الجامعة العامة للصناعات الغذائية والسياحة تقرر تنفيذ إضراب عام قطاعي    عاجل/ حكم جديد بالسجن ضد الغنوشي: النهضة تصدر بيانا وتكشف..    توزر: قريبا اطلاق طلب العروض لقسط أول من مركز تربصات رياضية وقسط أول من مضمار اصطناعي لألعاب القوى    المعهد العالي لعلوم وتقنيات المياه بقابس يحتفي بالذكرى 20 لتاسيسه يوم 25 نوفمبر الجاري    الدورة العاشرة لمعرض تحف وهدايا آخر السنة من 16 الى 25 ديسمبر 2025 بفضاء دار نابل    مشروع منظومة مندمجة لإعلام المسافرين على شركات النقل في مرحلة طلب العروض-وزارة النقل-    عاجل/ الجزائر: حرائق غابات قرب العاصمة وإجلاء عشرات العائلات    بطولة الرابطة الاولى : برنامج مباريات الجولة الخامسة عشرة    تصفيات كاس العالم 2026: مبابي يغيب عن مواجهة فرنسا ضد أذربيجان    حالة الطقس هذه الليلة    فرنسا.. مقتل مسلح بسكين في محطة قطارات مونبارناس بالعاصمة باريس    عاجل/ الصحة العالمية تكشف عن أخطر مرض مُعد والأكثر فتكا في العالم    حقوق المؤلفين في عصر الذكاء الاصطناعي محور ورشة في الشارقة للكتاب    الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية: تكريمات وتتويجات لشخصيات ثقافية كرست حياتها للفن    الكاف: انطلاق الدورة الرابعة من تظاهرة احتفائية الرواية التونسية تحت عنوان "الرواية الواقعية: مداخل ونماذج"    للتوانسة: حاجات تنجّم تخزّنهم توّا لشهر رمضان    عاجل: إمكانية اجراء تغييرات كبيرة في تشكيلة المنتخب أمام الأردن    صابة التمور: توفير مخازن تبريد للفلاحين بهذه الولاية..#خبر_عاجل    مدنين: جلسة تاسيسية لبعث اول شركة اهلية محلية نسائية في الصناعات التقليدية ببن قردان    عاجل/ الأجراء والمتقاعدون مدعوّون للتصريح بالمداخيل قبل هذا الأجل    قابس: تعرض12 تلميذا الى الاختناق واحتقان في صفوف الأهالي    عاجل: أمطار غزيرة وبرد يضربوا كل مناطق هذه البلاد العربية اليوم!    الصين تندد بموافقة أمريكا على صفقة أسلحة لتايوان    الإفتاء الفلسطينية: إحراق مسجد في الضفة الغربية "جريمة نكراء"    هيئة البث: مسودة قرار أميركي تدفع نحو إقامة دولة فلسطينية    إنطلاقا من 20 نوفمبر مهرجان غزة لسينما الطفل في جميع مدن ومخيمات قطاع غزة    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    يتسللان الى منزل طالبة ويسرقان حاسوب..    يوم صحي متعدد الاختصاصات يوم الخميس 20 نوفمبر بالمكتبة الجهوية بقابس    آبل تطلق جواز السفر الرقمي...    عاجل: وزارة التربية تفتح مناظرة نارية...فرص محدودة    ردّا على برنامج أيام قرطاج المسرحية: الجمعيّة التّونسيّة للنّقّاد المسرحيّين غاضبة    رشفة واحدة ليلاً قد تكلفك صحتك: كوب الماء بجانب السرير خطر صامت!    إيصالات التسوق قاتلة بصمت: مواد كيميائية تهدد صحتك!    السكّر كيف يطيح ينجّم يتسبّب في الموت...كيفاش؟    عاجل/ وزير أملاك الدولة يكشف عدد العقارات التابعة للأجانب التي سويت وضعيتها..    عاجل/ ديوان الزيت يعلن عن موعد انطلاق قبول زيت الزيتون من الفلاحين..    سفارة تونس ببلجيكا تنظم تظاهرة ترويحية للتعريف بأهمية زيت الزيتون التونسي    الكاف : إفتتاح موسم جني الزيتون    7 سنوات سجناً لشاب ابتزّ فتاة ونشر صورها وفيديوهات خاصة    نابل: 2940 زيارة مراقبة خلال الشهرين الاخيرين تسفر عن رصد 1070 مخالفة اقتصادية    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الأردني    الرابطة الأولى: تعزيز جديد في صفوف الترجي الرياضي    محرز الغنوشي: عودة منتظرة للغيث النافع الأسبوع القادم    عاجل/ "الأونروا" تطلق صيحة فزع حول الوضع في غزة..    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    وزير البيئة: 10 آلاف طن نفايات يوميا وتجربة لإنتاج الكهرباء منها    تصفيات مونديال 2026 : إيطاليا تنتظر للحظات الأخيرة لتفوز 2-صفر في مولدوفا    وفاة محمد صبري نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 26 للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية    رونالدو يرتكب المحظور والبرتغال تتكبد خسارة قاسية تهدد تأهلها المباشر إلى مونديال 2026    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    حالة الطقس هذه الليلة    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمزية البيت في «ما لا تقدر عليه الريح» لفاطمة بن محمود (2 2)
نشر في الشروق يوم 05 - 12 - 2019


تقول :
«لأوّل مرّة أرى سجنا
يسع الفراشات
والأطفال والأشجار والمدن .
أرى سجنا فسيحا
بحجم الوطن ؟ «
وبخيالها المجنح عاليا نجدها تسعى نحو الحرية وترسمها في شكل حمامة على الورقة ثم ترسم نافذة مفتوحة ولا تدرك أنها مكنت الحرية من الفرار من نفس النافذة فتقول :
« في كلّ مرّة
فكرت أن أرسم الحرية
في شكل حمامة .
يتلاشى الرسم تماما من الورقة
ثم انتبهت أنّي
رسمت على نفس الصفحة
نافذة مفتوحة ...»
وتتعدد المواقف والأحداث والشاعرة صامدة ولكنها تئنّ في صمت كما المسمار. وقد كتبت في صفحة 19 :
« يبتهج المتفرّجون
للوحة المعلقة على الجدار.
ولا أحد يرأف
بأنين المسمار»
وغير بعيد في صفحة 37 تقف صامدة أيضا في وجه الحبيب الذي قرر الرحيل وتتظاهر بعدم الإعتراض على قراره فتقول :
« أنت سترحل إذن
لا بأس ...
لا أعترض على ما يقوله الملك .
أنت مصرّ على الرحيل .
هولك أيها الإله...
فقطْ اقتلعْ صوتك اللاصق في شقوق ذاكرتي...
التقطْ كلّ صورك المعششة في مغاور قلبي ...
خذْ اسمك النابت على طرف لساني
وارحلْ بعيدا ... بعيدا.
بحيث لا تتعثر بظلك رجلي «
ودائما أثناء مواجهتها هذا (الأحد أولا أحد) الذي يراها سيدة يليق بها الوقار والكبرياء وهولا يعلم أنها في الحقيقة طفلة مشاغبة عنيدة جدا أحيانا وأنها امرأة تركها حبيبها للأرق وشاعرة فاشلة تعلق أحلامها على الأشجار في أغلب الأحيان .
وهي التي تريد أن ترتب الأيام كما تشتهي وتنسى أن أمامها ريح تداعب الشجر ثم تستل أوراقها من أغصانها لتعبث بها كيفما تشاء . وكذلك تريد أن ترسم هذا الوطن الكبير في شكل زهرة لتغرسها بتحد في قلب هذه الريح المخاتلة. وهي القادرة على ما لا تقدر عليه الريح ينتابها يأس فظيع حتى أنها ترغب في عرض قلبها الذي لا يشبه قلب الريح في سوق الخردوات علها تجلب انتباه هذا ( الأحد أولاأحد) فيحن عليها ويشتري قلبها .
وفي غمار صراعها في هذا البيت الغريب نجدها وحيدة وسط الأمواج وقد لا تصمد طويلا وربما تتهاوى نحوالقاع ولكنها رغم هول المرحلة لا تشعر بالخوف وتصمد أكثر . وعلى خلاف كل النساء نراها تستلذ الإنتظار وتتلهى بغياب ذاك (الأحد أولاأحد) وتستدرج الى طاولتها أجمل الكلمات .وكي تشعل نار الغيرة في هذا الحبيب الخفي تنتظره قليلا فقط ثم تتلهى برجال آخرين وتستمتع بتزاحمهم على كرسيه الفارغ وهي على يقين بأن هذا الكرسي لن يملأه أحد غيره .
وقد يستمر الصراع عنيفا بين الرياح العاتية وبيت الشاعرة العجيب . فنراها تقول في صفحة 98 :
« قطرات المطر تتساقط
من السقف ...
والبيت يبكي صاحبه .»
ثم لا تلبث أن تقول في نفس الصفحة :
«كلما حركت الريح أغصان الشجرة
ظن الغريب
أن الشجرة تحييه».
وللتأكيد على أن بيت الشاعرة ليس كما قال الشاعر أولاد أحمد (الريح آتية وبيوتهم قش..) هوبيت مختلف قوامه كلمات ليست كالكلمات حتى أنها في صفحة 71 نجدها كتبت :
« الصبية في البيت
تركت شعرها ينساب بحرية
وشدت أثناء حملة التنظيف
طرف فستانها في سروالها الداخلي .
كان أجدر بها أن تدخل قصيدتي
لترتاح قليلا ...»
وهو نوع من التحدي في حالتين مختلفتين . تحدي الصبية في ابراز مفاتنها لغاية الإغراء من خلال شد طرف فستانها في سروالها الداخلي . وكذلك تحدي الشاعرة في فرض قصيدتها حتى تدخل الى هذا البيت طلبا للراحة .
والشاعرة فاطمة بن محمود في ثنايا هذه المجموعة نجدها تغامر بحثا عن الجديد وأظنها نجحت في معانقة الإبداع الحق والجمالية الفاتنة في تزامن الإيقاعية بالسردية وهي في اعتقادي تلك المفارقة الفنية التي لاحظناها في ختام كل نص كقفلة صادمة في أغلب الأحيان وهي التي قادتنا إلى حيث تريد الشاعرة في بيتها المتفرد . وهنا تكمن فاعلية هذا (البيت) افتنانا واختبارا.وكذلك تنكشف رمزيته في (ما لا تقدر عليه الريح ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.