كعادته اختار المخرج فاضل الجزيري، أن يكون مختلفا عن السائد، وأن ينطلق من التراث ليصنع «الشغل» بتقنيات معاصرة، كما في عرضه الجديد «عربون 2» بالمسرح البلدي بالعاصمة، مساء السبت الفارط. تونس – «الشروق» : احتضن المسرح البلدي بالعاصمة، مساء السبت 23 نوفمبر الماضي، العرض الأول للعمل الموسيقي الجديد للمخرج فاضل الجزيري، «عربون 2»، عرض جمع على الركح 09 موسيقيين شبان، أبرزهم قائد المجموعة الفنان هيثم الحذيري، إضافة إلى موظّب ومصورة فوتوغرافية، ليكون العرض مشهديا في شكل بروفة، او تمرين، أو هو عرض داخل العرض، حسب الرؤية الإخراجية للجزيري. هو فعلا كذلك عرض داخل العرض، عرض موسيقي، جديد، يدخل في خانة التجريب في الموسيقى من خلال توزيع موسيقي غربي جديد لأغاني المالوف التونسي، لكن المشهدية الإخراجية، تضعك أمام «بروفة» لمجموعة من الموسيقيين الشبان، يتمرنون على برنامج عرضهم، ويتحدثون ويتصرفون كأنهم في بروفة حقيقية، فذلك ينسحب ليدخن سيجارة وآخر في لحظة خلوة مع هاتفه الجوال، وآخر وصل متأخرا، وبعضهم يستعجلون البروفة للذهاب ل«عربون»... ولعلّ فاضل الجزيري أراد من خلال رؤيته الإخراجية هذه، تسليط الضوء على كواليس تحضير عرض موسيقي، أو كما صرّح في لقاء سابق مع «الشروق»، «قد اختار «عربون2» من أجل تحديد الوضع الذي وجد خلاله المجهود الثقافي في ميدان الترفيه الموسيقي.. فالسوق عربون بتداعياته، فالعمل يحكي على الظروف التي أنجز فيها «الشغل» الأدبي والفني في تونس الخضراء... اللباس الغربي، كما أسلفنا الذكر تجسد في التوزيع الموسيقي الغربي والمعاصر، والذي يبدو للبعض من المحافظين الموسيقيين، «تفاهة» و«تخلويض» ويبدو للبعض الآخر طريفا ومواكبا للعصر، ويمكن من خلاله ترويج المالوف التونسي حتى في البلدان الأوروبية، لكن ما من أحد شكّك في قيمة العازفين وفي اتقانهم العزف على آلاتهم من هيثم الحذيري غناء وعزفا على العود الكهربائي إلى هيام غطاس غناء وعزفا على الكمنجة الكهربائية، إلى إلياس بلاقي على البيانو وفرحات الطيب (باص) ومحمد أمين حلوان غناء وعزفا على القيتار والثنائي معتز ومخلص عويتني (إيقاع). خلطة غربية عجيبة، أضفاها الجزيري بجمعه لهذه الآلات الموسيقية الغربية، في عرض لموسيقى المالوف، فلا تكاد تتعرف سوى على بعض الأغاني، ك«اليف يا سلطاني» و«الكون» و«انظر إلى النواعر» و«ما سبى عقلي»، إلى جانب بقية أغاني البرنامج المتكون من 23 قطعة أولها «املأ واسقي» وآخرها «بدا بقدّ» وأغاني أخرى كالخلاعة تعجبني» و«آه من غرامي» و«من النوى»... الخلطة السحرية للمخرج المخضرم فاضل الجزيري، حاولت أن تجعل من «عربون 2» عرضا فرجويا يحتوي كل مكونات الفرجة، أو أغلبها من تمثيل في إشارة إلى المسرح إلى موسيقى وعزف، بروح شبابية وبلباس شبابي، افتقد إلى «الروح» أو النكهة، وإلى الخصوصية، ولم يشفع تميز العازفين للعرض بأن يكون تحفة فنية مميزة ومتفردة، بل كان عرضا متمرّدا على الموجود دون قيود.