 2025): المنتخب التونسي للاواسط لكرة اليد يواصل تحضيراته بمدينة الحمامات    القصرين: حملات تلقيح الأغنام والأبقار فرصة لتحيين المعطيات وتحديث الأهداف للسنوات المقبلة    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    عاجل/ أمطار منتظرة عشية اليوم بهذه الولايات..    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    إقبال قياسي على لحوم الدواجن في عيد الأضحى بتونس    بطولة رولان غاروس: ديوكوفيتش يفوز على زفيريف ويضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    المنتخب البرتغالي يتأهل لنهائي رابطة الأمم الأوروبية بثنائية في مرمى نظيره الألماني    بطولة انقلترا: تشلسي يحسم صفقة مهاجم إيبسويتش تاون ديلاب    على عرفات: ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم    كسوة الكعبة..أغلى كسوة فى العالم تصنع من الذهب الخالص والفضة والحرير..وهذه تكلفتها..    في يوم عرفة: الصحة السعودية تؤكد على الحجاج استخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    "لسان بايدن" تنقلب عليه لتكشف عن فضيحة    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف الرمادي يكتب لكم : هل طلب محّمد عبّو من النهضة ما لا يستطاع؟
نشر في الصريح يوم 23 - 10 - 2019

كنت أتوقّع أن تنضمّ أغلب الأحزاب الممثلة في مجلس النوّاب الجديد إلى المقترح الجاد الذي قدّمه "محمّد عبّو" فمجرّد ما ظهرتْ نتائج الانتخابات التشريعيّة التي وإن هي أعطت للنهضة الرتبة الأولي التي تمكّنها من أن تقتراح رئيس الحكومة لكن لم تعطها الأغلبيّة الكافيّة لتشكيل الحكومة أي هي في حاجة للتوافق مع كتل نيابيّة وازنة في البرلمان وكانت أعين النهضة متجهة خاصة للتيار الديمقراطي وحركة الشعب إذ أنّ كتلة حركة الكرامة ومن لفّ لفّها من النواب الذين يدورون في فلك النهضة لا يَفُونَ بمتطلّبات الأغلبيّة البرلمانيّة التي بدونها لا تشكيل لحكومة.
هنا جاء المقترح -مقترح "محمّد عبّو" الذي لو تجاوبت معه النهضة كان سيختصر كثيرا من المسافات و يربحنا كثيرا من الوقت ويقرّبنا من تكوين الحكومة التي يتباكى الكثيرون عن الوقت الذي سنضيعه لتكوينها و على الأخطار التي سنقع فيها إن نحن –لقدّر الله- اضطررنا لإعادة الانتخابات كما ينصّ على ذلك الدستور في حالة عدم منح الثقة من مجلس النوّاب لأي حكومة تتقدّم له وذلك نظرا لأنّ هذا المجلس الذي هو نتيجة قانون انتخابي هجين لا يمكّن أي كتلة من الحكم تبعا لبرنامجها الذي تقدّمتْ به للشعب إلّا بالتوافق مع غيرها. .
هنا جاء مقترح "محمّد عبدو" الذي أعْتبِره واقعي وعادي وتقتضيه المرحلة التي تمرّ بها بلادنا فقد طالب النهضة أن تبتعد عن وزارتي الداخليّة والعدل وعن الوظيفة العموميّة وهذا الطلب فيه تبرئة لذمّة النهضة التي تُتَّهَمُ بأنّها سيطرة منذ2012 على هذه الوزارات مباشرة أو بطرق غير مباشرة على هذه الوزارات الذي لها فيها مآرب كثيرة منها المحافظة على ما دسته في الوظيفة العموميّة من أتباعها ولكن وخاصة وزارتي الداخليّة والعدل اللتان تعتبران الصندوق الأسود للنهضة إذ أخطر التُهم التي توجّه للنهضة لها علاقة بهاتين الوزارتين و اعتبر(عبّو) ابتعاد النهضة على هذين الوزارتين هو الحلّ الحقيقي للأهمّ المعضلات التي تفرّق المجتمع التونسي و هذا لا يكون إلّا بابتعاد النهضة عن هاتين الوزارتين حتّى يعرف الشعب التونسي حقيقة اغتيال الشهيدين بالعيد والبراهمي وحقيقة الجهاز السرّي التي تنسبه الهيئة الدفاع عن الشهيدين للنهضة .فهل هذا الطلب(مطلب عبّو) الذي سيعجّل بتكوين الحكومة ويفكّ لغز الجهاز السرّي والاغتيالات السياسيّة ويعيد اللحمة للمجتمع التونسي ويكون منطلقا حقيقي للالتفاف حول المشاكل الحقيقيّة لبلادنا التي هي تنمويّة بالأساس فيه تعجيز للنهضة ؟ إنّ ما يعلمه الجميع إنّ النهضة ركّزت' حملتها على أنّها ستعمل على محاربة الفقر وإرجاع الكرامة للتونسيّن فهل مقترح عبّو يعوقها على انجاز هذا البرنامج؟
كما أنّ برنامج النهضة يقوم على وإرجاع الاعتبار للثورة والتبشير بالمرحلة الثانيّة من الثورة فهل مقترح عبوو يعوقها على تنفيذ هذا البرنامج ؟
إنّ النهضة تعتبر نفسها حزب مدني ويمارس الديمقراطيّة في صلبه وهو حريص على المصالحة بينه وبين كلّ مكوّنات المجتمع حتّى تمضيّ تونس في العمل لما فيه خير التنميّة لتونس فهل مقترح "عبّو" يعوقها على تنفيذ هذا البرنامج حتّى ترفضه؟
إنّ العقل السليم يرى أنّه كان على النهضة أن تتعلّق بهذا المقترح وأن تعبّر عن ترحابها به حتّى يكون هذا المقترح فرصة لها لتردّ على الاتّهامات الموجّهة إليها وتنطلق في جوّ توافقي لمباشرة الإنقاذ للبلاد في هذه الظروف الصعبة .خاصة وأنّ الوزارات التي لها علاقة مباشرة ببرنامج النهضة الذي تحدّده بأنّه برنامج تنموي يهدف إلى نقلة نوعيّة للمجتمع التونسي وخاصة القضاء على الفقر والمضي في الإصلاحات الكبرى للنهوض بالاقتصاد لا يعرقلها مقترح عبّو بل العكس فهذا المقترح سيساعد النهضة على التفرّغ للمشاكل الحقيقيّة للشعب التونسي أم للنهضة نوايا أخرى عليها أن تصارح بها الشعب التونسي؟
لذلك لا نجد تفسيرا لهروب النهضة من هذا المقترح إلّا أن تكون النهضة متمسّكة بهاتين الوزارتين اللتين لم تخرج عن هيمنتها المباشرة أو غير المباشرة من 2011 فهل في الأمر سرّ لا يمكن الجهر به ؟ فهذا الرفض المطلق الذي اتّفق حوله كلّ النهضويّن من رئيس النهضة إلى رئيس مجلس الشورى إلى الناطق الرسمي إلى مورو إلى صهر الغنوشي والذي أعتبر بالنسبة لهم جميعا وبلسان واحد ابتزاز ومحاولة غير جديّة لتعجيز النهضة فلنفترض هذا صحيح وأنّ عبوّ أراد فعلا تعجيز النهضة فما ضرّ النهضة –إن كان ليس لها ما تخشاه- أن تظهر أنّها عير عاجزة ولا خائفة وأن تجعل من هذا المطلب الذي لا يختلف حوله جلّ التونسيّن فرصة للمّ الشمل وتوضيح المواقف وإزالة أكبر عقبة لانطلاق توافق حقيقي لا خلفيات له؟ أليس هذا أولى من الذي يريد تصدّر الحكم في تونس من التصريحات والتبريرات التي حتّى وإن حلفت النهضة على "البخاري" كما يعتقد عامة الشعب فسوف لن تصدّق ويعتبر الشعب أنّ وراء الرفض ما وراءه من إخفاء لحقائق سوف لن ترى النور إلّا بابتعاد النهضة عن هاتين الوزارتين؟
إنّي آسف أن لم يأخذ هذا المقترح(مقترح عبّو) حظّه من النقاش ولم يقف عنده الأحزاب و المحلّلون والملاحظون بما يكفي من التركيز حتّى تُكْشَفَ النهضة على حقيقتها خاصة وأنّ أتباعها وقياداتها انبروا هذا الأيام بمناسبة هذا الفوز المنقوص في بناء قصور من الآمال والأحلام التي لا يمكن أن تتحقّق في تونس ما لم تترك النهضة الأمن والعدالة حتّى تعالج ملفّات حارقة بكلّ استقلاليّة وهذا سوف لن(الزمخشريّة )يتحقّق إلّا إذا ابتعدت النهضة عن هاتين الوزارتين وهذا المطلب ليس مطلب "عبّو" فقط فهو مطلب غير مباشر لحركة الشعب التي لا ترى توافقا مع النهضة إلّا بعد الاتّفاق حول الكشف عن الجهاز السرّي والاغتيالات وتسفير الشباب لسوريا وهذه الكتلة تلتقي مع كتلة التيار في هذا المطلب فبماذا ستكوّن النهضة الحكومة التي تدّعي أنّها ستحقّق النقلة النوعيّة التي عجزت عنها كلّ الحكومات السابقة لأنّ النهضة –كما تدّعي- لم تحكم طوال هذه المدّة التي لا يختلف اثنان أنّ النهضة لم تغادر فيها الحكم إطلاقا حتّى في زمن حكومة التكنوقراط بقيادة مهدي جمعة .
إنّ عبّو ومن لفّ لفّه من الوطنيّن الذين يتبنوا هذا المطلب لا يهدفون لإحراج النهضة أو تعجيزها أو مطالبها بالمستحيل بل هم يضعون الدعامة الحقيقّة للبناء الجاد الذي بدونه لا نوايا حسنة تجاه النهضة و لا تغيّر ولا تنميّة.
على النهضة أن تعي ما قاله رئيس الجمهوريّة حول الدول إذ قال " الكلّ حرّ في قناعاته لكن مناطق الدولة تبقى خارج السياسة " وهذا ما يطلبه الشعب من الذي يريد حكمه أن يترك قناعاته خارج الحكم فهل النهضة بإرثها الديني التقليدي الثقيل قادرة على التفريق بين قناعاتها ودورها في الحكم ؟
وحيث أنّ المفاوضات بدأت حول تشكيل الحكومة فلا أرى ضمانات لتشكيل حكومة فاعلة إلّا بابتعاد النهضة عن وزارتي الداخليّة والعدل لأنّ هنا يكمن بيت الداء.هذا ما هو مطلوب من المتفاوضين مع النهضة أمّا الذين سينحازون لرغباتهم وأطماعهم في مناصب في الحكومة فإنّ ما سيصدر منهم هو خيانة للمواطن وتغرير بالوطن الذي هو في حاجة ملحّة وأكيدة لتحكيم وإقرار أن لا بناء ولا تشّد ما دام الشعب لا يعرف حقائق هامة وهي هل أنّ حركة النهضة لها جهاز سرّي أم هي مجرّد ادّعاءات؟ ومن سفّر الشباب التونسي لبؤر التوتّر؟ ومن اغتال الشهيدين شكري بالعيد ومحمّد براهمي؟ وهذا لا يكون أكرّرها ألف مرّة إلّا إذا قبلت النهضة مقترح" محمّد عبّو"ّ فلماذا هي خائفة؟ وإلى أين ستأخذ تونس لو تمادت في إصرارها أن لا يعرف الشعب حقائق ضروريّة لا تستقيم الحياة المشتركة بين كلّ أطيافه بدون كشفها.
يقول تعالى في سورة النساء الآية 58 :" إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إنّ الله نِعِمّا يعظكم به إنّ الله كان سميعا بصيرا"صدق الله العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.