نظم المخرج السينمائي مجدي لخضر صباح أمس الاربعاء 13 نوفمبر في قاعة البالاص بالعاصمة عرضا خاصا للصحافيين لفيلمه الجديد " قبل ما يفوت الفوت " الذي انطلق عرضه في القاعات التجارية مطلع الشهر الجاري. تونس (الشروق) و" قبل ما يفوت الفوت " هواول فيلم روائي طويل للمخرج الشاب مجدي لخضر، بطولة رؤوف بن عمر وربيعة بن عبدالله وسلمى محجوبي ومجد مستورة وعفاف بن محمود، وهو من انتاج محمد علي بن حمرة وسمية الجلاصي. تدور أحداث فيلم " قبل ما يفوت الفوت " في شقة قديمة متداعية للسقوط تسكنها عائلة حلمها الوحيد الانتقال الى منزل جديد، ولكنها تجد صدا كبيرا من الأب المسكون بهاجس العثور على كنز ثمين مقبور في قبو المنزل، وهو وهم ورثه الأب عن والده الذي اضطر الى بيع العمارة بأكملها وكراء شقة فيها من المالك الجديد، املا في العثور على الكنز المزعوم. ويظل الأب يحفر تحت المنزل خفية عن عائلته الى حين حدوث الكارثة وهو سقوط جزء من سقف القبو وإحتراق المنزل ما جعل العائلة عالقة فيه وللنجاة من الحريق إضطر الأب إلى الإفصاح عما يخبئه طوال حياته وهو باب سري يقود إلى ما تحت القبو مكان الكنز المزعوم .. كارثة التشبث بالموروث و"قبل ما يفوت الفوت" هو في الحقيقة عبارة تونسية معروفة تحمل معنى الصحوة او الإفاقة في إشارة الى ضرورة أو وجوب التفطن الى الكارثة قبل وقوعها من اجل إنقاذ ما يمكن انقاذه، وقد حولها المخرج مجدي لخضر الى حكاية سينمائية تحمل معاني وابعاد اجتماعية وثقافية وحتى ايديولوجية ربما أعمق من المعنى المتداول للعبارة، فما ينقص عائلة علي ( رؤف بن عمر ) على الصعيد العاطفي والاجتماعي في مستوى اول من حكاية الفيلم، هو الحب والتواصل والتفاهم بين الأب وأفراد العائلة، حيث يخير الأب الانزواء والانغلاق على نفسه وتعريض حياة عائلته الى الخطر من أجل تحقيق حلمه بالعثور على كنز مزعوم في حين ان الكنز الحقيقي، وهو ما يكتشفه في آخر الفيلم بعد سقوط المنزل، هو الحب والتضامن بين أفراد العائلة. اما المستوى او البعد الآخر من حكاية الفيلم، وهو المستوى ربما الأعمق، فهو التشبث بالموروث الثقافي القديم بمعتقداته وأيديولوجيته، والاعتقاد في كونه الحل الوحيد للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها الشعوب العربية والإسلامية اليوم. فالأب في الفيلم يمثل السلطة العقائدية باعتقاده في الموروث اوالمتوارث في مقابل أفراد العائلة الذين يخالفونه الرأي بالاعتقاد في التغيير من أجل حياة أفضل. وأمام تعنت الأب بثقافة سلفه تحدث الكارثة. مخرج واعد ورغم اقتصار المخرج على البعد الاجتماعي في تناول قضية الفيلم، وعدم التعمق في الأبعاد الاخرى الثقافية، فقد نجح نسبيا في تقديم تناول سينمائي قادر على شد المتفرج من جهة ومنفتح على قراءات اخرى اكثر عمقا. كما نجح في تقديم حكاية او خرافة تستجيب لقواعد الدراما او الحكي، اضافة الى تحكمه في تقنيات السينما من حيث تصوير المشاهد وانسجامها مع المواقف الدرامية. وكان استعماله للكاميرا الذاتية موفقا في إبراز حالات الشخصيات ونظرة كل منهما، وحتى ارتعاشة الكاميرا كانت بدورها في محلها للتعبير عن المواقف الدرامية. ولم يشذ اداء الممثلين بدوره عن المستوى الفني للفيلم الذي كان عموما طيبا خصوصا وانه اول تجربة للمخرج في الافلام الروائية الطويلة. لقد أثبت المخرج مجدي لخضر من خلال هذا الفيلم جدارة كبرى في الاخراج السينمائي وتمكن لافت من الكاميرا يجعلانه من المخرجين الواعدين.