أعلن رئيس الجمهورية عزمه التقدم بمبادرة تشريعية لإنشاء مؤسسة عمومية تتولى شؤون عائلات الشهداء ورعاية الجرحى. وهي "المصافحة" الأولى التي قد تجمع سعيّد بالبرلمان في الفترة القادمة وسط تساؤلات حول مدى قدرته على تمرير المبادرات وبالتالي على تلبية الانتظارات منه. تونس الشروق وعد رئيس الجمهورية قيس سعيد مؤخرا بتقديم مبادرة تشريعية لإنشاء مؤسسة عمومية تتولى شؤون عائلات الشهداء ورعاية الجرحى وذلك خلال لقائه بعائلات شهداء المؤسسة الأمنية وجرحاها في ذكرى استشهاد أعوان من الامن الرئاسي. ومنذ توليه المنصب، استقبل قيس سعيّد عددا من المواطنين للاستماع إلى مشاغلهم ومشاكلهم المختلفة ووعد بإيجاد حلول لها. الانتظارات عديدة.. لقيت تحركات قيس سعيد المختلفة استحسان المعنيين بها ولقيت أيضا صدى لدى عدد كبير من التونسيين ممن يُعلّقون آمالا كبيرة على رئيس الجمهورية المنتخب لتلبية انتظاراتهم ولحل مشاكلهم المختلفة لا سيما في علاقة بالوعود الانتخابية العديدة التي قدمها خلال حملته الانتخابية. وتُصبح للأمر أهمية بالغة خاصة بالنظر إلى ما حققه قيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية من نسبة تصويت مرتفعة تجاوزت 72 بالمائة من مجموع الناخبين وهو ما يعكس الحجم الكبير للانتظارات منه. وباعتبار أن رئيس الجمهورية ليست له الصلاحيات الدستورية اللازمة لتلبية وعوده مباشرة على أرض الواقع وحلّ مشاكل الناس والقيام بالإصلاحات المنتظرة، فانه سيكون مضطرا إلى المرور عبر مجلس نواب الشعب لتمرير ما يعزم على القيام به وذلك عبر مبادرات مشاريع قوانين ثم يُعهدُ للحكومة تنفيذها.. فكيف يُمكن لقيس سعيّد تلبية الانتظارات العديدة منه؟ وهل سيقدر على ذلك؟ صلاحيات محدودة..لكن أسند الدستور لرئيس الجمهورية صلاحيات محدودة مقارنة بصلاحيات رئيس الحكومة ( الفصول من 77 إلى 82).. لكنه منحه في المقابل حق "المبادرة التشريعية" ( الفصل 62) وأيضا صلاحية ترؤس مجلس الأمن القومي وترؤس مجلس الوزراء وجوبا في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والامن القومي وفي صورة حضوره بمجلس الوزراء في مجال آخر يترأسه وجوبا. فهل ان هذه الصلاحيات كافية لقيس سعيد لتحقيق الانتظارات وتلبية المطالب العديدة وعموما للنظر في المشاكل التي يُعلق عليه كثيرون آمالا عديدة لحلّها. من الناحية النظرية والمبدئية يمكن لقيس سعيّد التطرق إلى كل المجالات والمشاكل التي تهم التونسيين بلا استثناء انطلاقا من صلاحية " المبادرات التشريعية" وصلاحية "مجلس الامن القومي" وبالتالي تلبية الوعود التي يقدمها. فالمبادرات التشريعية يمكن أن تشمل كل المجالات بلا استثناء خصوصا تلك التي تمثل هاجسا للتونسيين اليوم على غرار البطالة والمشاكل الاجتماعية المختلفة التي تعاني منها الطبقات الفقيرة والمحرومة وذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء المناطق المهمشة والاقل حظا في التنمية وتوفير موارد الرزق في الجهات وتوفير المسكن اللائق وغيرها.. وهو الدور الاجتماعي للدولة الذي طالما تحدث عنه قيس سعيد في حملته الانتخابية.. كما أن الأمن القومي يعتبره البعض مفهوما واسعا يمكّن رئيس الجمهورية من التطرق إلى مختلف المجالات مثل الامن الغذائي والأمن الصحي والامن التربوي والأمن المائي والفلاحي والأمن الثقافي والامن المعيشي.. مطرقة البرلمان .. وسندان الحكومة يتطلب تمرير الإصلاحات والحلول التي ستتضمنها مبادرات رئيس الجمهورية وفق المختصين المرور بامتحانين: الأول هو مصادقة البرلمان على مثل هذه المبادرات وتحويلها إلى قوانين نافذة، وهو ما قد لا يتوفر لقيّس سعيد بحكم افتقاره حزاما سياسيا داخل البرلمان للتصويت على هذه المبادرات. فهو لا ينتمي اليوم إلى أي حزب ومازالت علاقته بالأحزاب البرلمانية الهامة غير واضحة خاصة النهضة التي ستتحكم في التوازنات داخل البرلمان وسيكون الحل والربط بين يديها بالنسبة للمصادقة على القوانين وبالتالي ستكون لعلاقته بها أهمية بالغة في تمرير مبادراته.. أما الامتحان الثاني فيتعلق بتنفيذ القانون على أرض الواقع، وهو الاختصاص المُطلق للحكومة ولرئيسها. فالتنفيذ يتطلب آليات وأوامر تطبيقية وتمويلات وتجنيد بعض الإدارات وغيرها، وهو ما سيكون خاضعا للعلاقة التي ستجمع في ما بعد بين رئيس الحكومة القادمة ورئيس الجمهورية ان كانت علاقة تناغم وتعايش وتوافق على الإصلاحات وفق نظرة تشاركية أم علاقة تباعد وصدام.. ما يمكن قوله عموما هو أنه من المحبّذ أن يتطرق رئيس الجمهورية إلى مختلف مشاكل ومشاغل التونسيين بوصفه رئيسا منتخبا مباشرة من الشعب وقدّم وعودا عديدة في حملته الانتخابية وانتخبه الناس على أساسهاومن المُطمئن أيضا أن يجد المحرومون والمهمّشون والفقراء والعاطلون وأصحاب المشاكل المختلفة آذانا صاغية لدى أعلى هرم السلطة. غير أن ذلك سيتطلب تناغما وتعايشا بينه وبقية مكونات السلطة أي مجلس نواب الشعب من جهة والحكومة من جهة أخرى.. عدا ذلك قد يجد قيس سعيد نفسه في مأزق تقديم الوعود والعجز بعد ذلك عن تحقيقها. أبرز وعود قيس سعيّد منذ توليه رئاسة الجمهورية استقبل مجموعة من شباب ولاية قفصه واستمع إلى مشاغلهم ومقترحاتهم لخلق مواطن شغل استمع الى مشاغل مواطنين بالقيروان ووعد بإيجاد حلول لها. زار منطقتي رادس وحلق الوادي وقدم وعودا حول المصبات العشوائية لمخلفات الهدم والبناء والنفايات المختلفة والفضلات استمع إلى مشاغل عدد من المواطنين بجهة الوردانين حول وضع الشباب العاطل ووضع عمّال الحظائر. استقبل وفدا من المجتمع المدني بقفصة واستمع الى مشاغلهم ووعد بحلها. استمع الى مشاغل ومشاكل مجموعة من شباب القصرين وتطرق معهم إلى حلول خلق فرص التشغيل والنهوض بالوضع الصحي في الجهة. زار ولايتي سليانة والكاف وتناول مختلف المشاكل التي يعيشها المواطنون والمتعلّقة خاصّة بالتشغيل والصحة والتربية. واستمع إلى وفد من شباب الجهة ووعد ببعض الحلول. وعد بالتقدم بمبادرة تشريعية لاحداث مؤسسة عمومية تتولى شؤون عائلات الشهداء ورعاية الجرحى.