تواتر الحديث عن المشاركة السياسية للمرأة مؤخرا بشكل مكثف وذلك بمناسبة الحدثين الانتخابيين الكبيرين المتمثلين في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعية وأيضا الانشغال الراهن بتشكيل الفريق الذي سيتولى إدارة شؤون البلاد. في هذا السياق نطرح مسألة المرأة والديبلوماسية وما عرفته في السنوات الأخيرة عالميا وعربيا من حراك نوعي وكمي يستحق التوقف عنده. هناك ملاحظة تستحق الانتباه وهي أنّه في السنوات الأخيرة أصبحت الدول الأوروبية ترسل نساء على رأس بعثاتها الديبلوماسية الى البلدان العربية. كما أنه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 عينّت الولاياتالمتحدةالأمريكية سفيرات في بلدان عربية نذكر منها الجزائر والإمارات العربية والمغرب... وهو تعيين استراتيجي ومقصود. حيث أن المرأة في الديبلوماسية الأمريكية وأيضا الأوروبية أظهرت تمكنا في التغلغل في أوساط النخب والاقتراب منها وفهم مجتمعاتنا. حيث أصبحت السفارات الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 منفتحة على النخب العربية بمختلف أطيافها وأكثر نشاطا ديبلوماسيا مقارنة مع فترة ما قبل الأحداث المشار إليها. طبعا نحن نعلم أن العمل الديبلوماسي ذكوري بالأساس في الفضاء العربي الإسلامي. ولكن رغم ذلك فإن تعيين نساء سفيرات ليس بالأمر الجديد. ويمكن الحديث عن تاريخ للمرأة العربية في مجال الديبلوماسية حتى لو كان شحيحا ويتميز بالندرة على مستوى الكم. وفي هذا السياق نشير إلى تعيين الراحل أنور السادات للمحامية والسياسية عائشة راتب سفيرة في الدانمارك ثم في ألمانيا. أيضا تم تعيين المغربية الأميرة جمالة العلوي سفيرة المملكة المغربية في لندن ثم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. كذلك في تونس نذكر تعيين السيدة راضية المستيري سفيرة لتونس في أكثر من عاصمة والسيدة نزيهة زروق في لبنان وأخريات ...وهو ما يجعلنا نستنتج أن قائمة أسماء السفيرات العربيات بدأت تكبر وتتسع في العقدين الأخيرين. ولعله من المهم الإشارة ببعض الحذر إلى أن ترؤس المرأة للعمل الديبلوماسي في العالم ليس بالعريق كما يذهب في ذهن البعض فمثلا في فرنسا بلد الثورة الفرنسيّة لم يتم تعيين امرأة سفيرة لفرنسا إلا عام 1972 وتدعى مارسال كامبانا (Marcelle Campana) حيث كانت سفيرة في باناما. إنّ تزايد عدد النساء السفيرات في العالم بشكل عام فسره المهتمون بهذه المسألة بأن الجندرة في مجال الديبلوماسية قد أضحت من بين أولويات القرن الحادي والعشرين. ويبدو لنا أن بداية التراكم الكمي لعدد السفيرات العربيات يندرج ضمن هذا الأفق العالمي باعتبار أن قيم المواطنة والتحديث قد هبت بوتيرات مختلفة. ولكنها شملت العالم بأرجائها المختلفة والمتفاوتة. لذلك فإنّه رغم كل ما يمر به الفضاء العربي الإسلامي من مشاكل وتوترات ومؤشرات تبعث على التشاؤم والحيرة في أقل الحالات، فإنه لا نستطيع أن ننكر أن هناك حراكا في أكثر من مجال. وتوجد مظاهر تفاؤل وأمل وعلامات تدل على مكاسب حقيقية بدأت تتحقق وتتراكم. ويمكن التعويل عليها في مواجهة غول التشاؤم وأسبابه الجديّة.