تعيش تونس على وقع الانتخابات التشريعية والرئاسية. وقد كشفت جلّ الحملات والبرامج التي تقدّم بها المُترشّحون عن التَهميش الكبير للشأن الرياضي. ولن نُبالغ في شيء إذا قلنا إن الرياضة كانت من القضايا المَنسية في الوعود الانتخابية للمُترشحين الذين قدّموا لنا «نظريات» سابقة لعَصرها حول الأمن القومي ومِنوال التَنمية و»الحَرب» المَزعومة على الفَساد وحتى عن المقرونة على اختلاف أنواعها وأشكالها. أمّا الرياضة فقد كانت من المسائل الهَامشية والتي لا أثر لها في البرامج الانتخابية. والغريب أنه لا يكاد حِزب سياسي واحد يخلو من النجوم الرياضية التي وقع استقطابها من أجل استثمار صُورتها وشعبيتها في كسب الأصوات وتَوجيه الناخبين. وقد شهدت اللّعبة الانتخابية حُضورا كبيرا ولافتا للمسؤولين الرياضيين وال»كَوارجية» وحتى أبطال الجيدو مثل الونيفي وحشيشة ومع ذلك فإن قطاع الرياضة والشباب تعرّض إلى «التقزيم» وكان غائبا عن الأذهان. والطريف في الأمر أن العديد من الأحزاب السياسية «استولت» على القاعات الرياضية لإطلاق وعودها الانتخابية دون أن تُقدّر هذا المجال حقّ قدره. وهُناك شبه اجماع على تهميش الرياضة في السباق نحو قبة باردو وقصر قرطاج الذي كثيرا ما وظّف أصحابه الانجازات الرياضية لأبطالنا وبطلاتنا في الألعاب الفردية والجماعية لتلميع صُورة النظام ويكفي أن نستحضر في هذا السّياق القمّودي والملولي ومنتخب 78 وفريق كرة السلة... إن تهميش الرياضة في برامج المترشحين حقيقة ثابتة ولا تقبل النفي. والأمل كلّه أن يُصحّح الحكّام الجُدد لتونس الأمور ويُعيدوا لهذا القطاع الحيوي الاعتبار بمجرّد تسلّم القيادة وضبط التركيبة النهائية للرئاسيات الثلاث (البرلمان - رئاسة الجمهورية - الحكومة). ومن الضروري أن تكون الطبقة السياسية واعية بأهمية القطاع الرياضي والشبابي. وقد لا نحتاج إلى التذكير بدور هذا المجال في تشغيل مئات العائلات التونسية ولاشك في أن الكثيرين كان سيَنهشهم الفقر لولا تواجد أبنائهم وبناتهم في دنيا الرياضة التي لها أيضا العديد من الفوائد الصحية والتجارية والترفيهية فضلا عن المُساهمة في مُكافحة التطرّف والإرهاب وهو أحد أكبر أعداء تونس ما بعد الثّورة. ويذهب البعض أبعد من ذلك ليُؤكدوا أن الرياضة تُعدّ من المقاييس الأساسية لتحديد مدى تحضّر وتقدّم الأمم وتُشكّل المكاسب المُنجزة في الألعاب الأولمبية عيّنة نموذجية لإثبات صحّة هذه النظرية. إنّ الرّهان كبير على الحكام الجدد لوضع الاستراتيجيات وسنّ التشريعات الكفيلة بالنُهوض بقطاعي الشباب والرياضة. ونعتقد أن الإصلاحات تبدأ بتعيين وزير أوزيرة من أصحاب الكفاءات الكبيرة والخبيرة أيضا بالمجال هذا بعد أن كانت الدولة قد سلّمت هذه الحَقيبة إلى أسماء فاقدة لأدنى الشروط المطلوبة. قطاع الشباب والرياضة يحتاج إلى تشريعات جديدة ووزير قوي وغير مُتحزّب وله أيضا القدرة على معالجة كل الملفات العالقة بداية بالمنشآت الرياضية والتمويل وُصولا إلى التشغيل حيث أكدت احصائيات المرصد الوطني للرياضة بأن عدد العاطلين في هذا القطاع يُقدّر ب 8 آلاف شاب يعيش على الأمل وهو قائم رغم الشكوك التي تحوم حول الحكّام المُرتقبين للبلاد.