تونس (الشروق) حوالي 40 يوما مرّت على مباشرة رئيس الجمهورية قيس سعيد مهامه دون أن يؤدي زيارته الخارجية الأولى بعد أن كان وعد يوم اعلان انتخابه رسميا بان تكون الجزائر وجهته الأولى وكذلك ليبيا. خلال مشاركته في المناظرة التلفزية للانتخابات الرئاسية ومنذ اعلان فوزه في الدور الاول من الانتخابات، سُئل رئيس الجمهورية قيس سعيد عن وجهته الاولى ضمن برنامج زياراته إلى الخارج فذكر الجزائر وليبيا معتبرا ان مصير تونس يرتبط بدول الجوار. غير أن ذلك لم يحصل إلى حد الآن ما دفع بالملاحظين إلى التساؤل عن أسباب ذلك وعموما عن أسباب عدم قيامه إلى حدّ الآن بزيارة خارجية نحو أية وجهة أخرى. تقليد تقليد مبادرة رئيس الجمهورية بأداء زيارة إلى دولة أجنبية بعد وقت قصير من توليه مهامه عاشه التونسيون مع الرئيسين السابقين منصف المرزوقي والراحل الباجي قائد السبسي. فالمرزوقي تسلم مقاليد الرئاسة يوم 13 ديسمبر 2011 وبعد ذلك بحوالي 20 يوما وتحديدا يوم 2 جانفي 2012 أدى أول زيارة الى ليبيا والتقى آنذاك رئيس المجلس الوطني ورئيس الحكومة . أما قائد السبسي فقد باشر مهامه يوم 1جانفي 2015 وبعد ذلك بأقل من شهر أي يوم 28 جانفي 2015 أدى أول زيارة إلى أديس أبابا ( أثيوبيا) للمشاركة في القمة الافريقية 24. وبعد ذلك بأيام وتحديدا يومي 4 و 5 فيفري 2019 أدى زيارة إلى الجزائر والتقى مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول عبد المالك سلال ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح. وعادة ما يبادر رؤساء وقاد الدول حال مباشرتهم مهامهم الى هذا التقليد للتعبير عن توجهات ما أو عن الارتباط الوثيق بدولة ما. غموض هذا التأخر من قيس سعيد في أداء زيارة إلى الخارج يُحيط به شيء من الغموض لا سيما غموض «ميولاته» الاستراتيجية على مستوى العلاقات الدولية والتي ستكون مُحددا في ما بعد لمجمل الزيارات التي سيؤديها الى الخارج. ويقول المختصون إن تونس لها تقاليدها في مجال العلاقات الدولية والتي لا يمكن اضعافها أو التخلي عنها وخاصة من حيث التعاون الاقتصادي وجذور التقارب الاجتماعية والتقارب الجغرافي والبعدين العربي والافريقي والاسلامي. وكانت إقالة وزير الخارجية خميس الجهيناوي قد ربطها البعض بامكانية ادخال قيس سعيد بعض التغييرات على تقاليد جانب من العلاقات التونسية مع الخارج وهو ما قد يكون محددا للزيارات التي سيؤديها إلى الخارج. زيارة الجزائر هذا الغموض تزايد بالخصوص بعد أن تأخرت الزيارة الأولى التي وعد بها قيس سعيد إلى الجزائر وعوّضتها زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى القطر الشقيق منذ أكثر من أسبوعين. كما أن الزيارة التي أداها الشاهد إلى فرنسا وكذلك إلى إيطاليا مُحمّلا برسالتين من قيس سعيد الى الرئيسين الفرنسي والإيطالي لم تخرج عن دائرة التساؤلات. وقد تردد مباشرة بعد اعلان نتائج الانتخابات ان قيس سعيد تلقى عديد الدعوات من رؤساء دول لأداء زيارات خارجية لكن لم يتضح في ما بعد ان كان سيستجيب لها في اقرب وقت ام لا. كما سبق ان نفى مصدر من رئاسة الجمهورية ترتيب زيارات خارجية لرئيس الجمهورية في الوقت الحالي مؤكدا أن الوضع الداخلي في الوقت الحاضر يتطلب اعطاءه الاولوية أكثر من الشأن الخارجي. عموما، تبقى العلاقات الخارجية من الركائز الأساسية للحُكّام في مختلف دول العالم بحكم ارتباطها بمصالح اقتصادية وسياسية وبتوازنات جيوسياسية وغيرها ولا يمكن بالتالي التغاضي عنها من أي دولة مهما كان حجمها الاقتصادي او نظامها السياسي . وبالنسبة لتونس يبقى التقليد الديبلوماسي الذي أرساه الزعيم بورقيبة القائم على مبادئ الحياد والاحترام المتبادل بين الدول والمعاملة بالمثل وعدم التدخل في شؤون الدول ضروريا بالنظر إلى عدة اعتبارات.