وأنت تشرع بدخول سامراء، تلك المدينة التي اتخذت عاصمة للخلافة العباسية ردحا من الزمن، ستغمرك الأصداء الحية التي تنبعث من هيبة اثارها وشواخصها المقدسة وخصوصا الروضة العسكرية المطهرة التي ستبهرك قبتها الذهبية المهيبة التي تعد من أكبر قباب الأئمة في العالم الاسلامي، ويبلغ محيطها (68) مترا، بقطعها الذهبية البالغة اثنين وسبعين ألف قطعة. وكذلك منارتيها الذهبيتين اللتين يبلغ ارتفاعهما (36 مترا). والروضة العسكرية تضم قبري الامامين علي الهادي بن محمد الجواد المتوفى سنة 254ه 868م، وابنه الحسن العسكري المتوفى سنة 260 ه 874م والذي دفن الى جوار أبيه، ويضم المشهد ايضا قبر السيدة حكيمة بنت الجواد عمة الحسن العسكري وزوجته السيدة نرجس وهي أم الامام المهدي. والقبة المهيبة التي المعنا اليها قبل قليل كان قد شيدها ناصر الدولة الحمداني سنة 333ه 945م، على الضريحين الشريفين وسورهما بسور متين، ثم ابدل الخليفة العباسي المستنصر بالله صندوق القبر بصندوق من خشب الساج، وعمر الروضة والسياج، ثم أضاف الخليفة الناصر لدين الله اضافات عمرانية الى القبة والمنائر، وقد توالت العناية بهذا المشهد في مختلف العصور الى ان جدد بناؤه في حدود سنة 1200 ه 1785م، وهو البناء الجميل القائم الآن بنقوشه البديعة وزخرفته الاسلامية التي تناظر مثيلاتها في مراقد الأئمة الكرام. ومدينة سامراء التي تحتضن الروضة العسكرية، تقع في محافظة صلاح الدين وتبعد مسافة 124 كلم عن بغداد، وهي مدينة مشيدة على اطلال مدينة (سرّ من رأى) القديمة التي أسسها الخليفة العباسي المعتصم بالله سنة 221 ه 836م.