لا يَكاد يمضي يوم واحد دون أن تُتحفنا الكرة التونسية بنوادر جديدة. وتكمن آخر العَجائب والغَرائب في تواجد أحد نوّاب الشعب الكرام في أستوديوهات التحليل الفني. وهذا النائب / المُحلّل هو الدكتور الصّادق قحبيش. والحقيقة أن ظهور هذا النائب في أحد البرامج الرياضية الإذاعية هو تكملة لمُسلسل المَهازل التي يَعرفها مجال التحليل الفني. فقد أصبح مألوفا أن نُشاهد في برامجنا التلفزية ونَستمتع في حِصصنا الإذاعية إلى تَحاليل وكلاء اللاعبين الذين يُحاولون عبثا إخفاء صِفة «الوسيط» ويُقدّمون أنفسهم في ثوب المُحلّلين أوالمدربين أوال»كَوارجية» السّابقين. وقد تطول عملية إحصاء الأسماء التي تمتهن التحليل ولديها في الوقت نفسه أنشطة مُعلنة أومسكوت عنها في تَسويق اللاعبين وسنكتفي بإستحضار اسمين قفزا إلى الأذهان بطريقة تِلقائية وهما أنيس بوجلبان والمنجي بن ابراهيم. وقد أصبح عاديا أيضا أن نُشاهد مدربي المنتخبات الوطنية وهم يَحتلّون القنوات القطرية ويُحلّلون مُباريات البطولة التونسية عن بُعد وبأجر معلوم. ويَحدث هذا وسط ذُهول الجماهير الرياضية وعلى مرأى ومسمع الجامعة التي ما كان لها أن تسمح بمِثل هذا التجاوز الخطير والمُسيء لصُورة المُنتخبات. ومن المعروف أن هذه «البِدعة» وُلدت مع مدربنا الوطني السّابق نبيل معلول ليقتفي البقية أثره وقد كان مدرب حراس منتخب الأواسط حمدي القصراوي آخر اللاّعبين على الحَبلين: العَمل في الجامعة والتحليل في «الدّوحة». وبالعَودة إلى حَضرة النائب / المُحلّل نَعتقد أن قبّة البرلمان هي الأولى بمَجهوداته والأضمن لهَيبته ووقاره كمسؤول سياسي فَوّضه الشّعب للدفاع عن مَشاكل ومَشاغل النّاس على المُستويين الجهوي والوطني. وقد يكون من الأفضل لدكتور مِثله أن يَتفرّغ كُليا لمَهامه الوطنية ويُقاطع من تِلقاء نفسه الأستوديوهات التحليلية حِفاظا على رفعة منصبه وتَفاديا للتّشويش على ذهن المُتلقي. ونَعرف أن الصّادق قحبيش مُتعلّق كثيرا بالكرة لكن المسؤولية مُلقاة عليه الآن تجعله أمام حتمية الإنصراف إلى مهمّته الجديدة والتي من المفروض أن تفسح له المجال ليُفيد الرياضة التونسية من موقع آخر بل أنه يقف أمام فرصة تاريخية للمُساهمة في النهوض بالقطاع عبر التشريعات التي من المفروض أن تُعرض على البَرلمان. كما أن الصّادق قحبيش لن يفتقد إلى أجواء الكرة في منصبه الجديد خاصّة أنه سيجد «فيراجا» بأكمله تحت قبة باردو في ظل وجود رضا شرف الدين وحسين جنيح والمهدي بن غربية ومنير البلطي وكمال الحمزاوي ووليد جلاد... وغيرهم من الوجوه الرياضية المشكوك للأمانة في قدرتها على إفادتنا لا في السياسة ولا حتى في الرياضة.