زيارة العمل التي اداها الى تونسوالجزائر الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي في اول جولة له خارج أوروبا تؤكد حرص باريس على تفعيل العلاقات بينها وبين شركائها التقليدين بدءا من دول المغرب العربي التي لا تزال فرنسا شريكها الاقتصادي والتجاري الاول .. وبصرف النظر عن بعض الملفات السياسية والامنية التي تثار في مثل هذه الزيارات والقمم خاصة منذ تزايد الهاجس الامني في أوروبا بعد هجمات 11سبتمبر وتفجيرات قطارات مدريد ولندن.. فان الاهم يبقى البعد الاقتصادي للزيارة وللمشاريع ذات الصبغة السياسية التي قدمت ومنها المشروع الفرنسي حول بناء اتحاد متوسطي يجمع دول أوروبا الجنوبية والدول العربية المطلة على البحر الابيض المتوسط زائد تركيا واسرائيل .. ان تصريح الرئيس الفرنسي ل«الصباح» كشف الابعاد الهيكلية للعلاقات الثنائية لا سيما من خلال اعلانه ان حوالي 600 الف تونسي وتونسية يقيمون بصفة دائمة بفرنسا ثلثهم من بين حاملي الجنسية المزدوجة.. ونفس الظاهرة تشمل الشقيقتين الجزائر والمغرب اذ يوجد ملايين الفرنسيين من بين حاملي جنسيات مغاربية مثلما تكشفه مؤشرات عديدة منها انتشار هؤلاء «الفرنسيين المغاربيين» ورفاقهم «المهاجرين» في جل المدن والقرى الفرنسية وليس في باريس فقط.. وبفضل عائدات هؤلاء المهاجرين تضمن الدول المغاربية احد اهم مواردها من العملات الاجنبية .. هذه المعطيات تؤكد حاجة الطرفين الفرنسي والمغاربي الى تفعيل العلاقات الاقتصادية ثنائيا وفي سياقات مختلفة.. مع استخدام اوراق العواصم المغاربية الكثيرة لحث باريس على ترفيع قيمة استثماراتها الخارجية المباشرة جنوبي المتوسط لأنها حاليا هزيلة جدا.. وهي اقل من 1 بالمائة من مجموع استثماراتها الخارجية.. وهو رقم لا يواكب ما تحقق بين شعوب الضفتين من تقارب وتواصل وعلاقات ثقافية وانسانية ومصاهرة.. لان الشراكة الاقتصادية ليست مجرد شبكات سياحية ومعاهدات مشروطة لتصدير بعض العمال والموظفين المختصين.. لقد حان الوقت لاعادة النظر في فلسفة الشراكة الاقتصادية ومرجعياتها وأسسها.. حتى تتحمل فرنسا ودول الجنوب مسؤوليتها التاريخية في محو مخلفات الاستعمار.. والرئيس الفرنسي الجديد مؤهل لطي صفحة الماضي لأنه من جيل لم يواكب صراعات المرحلة الاستعمارية وما حف بمرحلة العقود الماضية من مناورات.