محكمتنا الدستورية ، هذا المهدي المنتظر لمحكمتنا الدستورية 12 عضو ، يختارون هكذا على التوالي : - 4 اعضاء ينتخبهم البرلمان ، - ثم 4 أعضاء ينتخبهم المجلس الأعلى للقضاء ، - ثم 4 أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية ... من الاربع الأول، وقفنا في الزنقة... لم يقدر البرلمان على اختيارهم رغم كثير الجلسات و عديد التصويتات و محاولات التوافق و الكمبنة... التركيبة كما ترون مسيسة ، و ربما لم يكن من الممكن إيجاد طريقة أخرى لاختيار الأعضاء ... كان على مصمم الزي ان يختار للجسم زيا يتناسب معه... الاكتفاء بدائرة دستورية من محكمة التعقيب كان كافيا ... اقل تعقيدا و اقل انفاقا و اقل تسييسا ... لكن هذا ما حصل ، و لم تتركب المحكمة إلى اليوم ... ربما لن ترى المحكمة الدستورية النور ابدا ... الولادة عسيرة على اية حال ... و ليست ولادة طبيعية .. بل يخشى على المولود أن يأتي مشوها ... أنا أشفق فعلا على قضاة المحكمة إن كتب لهم التعيين ...كيف يقدرون التحلّل من جبتهم السياسية و الوقوف إلى جانب القانون و قول الحق في قضايا صعبة خلفياتها سياسية و الأطراف فيها متناقضون متناحرون ! السياسيون يعرفون الان ان الدستور كله تناقض و ابهام ... عوض تبديل الدستور لإنهاء المعركة ، يريدون جهازا آخر يعينهم على كسب المعركة ... سوف يحرجون القضاة لاحقا ... و سوف يُفقِدون المحكمة مصداقيتها كما أفقدوا مصداقية كل الأجهزة الدستورية السابقة : البرلمان و الحكومة و رئاسة الجمهورية و اغلب الهيئات المستقلة ... هذه المحكمة لن تكون محكمة ... لن تقول الحق مهما حاول اعضاؤها الترفّع عن ترشيحهم الحزبي ... سوف نرى فيها ما نراه الان من خصام داخل المجلس ... و بين المجلس و رئاسة الجمهورية ...و في المشهد السياسي عموما ... أسئلة متناثرة ... فأنا سئمت ترتيب الأفكار و الرد... هل يقبل رئيس الجمهورية ختم القانون الحالي ! ما العمل إذا رفض الرئيس ختم القانون ! صاح من صاح و سكت من سكت حول الاختصاص المقيد ... هل يرفض لاحقا تعيين منابه من الأعضاء لتعطيل التركيبة ؟ هل صحيح أن بعض الأحزاب يسارعون بإحداث المحكمة لفك القيود عن تحكمهم في البرلمان، و فرض تفسيرات على رئيس الجمهورية ! هل صحيح أن تيسير إجراءات تعيين الأعضاء هو لتركيز المحكمة في أقرب وقت للحد من صلاحيات رئيس الجمهورية... من ذلك تجاوز كل رفض للختم و لقبول اليمين ... و لتمرير التركيبة الوزارية المعلقة منذ مدة ! هل صحيح أن الاحزاب غير المدنية تنوي إستغلال الغموض التي تعمدته هي في الدستور لإرجاع الشريعة الاسلامية من الباب الخلفي و تفسير القوانين كما تريد و إضفاء الدستورية على قرارات محاكم اعتبرت ان الشريعة الإسلامية سند دستوري يطبق مباشرة يعلو القوانين و يعلو المعاهدات الدولية و هكذا رويدا رويدا تغليب أحكام الشريعة في مجالات حساسة مثل حقوق المرأة و مسائل الارث و التبني و شؤون الأسرة و ربما المعاملات... هذه الحقوق التي هي فخر العهد الجميل الذي تسميه الاحزاب الدينية العهد البائد ؟ ألم يحكم قضاة في 2018 ان غير المسلمة المتزوجة من مسلم لا يحق لها الإرث !!! و ربما يوما ما لن تدفن في مقابر إسلامية!!! هل صحيح - و هذا الأخطر ، ان تسريع المحكمة هو لعزل قيس سعيد عن رئاسة الجمهورية ... فللمحكمة الدور الاساسي، اذ وحدها تقدر الخطأ الموجب للعزل و تضفي الشرعية على العزل في أعين الجميع في الداخل و الخارج ... ما حاجتنا بمحكمة دستورية لن تحل النزاعات السياسية ! ... لمذا نؤسس لمحكمة مهيئة لتأجيج النزاعات مهما كان حسن نية الأعضاء! هل نحن في حاجة إلى هذا المهدي المنتظَر ! اتركوه ينتظِر ... و اذا نظرنا إلى الغد القريب ، عند اول إنتخابات تتغير فيها الأغلبية و تصبح المحكمة مرآة الاقلية ،ألن تصبح المحكمة أداة خطيرة لتعطيل إضافي ! لكن لماذا كل هذا؟ أين هموم الناس من هذه الصراعات ؟ و الكوفيد ينشر الرعب ...اصبحا ننتظر طائرات المعونات ... نركض وراء الديون و نخاف من الشيك الأول الذي يرجع دون خلاص ... مرتبات الموظفين كل شهر بشهره ... اليأس يعم الناس و الكراهية تزداد ... الشباب يهرب إلى الخارج ... و العنف يعلو كل يوم درجة... هل هذا الدستور يستحق ليبقى ؟؟ لماذا العناد و رفض التعديل... إلى متى تتحمل الدولة هذا الداء الذي ينخرها ؟؟ كلفة الدستور السيء كبيرة جدا جدا ...